رئيس التحرير
عصام كامل

فتحي رضوان يكتب: الثائر الأعظم

السياسي فتحى رضوان
السياسي فتحى رضوان

في كتاب الهلال عام 1984 وضع السياسي فتحى رضوان كتابا بعنوان "الثائر الأعظم" قال فيه:

بعد أن سمع عمر بن الخطاب القرآن الكريم في بيت أخته فاطمة ووقر الإيمان في قلبه، أخذ سيفه وقصد بيت الأرقم ليلتقى برسول الله عليه الصلاة والسلام وخرج رسول الله للقائه قائلا: ما جاء بك يابن الخطاب؟ فقال عمر: يا رسول الله جئتك لأومن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله.


عادت هذه الذكرى ومعها ذكريات أعوام طويلة، وارتسمت صورته صلى الله عليه وسلم في ذهن عمر وهو واقف في المسجد يسمع خطبة أبي بكر إلى الناس وذكر في نفسه:

أن رسول الله كان إذا تحدث إليه متحدث التفت إليه جميعا - أي بسائر جسده - لا مجاملة منه فحسب بل اهتماما، فهو لا يشتغل بأمر إلا ويعطيه كل عنايته، فإذا انصرف عنه لم يشغل ذهنه به، وكان يفتح الكلام ويختمه بأشداقه.

وهو قليل الكلام، عذب الصوت، إذا تناول موضوع بالبسط والشرح أوجز فيه، ولم يحتد إلا قليلا، فإذا فعل امتلأ الشريان الذي يجرى في جبهته بالدم، وانتفض انتفاضة ظاهرة، ولمعت عيناه بأضواء الغضب الذي لم يقدر خصوم رسول الله على مجابهته، وهو يتنفس الصعداء ويقول "حسبى الله ونعم الوكيل".

وهو في حديثه يشير بكفه وإذا تعجب قلبها، ومن اشاراته المألوفة في الكلام أن يقارب يده اليمنى من اليسرى، وإذا تعجب حرك رأسه وعض شفته، واذا غضب أعرض بوجهه.

وكان إذا فرح غض طرفه، وإذا أخذه العطاس وضع يده أو ثوبه على فيه وربما غطى وجهه بيده أو ثوبه، وإذا أقسم قال: ومقلب القلوب، أو والذي نفس محمد بيده أو والذي نفس أبو القاسم بيده.

وكان يأكل بثلاثة أصابع، ولم يكن له إلا ثوب واحد من قطن قصير كمه إلى الرسغ، وكانت له بردة يمانية طولها ستة أذرع وكان يلبسها يوم الجمعة وفى العيدين، وكان يلبس العمامة ويرخيها بين كتفيه، واذا كان في حرب يلبس القلنسوة.

كان يصلى على الحصير أو الفروة المدبوغة، وربما نام على الحصير فأثرت في جسده الشريف وكان ينام على فراش من أدم محشو ليف.

وما ضرب أمة ولا خادما من أهله، وإذا جاءه ضعيف قام على خدمته بنفسه.

كان يجيب دعوة الحر والعبد ويعود المرضى في أقصى المدينة ويشهد الجنائز ويقبل على المعتذر، كان أول من يمد يده بالسلام وآخر من يسحب يده في المصافحة، لم ير قط مادا رجليه بين أصحابه.

لا يدخل إليه أحد وهوى في صلاته إلا خفف صلاته وسأل زائره عن حاجته، فإذا سمع بكاء الصغير قصر صلاته وهرع إليه ليرى شكاته فكان يحب الأطفال ويداعبهم، فكان يصلى فيتعلق به في صلاته حفيداه ابنا فاطمة فيصلى وهو يحملهما في قيامه وقعوده وركوعه وسجوده عليه الصلاة والسلام.

أما طعامه فقد وصفته زوجته فقالت: والذي بعث محمدا بالحق، ما رأى منخلا ولا أكل خبزا منخولا منذ بعثه الله تعالى إلى أن قبض، وكان يمر هلال إلى هلال ولا يوقد في بيته نار لخبز أو لطبخ وقيل أنه كان يعيش على الأسودين الماء والتمر.

هذا هو محمد بن عبد الله نبي البشرية الذي آذته قريش لأنه حمل إلينا دينا جديدا هو الدين الخاتم.
الجريدة الرسمية