رئيس التحرير
عصام كامل

هند رستم: طلقت السينما بالثلاثة

فيتو

في حوار أجرته الصحفية نعمة الله حسين مع الفنانة المصرية هند رستم (ولدت في 12 نوفمبر 1931 ورحلت 2011) أثناء تكريم مهرجان الفيلم العربى بباريس لها ونشر الحوار بمجلة آخر ساعة عام 1980 قالت فيه:

الحمد لله لقد عشت طفولة سعيدة على الرغم من انفصال والدى عن والدتى إلا أن كل منهما لم يبخل علي بالحب والعطاء، عاشرت أهل والدى فأحبونى جدا، وعاشرت أهل والدتى فكانوا سعداء بى.

عندما كنت صغيرة كنت طفلة هادئة جدا خجولة، أحترم الكبير لأقصى درجة، تربيت في مدرسة راهبات جعلتنى جادة ملتزمة، وعندما تركت الإسكندرية حيث كنت أعيش والتحقت بالمدرسة الألمانية كانت نقلة صعبة ومؤلمة، ثم عدت إلى الإسكندرية والتحقت بمدرسة الفرنسيسكان وكانت قريبة من مدرستى الأولى "سان فاتسان ديول".

اضطررت بعد ذلك للتنقل مع والدى في بعض المحافظات حيث كان يعمل ضابط شرطة برتبة لواء، وفى النهاية استقريت مع والدتى.
ومن ذكريات مع الطفولة أى كنت خوافة جدا وما زلت رغم هذا العمر أخاف بشدة، أخاف من الظلام، أخاف أن أسير وحدى في الشارع، أخاف أن أنام بمفردى في حجرة منفصلة.

والغريب أنى عندما مثلت في السينما كنت آخذ أدوارا فيها جرأة وقوة وكان ذلك عكس شخصيتى الحقيقية، وهذا الخوف الذي ما زال يلازمنى طوال مشوار حياتى جعلنى شديدة وقاسية في تربيتى لابنتى، دائما حازمة معها لا أسمح لها أن ترفع الكلفة بينى وبينها على الرغم من الصداقة التي تجمعنا.

سألتها نعمة الله: كثيرا ما رفضت الظهور في المهرجانات فلماذا حضرت مهرجان الفيلم العربى؟
قالت: الحقيقة أنى كنت مترددة، لقد أخذت قرار الابتعاد منذ سنوات طويلة، وكنت أرفض المشاركة أو حضور الحفلات والمهرجانات، لكن ما يحدث هنا شيء مختلف تماما.. هنا أشعر أننى سفيرة لبلدى ويجب أن أقوم بتمثيلها على خير وجه وبطريقة مشرفة، ليس لأنهم يكرموننى لكن لأن هذا التكريم هو تكريم لجيل كامل أعطى عمره للفن.

سألتها: لك موقف من الجوائز فهل تغير؟
قالت: الجوائز فيما مضى كان لها معنى وقيمة، وكان الفنان يقضى عمره كله دون أن يحصل على جائزة، واليوم أسمع أن فلانا حصل على عشرين جائزة وفلانة خمسين جائزة.. إذا هذه الجوائز أصبحت لا معنى لها.. إننى أذكر أننا كنا نكافح من أجل الحصول على جائزة واحدة فمثلا دور مثل شفيقة القبطية حصلت فيه على الجائزة الثانية فرفضتها وأنا غير نادمة لأني قد كنت سوف أحصل على دور مثل هذا مرة أخرى.

سألتها: هل لو عرض عليك عمل فنى جيد تعودين إلى السينما؟
قالت بدون تردد: حقيقى لا أنا النهاردة أحيا حياة هادئة مستقرة سعيدة، أحيانا الناس تقول هند كبرت وتكبرت، لكن هند عقلت وأصبحت أكثر هدوءا لما تقوله وتفعله، لذلك أنا أرفض أن أعود للحياة الفنية، لقد عرض على أدوار كثيرة ورفضتها، رفضتها لأن الحياة الفنية أصبحت فاسدة، والجيل الجديد بكل صراحة لا يحترم أي شيء لا المواعيد ولا الفنان الذي أمامه وأذكر أنه كان يطلق على بج بن السينما لدقتى في مواعيدى لذلك قررت طلاق السينما بالثلاثة.

سألتها: من صاحب الفضل على هند؟ وأى اللقبين يسعدك أن تناديك الناس هند رستم أم مدام فياض؟
قالت: حسن الإمام طبعا هو أستاذى وصاحب فضل كبير علي وعلى كثيرات غيرى. وبالنسبة لاسمى فالاسمان يسعدونى جدا لكن اسم هند يجعلنى أشعر بالمسئولية والوحدة ورائحة العمل أيضا وبه لا أشعر بأنوثتى عكس ما يحمله لى اسم مدام فياض زوجة الطبيب الشهير الذي ألقى عليه بكل المسئوليات.

سألتها: ماذا يعنى الحب للفنانة هند رستم؟
قالت: الحب عطاء ووفاء واحترام متبادل، الحب مجموعة اشياء صغيرة تترجم إلى احساس كبير.
وأخيرا قالت: أنا أشبه نفسى بتمثال القرود الثلاثة التي لا تسمع ولا تتكلم ولا ترى هذا هو ما أفعله في حياتى كنوع من التعايش السلمى مع الآخرين حيث لا ضرر ولا ضرار.
الجريدة الرسمية