رئيس التحرير
عصام كامل

الانفجار القادم في تونس!


معركة رئيس الجمهورية مع رئيس البرلمان قادمة لا محالة، وبما يعني أن حربًا منتظرة من الإخوان في تونس ضد الرئيس "قيس سعيد" لا يتبقى إلا شرارتها الأولى.. ولفهم الذي جرى بعيدا عن أخبار "فيس بوك" المشبوهة، والتي نعرف أسبابها، لكنَّ لها حديثًا آخر نقول إن حال الانتخابات التونسية في جولتها الثانية كانت أشبه بانتخاباتنا عام 2012 في جولتها الثانية، حيث مرشح محسوب على النظام القديم في مواجهة مرشح آخر..


ولما كان الإخوان قد سقطوا في الجولة الأولى سقوطا مريعا، قرروا الوقوف بانتهازية وخبث مع المرشح الآخر.. ليس لأنه لم يكن من النظام القديم، إنما لعدة أسباب؛ أهمها أن فرص فوزه هي الأكبر فعلا، والثاني أنه بلا حزب أو تيار سياسي يدعمه ويحميه -على الأقل حتى اللحظة- ولذلك فرص احتوائه -كما يظنون- كبيرة!

ونفيًا لإمكانية هذا الاحتواء وطمأنةً لأنصاره، كانت أول كلمة للرئيس "قيس سعيد" تحمل رسائل وعيد للإرهاب وداعميه.. وتعهد بالقضاء عليه.. وعلى كل الإرهابيين في تونس !

موقف الرئيس التونسي، الذي لا هو إخوان ولا هو سلفي، بل منتمٍ للتيار العروبي، ومن هنا كانت تصريحاته ضد إسرائيل، والتي حركت لجانها الإخوانية للسخرية منه، وبالغت فيها حتى انساق الطيبون خلفهم، وبات الحديث عن العداء لإسرائيل، وتحرير المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، محلا للسخرية!!

والأخطر محاولة ربط هذا التوجه بالتيار الإسلامي، وكأنه وحده المعني بتحرير الأرض والمقدسات! ولما كانت الهيمنة على "الفيس بوك"، بكل أسى، للجان الإلكترونية الإسرائيلية والقطرية الإخوانية كان ما كان من محاولة الوقيعة بين الشعبين الشقيقين في كلٍّ من مصر وتونس!

على كل حال لم تكن خطبة الرئيس التونسي ضد الإرهاب وداعميه للاستهلاك السياسي، لزوم نجاحه وطمأنة لدول العالم.. إذ إن دول العالم الكبرى هي التي تدعم الإخوان أصلا.. بل هذا هو توجه الرجل الذي يصر على التحدث بالعربية الفصحى إعلانا عن انتمائه وهويته.. ولذلك فهذه هي رؤيته التي طرحها قبل الانتخابات..

ففي حديث لجريدة "الصباح"، في ديسمبر عام 2015، وبصفته فقيها دستوريا، يهاجم "سعيد" التيار الإسلامي ويقول حرفيًّا: "استفحال الظاهرة الإرهابية في تونس مرتبط بواقع إقليمي ودولي نتيجة إرادة خارجية لتدمير الدول. والتنظيمات الإرهابية ليست إلا معول في يد هذه القوى الأجنبية"!

ويقول أيضا، وكأنه في مصر، عن أسباب عدم اكتمال الثورة في تونس: "أطراف سياسية قامت بتحويل وجهة المطالب ورفع شعارات وهمية لم تكن من اهتمامات الشعب التونسي على غرار المسألة الدينية وقضية الهوية"!!

ويقول: "انتشار هذه الظاهرة في تونس يعود إلى اليأس الذي نخر الشباب".. ويقول: "الحلول الأمنية وإن كانت ضرورية في مرحلة معينة لإظهار قوة الدولة في تطبيق القانون وردع الإرهابيين، فإنها تبقى غير كافية في ظل الانتشار الكبير والسريع للظاهرة"!

الكلام واضح لا شك فيه.. والرجل لم يهاجم مصر كما زعموا.. وليست له حسابات على "تويتر"، ولم يهتف ضد الرئيس "السيسي"، كما كذبوا، ولا أنصاره المقربون ممن وقفوا معه متطوعين..

إنما من هتف؛ إما الإخوان أو أن الفيديو مفبرك.. ولم يوافق الرجل على انتخاب إسرائيل رئيسا للجنة القانونية بالأمم المتحدة بل الخبر كاذب، وإسرائيل انتُخبت في 2016، وهو ما يؤكد استهداف الرجل الذي يحتاج للدعم لقرب صدامه مع إخوان تونس.. الذين لن يقبلوا بأي إرادة أخرى معهم، وبجوارهم، خصوصًا بعد اللعب على المكشوف، واختيار "الغنوشي" رئيسًا للبرلمان، وبأغلبية ليست كبيرة، تمت باتفاقيات انتخابية لم تراعِ المصلحة التونسية العليا من عدد من الأحزاب التي قبلت بالتعاون مع الإخوان!
الجريدة الرسمية