رئيس التحرير
عصام كامل

الاحتفال الحقيقي لمولد الحبيب


لا شك أن الأصل في العلاقة التي بين العبد وربه تعالى هي الحب، وكذلك الأصل في اتباع هدي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هو الحب أيضا لقول الله تعالى: "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"..


ومعلوم أن محبة الله تعالى ورسوله الكريم وأهل بيته هي الأساس والركن الركين للإيمان، فلا إيمان بغير حب واعتقاد، ولا قيمة للعبادات بغير الحب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار"..

وعنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أنه قال: "لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وتكون عترتي إليه أعز من عترته، ويكون أهلي أحب إليه من أهله، وتكون ذاتي أحب إليه من ذاته".. هذا والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ومن المعلوم أن ما من محب إلا وهو فرح بحبيبه يسعد قلبه به ويشتاق ويحن إليه، ويتمنى لقاءه ووصله وقربه ويعرب عن محبته له، ويدلل عليها بكل مظاهر التدليل.

ومن مظاهر التدليل على محبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آله الفرح بذكرى يوم مولده الكريم، والاحتفال به وقد جاء في الأثر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من فرح بنا فرحنا به".. هذا ونحن لسنا بحاجة على أن ندلل على مشروعية الاحتفال بمولده الشريف وبعثته الكريمة، ولنا أن نفرح ونطعم الطعام ونقدم الحلوى ونجبر بخاطر الفقراء والمساكين والأرامل والمحتاجين، وإدخال الفرح والسرور على قلوبهم محبة في الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم، ولنا أن نعقد مجالس وحلقات الذكر والإنشاد، ونجتمع على محبته فارحين به وبيوم مولده..

هذا والأهم من ذلك والأوجب إسعاد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله صاحب الذكرى وجعله فرحا مسرورا بنا، وذلك بالرجوع إلى هديه القويم وسنته الرشيدة، وأن نتأدب بأدبه ونتخلق بأخلاقه العظيمة، وأن نحيي سنته التي غابت وغفل عنها وأهملها الكثيرون منا في هذا الزمان، بعدما تغلبت الأهواء وتحكمت الغرائز والشهوات وغلب حب الدنيا بلهوها وزخرفها على النفوس، وابتعاد الكثير من المسلمين عن هدى كتاب الله عز وجل وتعاليمه وأوامره ونواهيه، وهجر سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

وهذا هو الحال عند غالبية المسلمين باستثناء قلة قليلة منهم وهم الغرباء بين الناس، وهم الذين وصف رسول الله حالهم بالقابضين على جمر من النار..

هذا ولا يخفى على أحد منا ما آل إليه حال الأمتين العربية والإسلامية من فرقة وضعف وشتات وهوان وامتهان وتحكم الغرب وهيمنته عليها. وما كان ذلك إلا نتاج ابتعادنا عن تعاليم شريعتنا الغراء وديننا الحنيف ونبذنا لكتاب الله تعالى وتركنا هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسنته الرشيدة، وانقياد الكثير منا خلف الصيحات الضالة المضلة والحضارة المادية الغربية الزائفة الخالية والخاوية من القيم الإنسانية النبيلة والأخلاق والحريات المغلوطة.. حضارة العري والخلاعة والمجون ومخاطبة الغرائز والشهوات في النفوس التي صدرها إلينا الصهاينة الملاعين والغرب ويصدرها من خلال وسائل الإعلام..

عزيزي القارئ، من هنا ولأجل ذلك أعتقد أن الاحتفال الحقيقي بذكرى مولد الهادي البشير صلى الله عليه وسلم وعلى آله وما يفرحنا بحق ويفرح صاحب الذكرى أن نجدد إيماننا ونعلن توبتنا، وإن نعود مسرعين إلى تعاليم ديننا الحنيف، وهدي رسولنا الكريم وإحياء سنته الرشيدة..
الجريدة الرسمية