باق رغم الغياب.. القرّاء يتتبعون أثر السلطان قابوس بجناح سلطة عمان في معرض القاهرة للكتاب | صور
يقولون إن المرء إذا ما غيبه شبح الموت وحالت الأقدار دون بقائه بالحياة وسط من يحبونه ويحبهم، تظل هناك إمكانية لمد أثره وتخليده حتى وإن غاب جسده وصوته عن المشهد، ربما إذا كان يستحق ذلك، إذا نجح في أن يترك أثرا وبصمة بعد رحيله لا يمكن أن تمحيها أيام وسنوات غيابه.
هكذا كان الحضور الطاغي والمكتمل للسلطان قابوس بن سعيد بعد رحيله بأكثر من أسبوعين، ففي جناح وزارتي الإعلام والتراث والثقافة العمانية، في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ٥١، كان هناك رسالة توديع بطريقة خاصة للسلطان الراحل قابوس بن سعيد.
"الناشرين العرب" يقر تعديلات قانون الأساس بمعرض الكتاب| صور
كتاب "خطابات السلطان قابوس" و "سلطان حاكم أم صاحب رسالة" و "صحفيون في بلاط صاحبة الجلالة لقاءات صحفية مع السلطان"، دواوين شعرية في حب السلطان، وغير ذلك من الكتب التي تجاوز عددها العشرين كتاب، جميعها يحمل عنوانها اسم السلطان قابوس، أو ديوان شعري ممهمور بعبارة ثابتة على معظم الأعمال المتواجدة هناك "جائزة السلطان قابوس بن سعيد للثقافة والفنون"، في كل ركن من أركان الجناح المنقسمة إلى وحدات منفصلة محال الا تجد للسلطان موقعا به.
نصف ابتسامة ووجه نحيل وبشرة سمراء، العمامة متعددة الألوان والنظرة الثاقبة، عبارات الثناء والشكر على صانع النهضة الحديثة في السلطنة، جميعها علامات تخبرك أنه هناك شطرا كبيرا من حياة هذا الرجل الذي تولى حكم البلاد منذ عام ١٩٧٠ حتى رحيله في العاشر من يناير ٢٠٢٠.
البعض يأتي متجها إلى محمود أبو زيد مسئول العرض بوزارة الإعلام العمانية، يقدم التعازي في جلالة السلطان ثم يبحث ويتتبع أي أثر له "الكتب هنا للعرض فقط، لكن منذ اليوم الأول للمعرض الناس خاصة المصريين على وجه التحديد يحبون السلطان كثيرا، يأتون خصيصا يقدمون التعازي فيه ويخبروننا كم كانوا يحبونه، الكثير منهم كان يعمل في عمان فترة من الزمن، بعضهم كان طفلا صغيرا وسافر إلى هناك رفقة والده، يريدون معرفة المزيد عن السلطان، بات شغل المصريين الشاغل بعد وفاته أكثر مما كان عليه من قبل".
شغف المصريين لاحق جلالة السلطان عقب وفاته، يأتي الكثيرون إلى الجناح وفقا لما يؤكده أبو زيد يريدون كتب عن حياته أو تطويره للسلطنة، كتب توضح أبرز الحوارات التي أجريت معه على مدار فترة حكمه كاملة، "نقول لهم في نهاية المعرض يمكنهم أن يأتوا لشراء كل ما يحتاجونه حول السلطان والسلطنة".
منذ عشرين عاما كانت المرة الأولى التي يتم تخصيص جناح للسلطنة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، كان اهتمام المصريين ينصب حول الأدب والفقه والتاريخ العماني، "معرض القاهرة للكتاب من أكبر معارض الشرق الأوسط، لذلك نكون حريصين على التواجد به دائما، ولكن هذا العام كان اهتمام المعظم بالسلطان أكثر من المملكة بكثير، بالرغم من حب المصريين الشديد له، إلا أن الكثير منهم لا يعلمون أنه الكثير، ازداد الشغف بكشف تفاصيل حكمه أكثر بعد أن فارقنا، بالرغم من أن جميع هذه الطبعات المتواجدة فوق الارفف أمامنا أصدرت قبل وفاته بفترة كبيرة".
رحل هو وبقيت هي تحكي سيرة رجل سعى جاهدا نحو حلم واحد وعلى مدار حوالي خمسة عقود حول هذا الحلم إلى واقع ملموس وحياة مكتملة وصالحة لمن سوف يأتون بعده ربما بعشرات السنين.