رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

سعد الدين وهبة يتذكر بداياته الأولى مع الصحافة

فيتو

في مؤلفه (أيام من حياتى) الذي أصدره الكاتب الأمير أباظة عن مذكرات الكاتب سعد الدين وهبة حول مشواره الفنى خلال خمسين عاما من خلال كتابات بخط يده قال سعد الدين وهبة (رحل في مثل هذا اليوم 11 نوفمبر 1997):


لا أدرى متى بدأ تعلقي بالصحافة ولماذا ملكت كل تفكيري وأصبحت محور حياتى وأنا ما زلت تلميذا بالمدرسة الابتدائية.

كنت أعيش في قرية لا تصدر فيها الصحف وإن كنت أرى بعض موظفي الدائرة التي كان يعمل بها وجدت كومة من المجلات الدنيل، الفكاهة أبى ممسكا بجريدة يقرؤها لكن يكون قد مر على صدورها عدة أيام.

كانت في بيتنا حجرة صارت مكانى المفضل وهي الحجرة التي كانت تسمى حجرة الكرار، وكانت تحوى كراكيب متناقضة.. كرسى مكسور، حلة مخرومة، منخل بلى، ملابس غير صالحة، وهناك دولاب كان مفتاحه في صدر والدتي لا يفارقه.

كان في هذا الدولاب الزبد والسمن والبيض والشاي والأرز والسكر.. أي خزين البيت من الطعام، إكمالا لما في الدولاب كان خارج الدولاب زلعة للمش والجبن القديم وزلعة أخرى للعسل الأسود، وفى الحجرة عدة أجولة، وفى الأجولة أوراق وكانت امى دائما تتعثر فيها وتلعن اليوم الذي يصر فيه أبى على الاحتفاظ بهذه الأوراق وكأنه القرآن الكريم.

ولما كبرت وفتحت أحد الأجولة وجدت كومة من المجلات: الرسالة، الفكاهة، الرواية، المصور، الصباح الجديد، المصور والرواية للجديد والعصور وغيرها من عشرات العناوين.

فرحت وكأنى وجدت كنز وبدأت أقرأ في هذه المجلات أفهم البعض ولا أفهم الآخر وأصبحت متعة حياتي عندما أكون في بيتنا في إجازة الصيف أن أغرق في هذه الأجولة التي كانت جميعها مجلات قديمة ومنها عرفت أشياء كثيرة عما كان يدور في المجتمع المصرى قبل أن أولد.

يبدو أنى من هنا عشت الصحافة والجرائد والمجلات وأذكر عندما ذهبت وحدي إلى دمنهور عندما الحقنى والدي بالمدرسة الابتدائية أنى جلست على قهوة "الشاويش" مقلدا أبى واشتريت نسخة من جريدة "الجهاد" بخمسة مليمات لأقرأها وأنا أتناول الشاي في المقهى وأنا أحاول أن أخفي ساقي وركبتى العاريتين إذ كنت ما زلت ارتدي بنطلونا قصيرا.

في السنة الرابعة في مدرسة دمنهور كان يجلس بجانبى في نفس المقعد محمد اللقانى ونقيب المعلمين وكان متفوقا في الحساب والرسم وأنا متفوق في اللغة العربية والتاريخ فارتبطنا بصداقة حميمة وتبادلنا المعارف.

وذات يوم كان معى قطعتا نقد واحدة من فئة المليم والأخرى مليمين وكان بيدى ورقة من داخل كراسة لم تستخدم وضعت النقود تحت الورقة وضغطت بقعر القلم الرصاص فطبعت على الورقة صورة المليم وكررت الرسوم وكتبت تحتها كلمة الفلوس.

وقررت عمل مجلة اسمها الفلوس وأتممت أنا واللقاني المجلة أنا تحريرا وهو رسما وكانت أول مجلة في مصر تستعين برسام يرسم الموضوعات المنشورة وطبعنا عدة نسخ بالكربون ووزعناها على بعض الزملاء من التلاميذ لكن هددنا بعضهم بعرض المجلة على الشيخ موسى الدسوقى مدرس اللغة العربية الذي لا يتهاون مع من يقوم بأى عمل لا يعجبه.

وبالفعل اعتبر الشيخ موسى المجلة نوعا من الهلس فمزقها ومنع إصدارها.
Advertisements
الجريدة الرسمية