رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

صاحب مستشفى الدمرداش نموذجًا.. كيف يصبح رجل الدين في خدمة ‏المجتمع

فيتو

ليس كل «اللحى» أصحاب مصالح سياسية، أو يرغبون في تسييسس الدين مقابل عطائهم الاجتماعي، بل يحفل التاريخ ‏المصري، بالكثير من الشخصيات، التي أثرت الحياة العامة، بالطريقة التي تيسر تقريبهم إلى الله، ولا تجعل الدين مطية للسياسة، أو تسخره من أجلها، كما هو حال التيارات الدينية الحالية في العالم العربي.


واحد من هؤلاء هو الشيخ عبد الرحيم الدمرداش، العالم الأزهري الجليل، وشيخ الطريقة الدمرداشية، الذي تبرع عام ‏‏1928 بالأرض التي أقيمت عليها المستشفى، وتحمل اسمه حتى الآن، في قلب القاهرة «مستشفى الدمرداش». ‏

والشيخ عبد الرحيم، كان يحمل لقب باشا، وهو إبن محطة الرمل بالإسكندرية، وكان رجلًا عصاميًا، ورغم ذلك تجاوزت ‏ثروته نصف مليون جنيه في ذلك الوقت، ورغم الخلفية الدينية الصوفية للرجل، إلا أنه كان يؤمن بالهوية المصرية، ولم يضبط يوما ينادي بغيرها، طوال مدة اشتغاله ‏بالحركة الوطنية المصرية، حيث شغل مناصب عدة، أبرزها عضوية مجلس شورى القوانين المصري، وعضوية الجمعية ‏العمومية المصرية‎.‎

في أول أغسطس 1928، أعلن الشيخ عن هبة لإنشاء مستشفى خيرى مجانى ضخم، وعلى الفور ترجم اهتمامه بزيارة النحاس ‏باشا، رئيس وزراء مصر، ليوقع على شيكات التبرع بمبلغ 40 ألف جنيه للبناء، و60 ألف جنيه أيضا، وضعها تحت تصرف الحكومة المصرية، لتصرف من ريعها ‏على المستشفى، بشرط «قبول جميع المرضى الفقراء مجانًا». ‏

رفض الشيخ عبد الرحيم، كل الدعوات التي رغبت في تكريمه، على تبرعه الضخم، وأصر على أن يكون عمله خالصا لوجه ‏لله، بعيدا عن أي شبهة من رياء أو نفاق، وتكريما له، حضر نخبة من رموز المجتمع في حفل وضع حجر الأساس للمستشفى، وكان على رأسهم محمد محمود باشا، نائبا عن الملك فؤاد الأول، وأيضا اللورد جورج لويد، ‏المندوب السامي البريطاني في مصر، وقال «الدمرداش» كلمة أمام الجمع الكبير، نوه فيها إلى مقصده من هذا العمل، وهو تخفيف آلام الحياة ‏على المرضى والمنكوبين.‏

ناشد الشيخ، رئيس الوزراء بالإسراع في العمل، على أمل أن يرى مشروعه قبل وفاته، التي كان يشعر باقترابه منها، ‏وبالفعل بدأ العمل سريعا، ولكن الأجل لم يطل، حتى يرى الشيخ ثمرة إيمانه وتبرعه للفقراء، وتوفى بعد عام من تبرعه، ‏ليفتتح المستشفى بعد عام واحد أيضا من رحيله عام 1930، وتعمل بوصيته في خدمة الفقراء حتى الآن، ليترك الرجل بصمة ‏راقية، في كيفية التحلي بأخلاق الإسلام، لا استغلاله والتكسب من خلفه! ‏
Advertisements
الجريدة الرسمية