رئيس التحرير
عصام كامل

التسريب الثالث وهو الأخطر!


تتوالى التسريبات إلى الصحافة الأمريكية، ومن الصحافة الأمريكية، لليوم العاشر على التوالي تقريبا، وكلها عن منطقة الحرائق في العالم، أي منطقتنا الموبوءة بنا وبالأمريكان والأتراك والعملاء..


فبعد التسريب الأول عن رفض واشنطن لصفقة السوخوى 35 بين روسيا والقاهرة بقيمة ٢ مليار دولار، وتحذير البنتاجون والخارجية الأمريكية من إتمام شراء الطائرات المتفوقة على الـ F 35، وبعد التسريب الثانى عن ضلوع الحكومة العراقية في فساد وإذعان للحرس الثورى الإيراني، وتبين الآن أن التسريب أمريكي أكثر منه إيرانيا من داخل المخابرات الإيرانية بزعم وجود انقسام داخلها، بعد هذين التسريبين يأتى التسريب الثالث.. وهو منسوب هذه المرة لصحيفة المال والأعمال الـ WALL STREET JOURNL.

التسريبان السابقان من الواشنطن بوست ثم النيويورك تايمز..

موضوع التسريب الثالث قنبلة أو لغم.. لأن محتواه يفوق القابلية للتصديق، ويحرض على الارتياب. فما القصة؟

القصة أن قطر تريد العودة إلى الحضن السعودى بقدر ما هي نافرة من الحضن الإماراتى، وهي عرضت في زيارة غير معلن لوزير خارجيتها "محمد بن عبد الرحمن آل ثانى" إلى الرياض قطع العلاقات فورا ووقف التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، في بادرة غير مسبوقة، تخضع منذ فترة للفحص والتفاوض، مقابل عودة قطر إلى محيطها الخليجي، وفك الحصار العربى عنها، واعادة العلاقات.

ومن التسريبات أنها موافقة ليس فقط على التخلى عن جماعة الإخوان بل أيضا بقية الشروط الثلاثة عشر التي فرضتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر في الخامس من يونيو 2017. من أهم الشروط إغلاق قناة الجزيرة، (أي إغلاق قطر نفسها!) تخفيض العلاقة مع إيران، وإلغاء القاعدة العسكرية التركية، والأهم تسليم المطلوبين أمنيا لدى قط إلى الدول الأربع.

نقلت الصحيفة الأمريكية عن مسئول عربى قوله: "قال الوزير القطرى لهم بكل وضوح، مستعدون لقطع العلاقات مع جماعة الإخوان، مقابل عودة العلاقات".

السعودية لم ترد حتى الآن، لوجود تاريخ من عدم الثقة في العروض القطرية، ترتب عليها ارتفاع مستوى الارتياب في جدية وصدقية مبادرات الدوحة، فضلا عن عدم الثقة المطلقة من جانب الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبو ظبى في الدوحة وفقا لأكاذيب سابقة!

من ناحية أخرى تبدو السعودية أقرب إلى قبول المصالحة، ومؤدى هذا أن تغلق الجزيرة ويسلم المارقون والخونة ويطرد الأتراك ويخفف الوجود الإيرانى! ثمن باهظ، وبسبب فداحته يقع الشك في أن الدوحة سوف تنفذ بإخلاص المطالب الثلاثة عشر.

السؤال الآن: لماذا الآن؟ وما هي المبررات والدوافع التي أرغمت الدوحة على طلب المصالحة وإعادة العلاقات مع السعودية وبالتالي مع بقية دول الخليج؟

ليس خافيا مدى نفعية البيت الأبيض جراء الانقسام في البيت الخليجي، لكن في التحليل النهائي فإن التحالف القطرى الايرانى لا تهضمه أمريكا التي لها على الأراضي القطرية أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط. فهل عودة قطر للخليج وانسلاخها عن طهران، تمهيد لتدخل أمريكي، والحق أن القلاقل في طهران وفي بغداد وفى لبنان.. ليست بعيدة عن تأثير أمريكي.. في أخف التعبيرات استعمالا!

مع ذلك هناك ذوبان قليل في الجليد بين الرياض والدوحة، ومن ثم يوجد قدر من التفاؤل، على حد تعبير "جيرالد فايرستين"، المسئول السابق بالخارجية الأمريكية. أقوى المؤشرات موافقة السعودية والبحرين والإمارات بالمشاركة في بطولة خليجي 24، وكانت الدول الثلاث ممتنعة.

لا يزال الملف مفتوحا، وما تحت الرمال كثير.. ونتابع.

الجريدة الرسمية