رئيس التحرير
عصام كامل

العثمانية الجديدة.. فاشية العهد القديم


بعيدا عن كون الرئيس التركى رجل لا يناقض ما تربى عليه من قيم التعالى والكبرياء وإقصاء الآخر، واعتبار نفسه ممثلا للسماء على الأرض، وبعيدا عن الموقف الأمريكى من العدوان على سوريا، والذي يشبه شخصية "يونس شلبى" في مدرسة المشاغبين، وبعيدا عن الموقف السورى الرسمى من الاعتداء على أراضيه، وبعيدا عن ضحايا الأكراد الذين ظنوا في الأمريكان وعاء حماية، وبعيدا عن الموقف الروسى المتحفز للغاز دون غيره.


بعيدا عن كل هذا العبث، وبعيدا عن صحافة وإعلام اختارا السب والقذف وتسطيح القضية.. بعيدا عن الموقف الأوروبي المتأرجح، وبعيدا عن الشيزوفرينيا العربية، وبعيدا عن العمالة القطرية.. بعيدا عن كل ذلك لا بد أن نغوص بشكل أعمق فيما تمثله العثمانية الجديدة على المنطقة، وتنامى الدور الصهيونى، وتعاظم القوة الإيرانية، وانهيار الأمة العربية بين ثلاث قوى إقليمية تتنازع وطننا الأكبر.

في غيبة العرب يتوسع المحتل التركى ويبسط نفوذه في إطار التموضع الجديد واقتسام الأمة العربية بين القوى الثلاث.. الكيان المحتل ينفرد دون غيره بتوسع موحش ليس في آسيا فقط، وإنما يتمدد إلى قلب القارة الأفريقية. أما إيران فكان لزاما عليها أن تنال نصيبها من الجسد العربى المترهل، ففى الاستراتيجيات لا سبيل للعواطف. أما المجتمعون في الجامعة العربية فلا سبيل أمامهم إلا الاستسلام التام، ومن ثم الموت الحرام.

العثمانية الجديدة ظهرت أعلى ملامحها بزيارة "رجيب طيب أردوغان" إلى قاهرة المعز واستقبال الإخوان له باعتباره الفاتح القديم المتجدد، فأهلا به ضمن أدبيات الجماعة التي لا تعرف حدودا ولا أوطانا ولا سيادة ولا استقلالا.. الوطن هو دستور الأب المؤسس يحميه خليفة تركى لا مانع، ولِمَ لا، وقد أسمينا احتلال العثمانيين لبلادنا بالفتح، وما زالت مناهجنا الدراسية تعتبر تلك الجريمة فتحا إسلاميا عظيما.

العثمانية الجديدة دستورها التوسع وإعادة أمجاد النهب والسلب واحتلال وطن يبحث في كل تحركاته عن محتل يحميه أو يحمى كراسى الجاثمين على صدور شعوبه بالبطش والقوة لا مقاوم لذلك إلا من رحم ربى.. القصة وما فيها أن بلادنا مستباحة من القوى الثلاث التي تتنازع السيطرة وتوسيع النفوذ والتموضع في خريطة جديدة يتابعها الغرب، وله في ذلك نصيب الأسد.
الجريدة الرسمية