رئيس التحرير
عصام كامل

أنقذوا الثروة الحيوانية من جهاز سلامة الغذاء!


في آخر زيارة لقريتي الصغيرة بمحافظة الدقهلية فوجئت بأن الفلاحين يتخلصون من مواشيهم بالبيع في الأسواق للذبح، وحينما سألت عن السبب قالوا إن الأعلاف غالية واللحوم رخيصة، ومراكز استلام الألبان وضعت اشتراطات صعبة لاستلامها، ونحن لا نتحمل هذه الخسائر والأفضل هو بيع الماشية لوقف نزيف الخسائر..


الكارثة أننى اكتشفت أنها ظاهرة عامة في كل القرى، واستمرارها ينذر بكارثة مستقبلية على الثروة الحيوانية وأيضا الداجنة، لأنه أدى إلى انخفاض أسعار الدواجن، مما تسبب في خسائر فادحة أيضا لأصحاب المزارع الصغيرة، وخروجهم من السوق وهؤلاء ينتجون النسبة الأكبر من الدواجن.

الخلاصة من كل ذلك أن المزارعين والمربين والمنتجين سوف يحجمون عن التربية والإنتاج مما يتسبب مستقبلا في تدمير الثروة الحيوانية والداجنة وصناعة الألبان، وبالتالي ترتفع الأسعار جدا وتضطر الحكومة للاستيراد من أجل سد العجز في اللحوم والألبان والأجبان، مما يؤدي إلى استنزاف الاحتياطي النقدي الأجنبي.

كل ذلك بسبب قرار خاطئ من جهاز سلامة الغذاء بإجبار أصحاب مراكز استلام الألبان دفع رسوم باهظة حتى يسمح لهم بالتوريد لمصانع الألبان والاجبان، مما جعلهم يحجمون على استلام الألبان من أصحاب المزارع ومن الفلاحين، فاضطر الفلاحين للتخلص من مواشيهم حتى ينقذوا أنفسهم من الخسائر المستمرة.

ولم تتوقف آثار القرار إلى هذا الحد بل كان له تأثير سيئ كبير على صناعة الألبان والأجبان، وانخفض تصديرها بأكثر من 80% خلال شهور قليلة، وهذا انعكس بالسلب أيضا على الحجم الكبير للعمالة في هذا النشاط الاقتصادي الهام.

لا أعرف ما هي علاقة جهاز سلامة الغذاء بذلك؟ في حدود معلوماتي أن دوره الرقابة على المنتج النهائي، ومراكز بيعها، وتداولها وأيضا على المطاعم والغذاء في صورته النهائية، ولكن ما يفعله الآن هو التعدي على اختصاصات وزارتي الزراعة والصناعة والهدف فقط تحصيل أموال بصرف النظر عن تهديد الأمن القومي والسلم الاجتماعي بهذه القرارات غير المدروسة.

كلما رأيت عربات الأكل في الشوارع تقوم ببيع الأمراض للمواطنين سألت نفسي أين جهاز سلامة الغذاء؟ واليوم فقط وجدت الإجابة إنه مشغول بإصدار قرارات تضر بمصلحة البلد هدفها تحصيل الأموال لزوم سفريات وحوافز قياداته، وهذه ليست القرارات الأولى من هذا النوع ولكن سبق وأخبرني أصحاب مصانع الأغذية بالعاشر من رمضان عن قرارات لجهاز سلامة الغذاء تسببت في تعطيل صادراتهم وتكدس مخازنهم بالبضائع وخسائرهم الفادحة.

رغم أنه تربطني علاقة طيبة منذ فترة بالدكتور "حسين منصور" رئيس جهاز سلامة الغذاء ولكن هذا لا يمنعني من انتقاد قراراته الخاطئة، التي أضرت كثيرا بالمزراعيين والمنتجين وتسببت في كارثة سوف تهدد الأمن القومي والغذائي للوطن كله.

الغريب أن الجهاز نفسه ليست لديه آليات وهيكل إداري تمكنه من تنفيذ القرارات التي يصدرها، وبالتالي يتسبب في تعقيد الأمور وتعطيل مصالح المواطنين والأضرار بالاقتصاد القومي، لذلك أتمنى سرعة تحرك الدكتور "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس الوزراء لوقف هذه القرارات ثم وضع حدود لاختصاصات رئيس جهاز سلامة الغذاء.

كما أتمنى من الدكتور "حسين منصور" دراسة آثار قراراته قبل إصدارها وأن يكون هدفها فقط الصالح العام، وليس تحصيل أموال وأن يراقب سلامة الغذاء في المطاعم والشوارع وعلى الأرصفة، وألا يتخذ قرارات منفردة إلا بعد التنسيق والتعاون مع الوزارات المعنية، حتى لا يحدث تضارب يضر السلم والأمن الاجتماعي والغذائي، ويعلم بأن الرجوع للحق أفضل من التمادي في الخطأ، وللحديث بقية في متابعة المشكلة وآثارها لأن الضرب في الفلاح حرام لأنه ميت.
egypt1967@Yahoo.com

الجريدة الرسمية