رئيس التحرير
عصام كامل

وزير إخواني يقود مخططا شبابيا لتشويه «عواجيز الجماعة»..بــ«سيناريو التجريس» والحوارات في الصحافة الغربية.. عمرو دراج يقدم «الوجوه الإخوانية» الجديدة للأنظمة الحاكمة في ال

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

«الفضائح تتوالى.. والانشقاقات صاحبة اليد العليا داخل الجماعة الإرهابية»، ولا جديد آخر يذكر في ملف جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، إلا ما يحدث داخلها من خلافات بين الأجيال المتعاقبة داخل صفوفها، فـ«الشباب» بعد سنوات طويلة من الالتزام بـ«السمع والطاعة»، قرروا التمرد على «العواجيز»، لا سيما وأنهم يرون أن الكبار ساهموا بقدر كبير في الأزمات التي تعانى منها «الإخوان».


«التجريس».. سيناريو جديد لجأ إليه شباب الإخوان في إطار معركتهم ضد قيادات «الإرهابية»، يقف على رأسه عمرو دراج وزير التعاون الدولي الأسبق، وأحد قيادات الجماعة، الذي دأب خلال الفترة الماضية على إجراء حوارات متعددة، مع العديد من الصحف العالمية، تحت عدة مزاعم، وكأنه ينتقد الأوضاع السياسية في مصر والبلدان العربية، لكن بين الأسطر، يؤكد أن أفكار شباب الإخوان هي الحل لإيجاد حل حقيقي للصراع الدائر، فهم -من وجهة نظره- تقدميون وإصلاحيون، بخلاف القيادات الكبيرة التي أدمنت الصراعات الصفرية، وكأن هذا المعسكر الذي يحاول تصعيده للسلطة في الجماعة، لم يكن مسئولا عن تربية أجيال جديدة من دواعش الإخوان، وهو الذي أشرف على تدشين حركات إرهابية عقابية تستهدف رجال الدولة ومعارضي الإخوان، على شاكلة حسم ولواء الثورة.

«دراج» وبعض الذين يخدمون على صورة المكتب العام الإخواني في الصحافة الغربية، يحاولون الإيحاء بأن عدم مساندة هذا الفصيل للاستحواذ على السلطة، يعني أن هناك احتمالات كبيرة للانحراف عن السلمية المزعومة للجماعة، والبقاء في منحدر التطرف، ويعتمد الفريق الدعائي لشباب الجماعة، في الصحافة الغربية، على محاولة طمس أي تاريخ متطرف للإخوان، ولا يقف الأمر عند القضايا القديمة فقط.

بل يذهب «دراج» وأنصار معسكره الذين يظهرون بكثافة في الميديا الغربية، على الدفاع عن كل الأذرع الإخوانية في العالم، لدرجة أنه حاول الدفاع عن تورط حماس وأعضائها في قتل أربعة أطفال لأب أمريكي وزوجة إسرائيلية في المكسيك، وهي القضية التي تشغل الغرب منذ عام، 2015 ولا سيما أنه هناك دعوى قضائية مرفوعة ضد أحد البنوك التركية، في محكمة نيويورك، حيث يتهمه أهالي الضحايا، بتمويل الهجمات الإرهابية في البلاد، والبنك التركي الذي يدافع عنه الإخوان، متهم بتمويل التطرف في الغرب، ما يشي بعلاقة ما بين الجناح العسكري للإخوان، والبنك الذي يرفع لواء الاقتصاد الإسلامي والمعاملات الإسلامية، وتساهم فيه الحكومة التركية، وهو ما دعا وزارة الخزانة الأمريكية، لتوقيع عقوبات على 11 كيانًا وأفرادًا مرتبطين بتركيا لدعمهم حماس وغيرها من المنظمات الجهادية، بعد أن أصبحت تركيا ملجأ للأشرار الإقليميين.

الدفاع الشرس من المعسكر الجديد للإخوان، عن مصادر التمويل التركية للإسلاميين المدانيين في الغرب، يشير إلى أنهم يحاولون كسب ودهم باعتبارهم الأعلى صوتا، وبالتالي تمنحهم الحكومة التركية الضوء الأخضر للاشتباك مع الكبار، ومن يستطيع فرض منطقه على الأحداث تدعمه، خاصة أن أردوغان لا يريد حتى الآن التعامل مع أحد، غير القيادات التاريخية للجماعة، ويمكن القول إن «دراج» ومعسكره يحاولون العودة من جديد، لإحياء فكرة التنمية المرتبطة بصعود الإسلاميين في الدول العربية، من خلال قدرتهم على تقديم طريق بديل للتنمية، اعتمادًا على الدافع الديني.

لذا يدافعون من جديد، عن فكرة العمل الدعوي والميداني لبناء رفاهية تنقذ العرب من التطرف الديني، بداية من مصر، ويرفض هذا التيار، الذي يحاول استمالة الصحافة العالمية، التأكيد على ضعف التأثير الأيديولوجي العميق للإسلاميين وسيطرتهم على المجتمعات العربية، وخاصة مصر، ويجادلون في استمرار قوتهم، واستطاعتهم تقديم نموذجًا لتطوير الدول العربية والإسلامية، ويشير فريق «دراج» إلى أن الواقع الحالي أثبت فشله.

بداية من تعبئة المجتمع بالرفض، والاستهجان للقيم الإسلامية، وخاصة أنشطة الرعاية الاجتماعية، التي كانت تقدم للفقراء، وتصر القوى السياسية على أنها كانت رشوة من الجماعة للناخبين، خاصة أنهم كانوا يذهبون إلى منازلهم للتأكيد عليهم، بضرورة اختيار مرشح الإخوان لاستمرار الدعم المادي، وبالتأكيد حتى يعيد التنظم مساره ويجدد دماءه، يجب عليه أولا الاعتراف بخطأ قياداته، للتخلص منهم باعتبارهم ورما استبداديا داخل الجماعة، وحتى تستعيد عافيتها وتساهم في انتهاء الأزمة المصرية، يجب أن تغير الهيكل الإداري ورءوس التنظيم كاملا.

حديث «دراج» للصحافة العربية، يدفع المتابعة لما يحدث داخل الجماعة الإرهابية للشعور وكأن الإخوان، أصبحت «ليبرالية» إذ يؤكد «دراج» على إيمان «الفريق الشاب» بالجماعة على أسس تحديث المجتمع وفقا للمعاير الغربية، وخاصة فيما يتعلق بالاقتصاد السياسي لمجتمعات الشرق الأوسط، كما يحاول الفريق الجديد، وعبر ضرب الكبار، إعادة تعريف مفهوم الجماعة للسياسة، والأحزاب، والفرق بينها وبين الجمعيات التطوعية، وما الذي يهدد الأمة، وآليات التنظيم المؤسسي للمجتمع، وماذا يعني في ذهن شباب الإسلاميين من التقدميين والإصلاحيين.

الملاحظ أن حديث «دراج»، وبعض من يستعينون بالصحافة العالمية لضرب القيادة التاريخية، يركز على أهمية استرداد الإخوان وضعها القانوني كمنظمة دولية، بعد سنوات من الريبة والتشكيك في نواياها من أغلب بلدان العالم، ولكن بقيادة أخرى قادرة على ذلك، وبدونهم لا حل في المنطقة، ويتحدث هؤلاء عن أجواء من التسامح التي يستطيع الفريق الجديد فقط إتاحتها، إذا ما تملك السلطة من الكبار، لتهدئة حدة الاستقطاب في المجتمع، والترويج في الأوساط الغربية أن «الإسلاميين لا يمكن فصلهم عن الدولة، حتى لو لم يكونوا من أنصار النظام الحاكم».

السيناريو الإخواني للعب مع الغرب، يراه مشاري الزايدي، الكاتب والباحث السعودي، ليس غريبا عن الجماعة بجميع أجيالها، معتبرًا أن مثل هذا النوع من التقاطع مع الغرب، ربما يكون من صنع المؤسسات البحثية المدعومة من الحكومات المساندة للإخوان.

ويستغرب الكاتب والباحث من التساؤلات التي تطرحها مثل هذه اللقاءات، خاصة أن العالم الغربي ليس في غفلة عن إعلام الإخوان، الذي يتخذ من مدنهم مراكز له لشن الهجمات العدوانية ضد الدول العربية، ما يدمر أي مفهوم للتسامح يروجونه للغرب، وارتكن «الزايدي» إلى اعتقاد راسخ تدعمه الأدلة، بأن العواصم الغربية، ترتاح لمثل هذا النوع من الخطاب الذي يروج من خلالها، وخاصة أنها توظف الجماعة بالحروب السياسية والإعلامية لهدم الأنظمة العربية عبر الدعاية الدينية، ويستدل على ذلك بالوثائق الرسمية التي خرجت منهم وتؤكد أن الإخوان، جرى استخدامهم لهدم نظام الرئيس عبد الناصر، واغتياله معنويا في أذهان المصريين والعرب.

وينتهي الباحث إلى أن «الانتهازية التي تجمع الإخوان والغرب، تجعل كل منهما يستخدم الآخر جيدًا للوصول لأهدافه، فما جرى بالأمس من مخططات تمكين الإخوان، يجري اليوم، ويجب أن تشرق عليه شمس الغد».

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية