رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

قراءات وتأملات (2)


من القراءات والتأملات في الآية القرآنية الكريمة الجامعة للأوامر والنواهي الإلهية والتي يقول فيها الحق سبحانه وتعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون".. في هذه الآية الكريمة جمع الحق سبحانه وتعالى الأوامر والنواهي التي أمرنا بها سبحانه.. فالأمر الأول متعلق بالعدل، وقد يقصر الفهم لدى البعض في مفهوم معنى العدل على أنه العدل بين الناس فيما اختلفوا وتخاصموا فيه.


وفي الحقيقة معنى العدل معنى واسع فسيح، من ذلك إقامة الإنسان العدل في مملكة تكوينه، بمعنى أن الإنسان جمع الله تعالى في تكوينه ما بين الجانب المادي والغرائزي والجانب الروحي، وكلاهما له حقوق ومتطلبات. الجانب المادي والغرائزي له متطلباته منها المأكل والمشرب والنوم والراحة والشهوة فيما أحل الله عز وجل، والجانب الروحي له غذاء وقوت تتمثل في طاعة الله تعالي وذكره والتفكر والتأمل في بديع صنعه تعالى في خلقه.

والعدل يتطلب عدم إهمال متطلبات كلا الجانبين وإن يعطي الإنسان كل جانب حقه، وألا يجعل جانبا متغلبا على الجانب الآخر، ومن العدل أيضا أن يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا وأن يعمل لآخرته كأنه سيموت غدا. واعتقد أن إقامة الإنسان العدل في مملكته وتكوينه هي أول إقامة للعدل وهي الأصل في إقامة العدل.

ثم يأتي بعد ذلك إقامة العدل بين الزوجات إن كان للرجل أكثر من زوجة، وكذا إقامة العدل بين الأبناء فلا يميز ابن عن آخر، ولا الابن على الابنة. وكذا العدل بين الناس ولا يميل في حكمه لقريب أو حبيب على حساب آخر.

ومن العدل الإعتدال في القول والأكل والشرب والنفقة. ومن العدل إنصاف الخصم بعدم تضييع حقه وذكر محاسنه وقت الخصام. كذا ومن العدل أيضا إقامة شرع الله تعالى وحكمه عند المواريث حتى لا يضيع حق أحد وخاصة حق النساء كما يفعل بعض الجهلاء المتعصبين للذكور.

عزيزي القارئ هذه بعض القراءات في معنى العدل وهو الأمر الإلهي الأول في الآية الكريمة، ثم نأتي للأمر الثاني المتعلق بالإحسان..

الإحسان أولا، له معاني متعددة منها الإتقان وفعل الشيء الطيب بتمام كماله وصنع المعروف والخير والإحسان إلى الايتام والفقراء والمساكين والأرامل والسائلين.. ولقد عرفه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".. أي عبادة أهل الشهود والمراقبة.

ومفهوم الإحسان مفهوم متسع فسيح يشمل الإحسان في النية أي يحسن الإنسان نيته بأن يجعلها نية طيبة خالصة لوجه الله تعالى الكريم والإحسان في الظن بأن يحسن الإنسان الظن في الناس والإحسان في القول. يقول سبحانه: "وقولوا للناس حسنا".

والإحسان إلى الخلق المحسن منهم والمسيء وخاصة إلى المسيء. والإحسان إلى الزوجة والأبناء وذوي القربى والجار سواء كان مسلما أو غير مسلم أو تجمعك به قرابة أو لا. والإحسان في العمل بإتقانه والإخلاص فيه. وتيسير الأمر على العباد وعدم استغلال حاجتهم..

والإحسان إلى كل الكائنات التي تعيش معنا على الأرض حتى عند الذبح ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليريح ذبيحته".

هذا والإحسان إجمالا في كل ما يصدر من الإنسان من نية وظن وقول وفعل وعمل. هذا ومن فضل الله تعالى على عباده المحسنين، جعلهم سبحانه من جملة أهل محبته حيث قال عز وجل: "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"..
عزيزي القارئ نستكمل القراءة في المقالات التالية بمشيئة الله تعالى.
Advertisements
الجريدة الرسمية