رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد بهجت يكتب: الامتحان الصعب

فيتو

في مجلة "الجديد" عام 1973 كتب الكاتب الصحفى أحمد بهجت - ولد نوفمبر 1932 ورحل 2011 - مقالا تحت عنوان (أحمد بهجت والسينما المصرية) قال فيه:

كنت حرًا قبل أن أكتب للسينما، تماما مثل حريتى قبل الزواج، مثل قبطان سفينة كنت أقف في مملكتى، السفينة صنعت من أوراق الصحفى، تحتى بحارا لا نهائية من الحبر.. رهن إشارة الرياح والسحب، قبطان يستطيع أن يبحر في الوقت الذي يريد.. قبطان مسئول أمام ضمير البحر ونبض الشراع والدفة.
وفجأة تزوج القبطان، انتهى الأمر، وصار سيد الرياح والمياه.. سجين جمهور هائل في المدينة، سجين آلاف الاعتبارات المقيدة للحرية.
ليست الكتابة للسينما كالكتابة للصحف أ وتأليف كتاب، إن أي كاتب يكتب للصحف لا يستقبل من قرائه رد فعل مباشر على ما يكتبه، يظل القراء مثل جبال الثلج العائمة همسها هو الظاهر على السطح واربع أخماسها غائرة تحت سطح الجمود والصمت.
لهذا السبب يستمتع كاتب الصحف بحرية لا تعطيها السينما، إلا أنه في المقابل يخسر شيئا هاما.. إنه لا يتعلم بنفس السرعة التي يتعلم بها كاتب السينما أو المسرح.
ومهما قيل عن الحياة والكتب فسوف يبقى المعلم النهائى للكاتب هو هذا الجمهور الذي يقرأ له أو يشاهد انتاجه، فالجمهور مادة الكاتب ومعلمه في النهاية.
وفى المسرح أو السينما يحس الكاتب برد فعل الجمهور، يحس أنه يقف بأفكاره عاريا تماما أمام الجمهور كل ليلة إذا كان كاتبا مسرحيا، أو أربع مرات في اليوم إذا كان كاتبا سينمائيا.. وليس أرهب من هذا الإحساس بالخوف.

إن أي كلمة اعتراض أو تسفيه يحيل الكاتب إلى كوب من المياه ينسكب على الأرض، يتلاشى الكاتب تماما.. وتسقط ثقته بنفسه ويضيع اعتداده بثقافته ويفلت منه كبرياؤه ويتحول إلى طفل كبير ينتظر نتيجة امتحان صعب.
الجريدة الرسمية