رئيس التحرير
عصام كامل

محمد عبد الوهاب: غنيت في فرح حبيبتي

الفنان الراحل محمد
الفنان الراحل محمد عبد الوهاب

في مجلة روز اليوسف عام 1968 أجرت الكاتب جاذبية صدقى حوارا مع الموسيقار محمد عبد الوهاب قالت فيه:
حى باب الشعرية هو مسقط رأس موسيقارنا الكبير محمد عبد الوهاب، قابلنى يوم التقيته في بيته ساعة الظهر في روب كحلى وطاقية حرير في لون قلب الفستقة تميل بزاوية منحرفة على حاجبه الأيسر، وبادرنى هاتفا: تعرفين بمن تذكريننى؟

هتفت بدوري: لأ طبعا ــ فما أدراني ما يدور خلف نظارته السميكة وفى داخل هذا الرأس الماكر.

قال: كانت تشبه لك جدا بقسماتها المصرية الطبيعية هي أول سيدة في حياتى، كانت شابة بلدية من حى باب الشعرية وكنت في التاسعة من عمرى أعيش قرب جامع سيدى الشعرانى وأبى كان شيخ الجامع، وكنت على صغر سنى شديد التدين فقد كنت أهوى الاستيقاظ في الفجر أتوضأ وأصعد إلى المئذنة بقبقابى الخشبى والليل سادل أستاره للأذان.

وأضاف: كان كل ذكر في الحى أنا منشده، وكانت النساء يولعن بى ــ فتى غض صاحب صوت يحرك القلوب ـــ فيطلقن الزغاريد من خلف شيش المشربية.

وبينما أنا عائد إلى المنزل إلا وباب بيت جيراننا يفتح فجأة وتخرج منه ذراع بضة محلاة بالحناء فشعرت بقشعريرة تسرى إلى جسمى وسحبتنى داخل المنزل وهى المرأة المحنكة صاحبة الخمس وعشرين عاما قائلة: جننتنى بصوتك يا محمد واحتضنتنى وأنا ابن التاسعة، ثم حدثتنى عن صوتى وفنى والمستقبل الذي ينتظرنى ومنه عرفت رقة الأنوثة.

بعدها تزوجت حبيبتى من المعلم "ضو" وطلبت منى أن أغني في فرحها شوفى قسوة بنات حواء؟
سألته المحررة: وغنيت؟
قال: غنيت في فرح حبيبتى وقلبى يتمزع ودموعى تسيل على خدى، وظن المدعوون أنى بلغت الذروة في السلطنة والغناء.

سألته جاذبية صدقى ما حكاية عجائز النساء معك؟
فقال: إن الأمومة تتغلب على الأنوثة فيهن، فمثلا تقابلت مع منيرة وكنت في السابعة عشرة وكانت امرأة ناضجة في الخامسة والأربعين تتألق جمالا وجاها وشهرة كلفتنى بتلحين روايتها "المظلومة" وقدمتها على مسرح برنتانيا، ثم لحنت لها كليوباترا واختارتنى من دون الرجال لأمثل أمامها دور أنطونيو وأحبتني بالفعل فأبدعت في حركاتها حتى عرف الجميع ولعها بى.

كانت تدعونى مع فرقتها إلى عوامتها للغناء والسهر ثم تخاصمنا وافترقنا ثم تصالحنا.

وفى النهاية بسطت جناحى وطرت منها.
الجريدة الرسمية