رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بأي حق تجلسون على مقاعدكم


>> هذا المشهد أضرب له كفا على كف منذ 7 سنوات، ويدل على حالة التكلس والتبلد والتقاعس وغياب الضمير التي أصابت مسئولى أجهزة المحليات في بلدنا، في كل مرة أسافر فيها إلى بلدتى بالمنوفية من الهرم عبر الطريق الدائرى، وعند منزل الطريق الزراعى بشبرا الخيمة، توجد حفر كثيرة بالأرض قد يصل عمقها إلى نصف متر قبل منطقة النفق، المصيبة أن هذه الحفر الغائرة موجودة وواضحة كالشمس منذ سنوات..


وتتسبب في انسداد شريان حيوى هام يمثل عنق الزجاجة لمئات الآلاف من المسافرين ومرتادى هذا الطريق، وبالتالى إيقاف وتعطل السيارات بكل أنواعها، ملاكى، نقل، أتوبيسات، على الدائرى مسافة تصل إلى 3 كيلو مترات قبل محطة الوزن بكثير، وعند هذه المنطقة التي يتجمع فيها المتجهون إلى القاهرة والقليوبية عبر الدائرى والمسافرين عبر طريق مصر الإسكندرية الزراعى يتعطل الناس يوميا بالساعات وتحديدا أيام الأربعاء والخميس.

يا من تجلس في مكتبك المكيف أنت وهو، أيا كان منصبك.. ألا تستحى؟ ألا يوجد واحد فيكم عنده ذرة من دم رأى هذه الحفر أو مر على هذا التكسير طوال 7 سنوات وشاهد تعطيل الآلاف يوميا، مع أن تكلفة إعادة تسوية وإصلاح ورصف هذه الحفر لن تتعدى بضعة أو مئات من الجنيهات؟

أقول لكم أنتم لا تستحقون أن تكونوا في موقع المسئولية وتستحقون المساءلة بتهمة التقاعس عن أداء مهام وظائفكم.

هذا التقاعس موجود في كل شبر من أرض مصر، على سبيل المثال لا الحصر: ما أكثر الطرق الطويلة المظلمة بلا عمود إنارة في بلادنا، مع أن تكلفة الإنارة لن تتعدى بضعة آلاف من الجنيهات، وكل من يسير عليها بسيارة يضع روحه على كفه وينطق الشهادتين خوفا ورعبا من الظلام الدامس، وكأن كل من يعيش على أرض هذه البلد هم مواطنون درجة عاشرة لا يستحقون حياة آدمية وشوارع مضاءة.

وإذا كنا نتحدث عن إنجازات الكبارى التي تم تشييدها والطرق التي تم إنشاؤها في عهد الرئيس "السيسي" وهى غير مسبوقة في مصر، فإن البنية الأساسية للشوارع والطرق القديمة المهترئة والمتهالكة لقلب مصر من الداخل لا تقل في الأهمية عن شبكة الطرق والكبارى الجديدة، فلا معنى لأن أقطع مسافة طويلة عند السفر في زمن قصير، ثم عند العودة من السفر ودخول القاهرة الكبرى نقضى ساعات في الوصول إلى بيوتنا بسبب شبكة الطرق الداخلية المتهالكة التي عفا عليها الزمن، وضربها الإهمال والتجاهل من المسئولين الذين لايستحقون رواتبهم التي يتقاضونها.

>> الحق دوما له وجه واحد، غير أنه بعد حالة الانفلات الأخلاقى التي ضربت مجتمعنا قبل 8 سنوات صار عند كثير من المصريين له وجهان، لم نعد نجد من يبادر بالاعتراف بالخطأ والاعتذار إزاء أي مشاحنة أو انفعال أو خلاف في وجهات النظر، وصار الحق يقبل القسمة على إثنين، تجد من يصدم سيارتك من الخلف وهو المخطئ بالقانون وبالأخلاق وبكل الحسابات، وبدلا من أن يعترف بالخطأ ويعتذر، يستعرض عضلاته ويرفع صوته ويتجادل ويوجه لك سيلا من الاتهامات في مشهد أشبه بحوار الطرشان بل ولا يبادر بعرض إصلاح سيارتك باعتباره مخطئا، هذه الحالة من "التبجح" أو حوار الطرشان تسمعها وتراها يوميا في كل مناحى حياتنا، في الشارع، وفى منطقتك، ومع جيرانك، وحتى على ركنة السيارات.

لقد أصبح الكثيرون يعتقدون –وتحديدا منذ ثورة يناير- أن الصوت العالى هو مفتاح انتزاع الحق الذي قد يضيع، لكن الأصوات العالية والصياح صار يملأ الأفق ويؤذى الآذان كل يوم بالحق وبالباطل، على الجانب الآخر هناك المسالمون أو المستسلمون الذين يقبلون التنازل عن حقوقهم مقابل عدم الدخول في مشاحنات وخناقات وتوتر وحرق دم، قد يفضى إلى ارتفاع الضغط وحدوث ما لا يحمد عقباه، وأفتخر أن أكون أحد هؤلاء المسالمين أو المستسلمين كما علمتنى أمى.

>> الشيء الوحيد الذي يجعلنى مقتنعا بأن شوارع هذا البلد ستتطهر من دنس براميل الزبالة المتحركة المسماة بـ"التكاتك"، ويجعلنى أصدق أنه سيتم استبدالها بسيارات صغيرة لا تشوه المنظر العام لشوارعنا، هو أن يصدر القرار بتوجيهات من الرئيس وليس بقرار من رئيس الوزراء لضمان جدية التنفيذ..

ثانيا يجب أن تحسب الحكومة عدد التكاتك في كل محافظات مصر، وهى تتأرجح بين 2 إلى 3 ملايين، المرخص والشرعى منها نحو 300 مليون ثم تخصص ميزانية منفصلة لاستبدال التكاتك المرخصة فقط بعربات الفان مجانا وليس بـ55 ألف جنيه، ثم تصادر غير المرخص بلا شفقة أو هوادة.. بغير ذلك سيلقى القرار نفس مصير القرارات التنظيمية السابقة في هذا الشأن.

>> كثيرون من أصدقائى لفت نظرهم توقفى عن الكتابة منذ فترة، وتواصلوا معى لمعرفة السبب بعد أن انتابهم القلق علىَ، بعضهم قال لى: "نفتقد كتاباتك التي تهدف لمكافحة كثير من الظواهر المجتمعية السلبية وبسط دولة القانون، وبالتحديد الغلاء وتعويم الجنيه وفوضى وإشغالات الشوارع وزحام المرور والسير العكسى وسياس الأرصفة وإتاواتهم على أصحاب السيارات".

أشكر وأقدر بالطبع كل من اهتم بغيابى وأقول "الصحافة لم تعد سُلطة رابعة ولا خامسة ولا عاشرة، بل لم تعد لها سُلطة أصلا، ثم.. ماذا تفيد الكتابة إذا شعر الكاتب أن رد فعل المسئولين المعنيين على ما يكتبه منعدم، وأنه لم يعد هناك من يقرأ ويسمع ويستجيب، وأن كتاباته ليست أكثر من "تنفيس"، بل حتى لا تساوى ثمن الحبر الذي كتبت به؟"..
Advertisements
الجريدة الرسمية