رئيس التحرير
عصام كامل

شقيق الرئيس الراحل في ذكرى نصر أكتوبر: السادات خدع العالم.. وأخفى عن أهل بيته "ساعة الصفر"

فيتو

  • كان يلقبني بـ "الكومندان".. ومنذ الصغر اخترت الالتحاق بالقوات المسلحة لأكون ضابطا مثله
  • شارك في تجهيز أخواته البنات.. وحين رفض أبي قال له: "أشعر أنهم أولادي"
  • خطة الخداع الإستراتيجي لم يعرفها سوى قادة الجيش.. وتم اختيار السادس من أكتوبر بعد دراسات مستفيضة
  • علمت بخبر استشهاد شقيقي عاطف بعدها بـ 6 أيام.. ورأيت الرئيس يخبئ أحزانه حتى لا يفسد فرحة النصر
  • "بن جوريون" رفض مواجهة قوات الجيش المصري.. وأوصى جنوده ألا يواجهوهم وجها لوجه

"من رأى ليس كمن سمع"، واللواء محمد عفت السادات، شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، أحد أبطال سلاح المدفعية، كان أحد شهود العيان على ما يجرى في الكواليس قبيل حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، لذلك تكتسب شهادته أهمية مختلفة.

السادات الشقيق الأصغر للرئيس الراحل كان أحد أفراد غرفة عمليات القوات المسلحة خلال الحرب، وبحكم موقعه أتيح له الاطلاع على تفاصيل وأسرار كثيرة عما جرى من مواجهات على الجبهة بين جنود مصر البواسل وقوات العدو الإسرائيلي، وما زال الرجل يتذكر بمزيد من الفخر بطولات قوات الجيش المصري في اختراق خط بارليف وتدمير القواعد العسكرية الإسرائيلية في الساعات الأولى للحرب.

بعيدا عن خدمته في صفوف الجيش اقترب عفت السادات من شقيقه أنور داخل منزل الأسرة، والتحق بالكلية الحربية ليكون ضابطا مثله، وفي هذا الحوار يحكي لـ "فيتو" تفاصيل خاصة عن علاقة الرئيس بإخوته وكيف كان يشارك في تجهيز شقيقاته ومَن مِن أشقائه كان الأقرب لقلبه، وحكايات أخرى نتعرف عليها في السطور التالية:

*بداية.. لماذا التحقت بالكلية الحربية؟
منذ الصغر وأنا مُغرم بأن أكون فارسا أو ضابطا في صفوف القوات المسلحة مثل أخي الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي كان يلقبني "بالكومندان"، وكان يعاملنا أنا وكل أشقائه بحب وود ويعتبر الشهيد البطل عاطف ابنه المدلل، وقد التحقت بالكلية الحربية في عام 1957 عقب العدوان الثلاثي على مصر في 56 وتخرجت في يناير 1960 والتحقت بسلاح مدفعية الميدان، وفى نفس سنة التخرج سافرت إلى سوريا للمشاركة في الوحدة بين مصر وسوريا وهناك أخذت الفرقة الأساسية بسوريا، وعقب عودتي إلى القاهرة عام 1961 حصلت على الفرقة الأساسية مرة أخرى نظرا لاختلاف المفاهيم العسكرية بين البلدين.

*حدثنا عن أنور السادات الأخ والإنسان؟
أنور كان شخصا حنونا جدا وكان يعامل كل إخوته على أنهم أولاده وكان يشارك في كل المناسبات العائلية مثل زواج أخواته البنات حتى إن والدي رحمه الله كان يقول له مستورة وأنا ما زلت على قيد الحياة فيرد عليه ربنا يعطيك الصحة ولكنني أشعر بأنهم أولادي أيضا وأنا مسئول عنهم.

* الرئيس السادات كان يراوغ العالم كله بخطة الخداع الإستراتيجي ماذا كان شعورك وأنت ضابط وقتها بأنه لا يوجد ميعاد واضح للحرب؟
كل رجال القوات المسلحة وقتها كان لديهم شعور بأننا سنحارب لاسترداد الوطن المغتصب وكنا نتدرب بشدة لكي نأخذ بثأرنا من العدو الصهيوني المغتصب مهما طال الزمن وكان الرئيس السادات يرى حماس الشباب في، وكنت أنقل له استعداد زملائي بالتدريبات والاستعداد للمعركة وبأننا على استعداد للثأر من العدو الإسرائيلي في أي وقت، ولكن في عام 1972 عقدت اتفاقية بين روسيا وأمريكا بقيادة بريجينيف ونيكسون للاسترخاء العسكري في منطقة الشرق الأوسط وهذا الموضوع جعلنا كضباط نفقد الأمل خصوصا وأن الروس نفذوا الاتفاقية وأوقفوا إعطائنا السلاح ولم يكن وقتها اعتمادنا الأكبر على السلاح الروسي طبقا لنظرية تنويع مصادر السلاح التي وضعها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. 

وعلى الجانب الآخر قامت أمريكا بمنح إسرائيل كل الأسلحة الحديثة دون الالتفات للاتفاقية، كما وقع عدد من الأحداث في نفس العام منها المعركة بين الهند وباكستان وانشغلت روسيا في الوقوف بجوار باكستان ضد الهند وهذا أثر أيضا في إمدادنا بالسلاح، والأوضاع على الساحة الإقليمية والدولية كانت تقول إنه مستحيل أن تقوم مصر بعمل عسكري أبدا ضد إسرائيل في هذه الفترة ولكن الرئيس السادات كان له فكر خاص فاستغل هذا الاسترخاء في إعداد القادة للخطط العسكرية وتكوين قيادات ميدانية جديدة واستحداث الجيوش الميدانية وإعداد القيادات التعبوية ورفع المهارة والكفاءة القتالية من خلال التعبئة المستمرة للقوات على الجبهة في صورة مناورات وتدريبات بالذخيرة الحية وكان هذا الموضوع يكلف إسرائيل 40 مليار دولار من خلال تعبئتها للقوات الإسرائيلية في كل مشروع يعلن عنه وتتوقف كل الأعمال داخل إسرائيل حتى يتم استنزافها ماديا ومعنويا حتى أصبح أمر عبورنا القناة والاشتباك مع الجيش الإسرائيلي وجها لوجه مستحيلا وعندما أحضرنا القوات على جبهة القناة يوم العبور لقناة السويس ظنوا أننا سنقوم بمشروع آخر ولم يشكوا أبدا أن ساعة الصفر حانت وعبرنا يوم 6 أكتوبر العاشر من رمضان 1973 مثقلين بالإيمان في النصر واسترداد أرضنا الطاهرة.

*كيف تم إعداد الجبهة الداخلية والخارجية لمصر قبل الحرب؟
السادات لم يترك شيئا إلا وكان هناك تخطيط كامل له ورغم كل هذا لم تستطع إسرائيل التنبؤ بالحرب بالرغم من تطور أجهزتها المخابراتية، فالدبلوماسيون المصريون لم يتركوا دولة في العالم إلا وذهبوا لها وقاموا بتدويل قضية اغتصاب إسرائيل للأراضي المصرية في سيناء وأي معركة قادمة ستكون من حقنا لاسترجاع الأرض، وفي الداخل تم إعداد المصانع ليكون إنتاجها للمجهود الحربي والمستشفيات الخاصة والعامة، بالإضافة إلى القوة الناعمة من الكتاب والشعراء والفنانين الكل في وقت واحد ودون أي شك في أن تكون هناك حرب وشيكة.

* لماذا تم اختيار يوم 6 أكتوبر لبدء الهجوم وعبور القناة ؟
كما قلت بدأ السادات سرا مع القادة الكبار وضع الخطة قبل الحرب بشهور وأصبح كل فرد وضابط يعلم مكان عبوره والهدف الموكل إليه وتدربوا عليه عشرات المرات حتى اتقنوا عملهم باحترافية لدرجة أن بعض الجنود والضباط عقب الحرب قالوا إن العبور ومواجهة العدو داخل سيناء كان أسهل من التدريبات التي قمنا بها قبل الحرب وهيئة العمليات بالقوات المسلحة قامت بدورها في دراسة جميع نقاط القوة والضعف للعدو الإسرائيلي ومعرفة الأعياد السنوية لليهود التي وجد أنها 11 عيدا ثلاثة منها فقط في شهر أكتوبر وهي "الغفران والتوراة والمظلات"، لمعرفة تأثير هذه الأعياد على الحركة داخل إسرائيل وإعلان التعبئة العامة للجيش الاسرائيلى لأنها ترسل استدعاءات مباشرة لعناصر جيشها لتعبئتهم ولكنها تستخدم جملا كودية يتم بثها في الإذاعة على الهواء مباشرة يفهم منها أنه مطلوب الاستدعاء لمعسكرات الجيش الإسرائيلى كل حسب سلاحه فالشعب الإسرائيلي كان يستمع إلى إذاعته باستمرار لأنها الطريقة الوحيدة الأسرع للتواصل هناك.

واكتشفت هيئة العمليات أن عيد الغفران هو الأنسب لتفيذ الهجوم بسبب منع الحركة وكافة الأنشطة لليهود بالإضافة لاختيار الهجوم بعد الساعة الثانية ظهرا وهذا مخالف لكل قوانين الحرب التي تقول إنه مع أول ضوء أو آخر ضوء ولكن اختيار الثانية ظهرا حتى تكون الشمس عمودية على المواقع الإسرائيلية وقت العبور وخلف القوات المصرية وأيضا يكون فيه النصف الأول من الليل مقمرا لتسهيل فرد الكبارى والمعديات والبراطيم التي تمر عليها الدبابات المصرية وبطاريات الصواريخ والأسلحة الثقيلة التي ستشارك في الحرب كما وجد أن يوم 6 أكتوبر، سيكون فيه نسبة المد والجزر أقل ما يكون وكذلك سرعة التيار وباستطلاع الأجواء على الجبهة السورية المشاركة معنا في نفس الحرب تبين أن شهر أكتوبر توقيت مناسب لسوريا لأن بعده تتساقط الثلوج على الجبال والتي ستكون مسرح العمليات مما يعوق العمليات العسكرية.

وفي إسرائيل كان من المقرر أن تتم انتخابات اتحاد العمال الإسرائيلي في أواخر سبتمبر والثلث الأول من أكتوبر يعقبه انتخابات البرلمان الإسرائيلي " الكنيست " يوم 21 أكتوبر والمعروف أن الشعب الإسرائيلي أغلبه من جنود الاحتياط وهم أيضا الناخبون الذين يدلون بأصواتهم، كل ذلك جعل يوم السبت 6 أكتوبر والموافق عيد الغفران أنسب يوم لبداية الهجوم وعبور قناة السويس والموافق العاشر من رمضان فالعدو يعلم أنه من المستحيل أن نحارب ونحن صائمون ولكن هذا الأمر كان له دور كبير في رفع معنويات المقاتل المصرى، أما عن الساعة الثانية إلا خمسة للضربة الجوية الأولى فوجد أن الشمس في ذلك الوقت تكون في عيون مراكز العدو مما يجعل الرؤية لديه شبه مستحيلة فلا يستطيع الرد على موجات العبور الأولى.

*أين كنت عند بدء الهجوم يوم 6 أكتوبر وهل كنت تعرف ميعاد الحرب؟

ساعة الصفر لم يعلمها إلا القادة وقتها وعدد قليل من المشاركين في عمليات العبور الأولى وأنا كانت رتبتي وقتها مقدم وتم إلحاقي بمركز العمليات الرئيسى للقوات المسلحة، ضمن الطاقم الذي يشرف عليه اللواء محمد سعيد الماحى مدير سلاح المدفعية داخل غرفة عمليات المدفعية الذي كان يعطى لنا التعليمات لتنفيذها وإذا كان لنا اقتراحات نقوم بتقديمها للقيادة لأخذ القرار فيها فورا مثل نقص الذخيرة والإمدادات وتزويد الجيوش والمناطق بما يحتاجونه خلال العمليات بالجبهة.

ولن يصدق أحد أنني لم أعرف بميعاد الحرب إلا وقت العبور عندما وجدت الرئيس السادات القائد الأعلى للقوات المسلحة والفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية القائد العام للقوات المسلحة والفريق سعد الشاذلى رئيس الأركان صاحب التوجيه 41 الذي على أساسه تم القتال من أصغر عسكري إلى قادة الجيوش والمناطق العسكرية ومديرى الإدارات، واللواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات وقادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة كلهم جاءوا مرة واحدة إلى مركز العمليات وبدءوا عرض الخطة ومراجعتها وتم تحديد الساعة الثانية إلا 5 دقائق لعبور الطيران في وقت واحد بطول الجبهة لشل حركة العدو بتدمير مطاراته ومراكز القيادة والسيطرة وبطاريات الصواريخ ومواقعه الحصينة داخل العمق، ولن أنسى أبدا فرحة الرئيس السادات بعد تلقى خبر نجاح الضربة الجوية الأولى بنسبة خسائر لا تتعدى 5%، ويومها قال للموجودين "الحمد الله كدا انتصرنا يا أولادى".

*بصفتك تنتمي لمدفعية الميدان حدثنا عن دور المدفعية في حرب أكتوبر؟
فور عودة الطائرات المشتركة في الضربة الجوية الأولى خرجت المدافع من أماكن اختبائها على طول القناة في المواجهة مع العدو وبدأت تدك الساتر الترابي والمواقع الحصينة وكان عددها يزيد على 4 آلاف مدفع قصفت العدو بواقع 175 قنبلة كل ثانية في فترات القصف أو الدقائق الأولى من التمهيد بالنيران حيث تم إسقاط 10500 دانة على الموقع الإسرائيلية في توقيت واحد، وكان حشد هذه المدافع على خط المواجهة عمل فريد من نوعه وبارع في نفس الوقت وضمن الخداع الكامل للعدو المتغطرس، الذي لم يعرف من خلال أجهزته المتقدمة ومخابراته كيف دخلت هذه المدافع وذخيرتها إلى أماكنها دون أن يدرك الحرب القادمة عليه، وكانت النتيجة أننا دمرنا نسبة كبيرة من الاحتياطي المدرع الإسرائيلي خلال الأيام الأولى للحرب، بعد قيام المدفعية بعبور قناة السويس يوم 6 أكتوبر إلى سيناء مع الموجات الأولى للمشاة بعد ذلك قاموا بتوجيه ضرب المدفعية من غرب القناة إلى الشرق، وتحققت أكبر مستويات الفاعلية في القصف داخل العمق ومناطق تشوين الذخيرة الإسرائيلية وحشد الدبابات في عمق العدو وبعد ذلك تقدمت تشكيلات المدفعية العبور إلى سيناء لتحقيق النصر، وتم إسقاط 30 طائرة سكاى هوك و12 فانتوم قامت مجموعات الصاعقة والمشاة الذين عبروا قبل ساعة الصفر يقاتلون لمدة 6 ساعات بالأسلحة الخفيفة وبدون مدفعية والنتيجة كانت تدمير 110 دبابات من 330 كانت منتشرة على الجبهة من السويس حتى بورسعيد وفى خلال 8 ساعات فقط من بدء الهجوم تم إقامة 10 كبارى ثقيلة و10 كبارى خفيفة للعبور و750 زورق اقتحام مطاطى.

*شقيقك البطل طيار عاطف السادات كان أول الشهداء الطيارين في الضربة الجوية كيف علمت بنبأ استشهاده.. ومتى كانت آخر مرة قابلته قبل الاستشهاد؟

آخر مرة قابلت فيها الشهيد عاطف كان يوم الخميس قبل الحرب بيوم ذهبت إليه في القاعدة الجوية التي كان بها ووجدته في الطائرة يتدرب بالذخيرة الحية فانتظرته وجلست أتحدث مع زملائه ووجدتهم يشعرون أن الحرب أوشكت على البداية ولم أستطع إجابتهم لأنني لا أعرف.

وعندما جاء عاطف كان يتصبب عرقا من التدريب وطلب مني أخذه في طريقي بالسيارة لزيارة إخوته وبالفعل تحركنا وزرنا كل إخوتى هذا اليوم وتناولنا العشاء معهم وغادر مع ساعات الصباح الأولى يوم الجمعة وعدنا إلى مواقعنا ولم نعلم بميعاد الحرب.

عندما بدأت الحرب كل واحد فينا كان مشغولا بدوره الموكل له وأنا موقعي غرفة عمليات المدفعية لا أعرف ماذا يدور داخل غرفة عمليات القوات الجوية ولم أكن أتخيل أبدا أن عاطف مشارك في الضربة الجوية الأولى وبعد نجاح عمليات العبور والتقدم الهائل في العمليات وانتصار قواتنا المتتالي على العدو الإسرائيلي لم يكن لدى وقت للخروج الا بعد الحرب بنحو 6 أيام قابلت رئيس إشارة المركز التابع له عاطف صدفة وسألنى "مش بتسأل عن عاطف ليه فارتبكت وعندما شعر بقلقى قال لى اطمن مفيش حاجة عاطف بخير ويحارب مع زملائه ببسالة، ولكن الشك بدأ يراودني وشعرت بشيء غريب بأن أخي ليس بخير فقمت بطلب القاعدة الجوية التابع لها فرد على المدير قائلا عاطف في " ممر الطائرات " صعب توصيل التليفون له ولكن عندما يعود سوف أبلغه باتصالك للسؤال عليه ومر وقت طويل لم يتصل وزاد شكي بأن هناك مكروها حدث له فقمت بالاتصال مرة أخرى ورد على عسكري التحويلة قائلا يا أفندم القائد في اجتماع فشعرت بالقلق أكثر وأكثر مما اضطرني إلى الذهاب للواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية والاستطلاع فأحضر لى صور موشى ديان وزير الدفاع الاسرائيلى خلال زيارته لجبهة القتال الإسرائيلية عندما نزل في منطقة نمرة 6 وحاول إشغالي عن قلقي وبعدها قال لي عندنا مجموعات استطلاع خلف خطوط العدو وهكلفها بالبحث عن عاطف في سيناء، فهرعت مسرعا للرئيس السادات وسألته عن أخبار عاطف لأنني قلق عليه جدا فصمت قليلا ثم ربت على كتفي وقال " عاطف استشهد وعرفت بعد عودة الطيران ب5 دقائق، وهو أحد أولادى الطيارين اللى استشهدوا يا عفت خلال الضربة الجوية الأولى، وكنت اشعر يومها بالحزن الشديد الذي يحاول الرئيس إخفاءه أمام الحاضرين لأن عاطف كان يمثل الابن المدلل له وليس أخا عاديا ولكنه لا يريد أن يكون لحزنه تأثير على فرحة النصر التي يشعر بها كل الموجودين داخل غرفة العمليات وهم يتابعون العبور ونتائج النصر.

*هل كانت إسرائيل تتوقع انتصار الجيش المصري عليها رغم تفوقها وإمداد أمريكا لها بالجسر الجوي؟

إسرائيل تخاف جدا من مواجهة الجيش المصرى وتعلم جيدا مدى كفاءاته في القتال وهم يقرأون الكتب المقدسة ويعلمون أن جنود مصر خير أجناد الأرض ففى حرب فلسطين عام 1948 عندما اشتركنا في الحرب وبالرغم من التدريبات البسيطة التي حصل جنودنا عليها مقارنة بتدريب المقاتلين اليهود الذين تم تجميعهم من كل جيوش العالم المتقدم وصلنا إلى مشارف تل أبيب بعمق نحو 35 كيلو مترا، وتم توقيع أربع هدنات لكي تقوم إسرائيل بتعبئة قواتها وتلتقط انفاسها وفى عام 56 أعطى رئيسهم بن جوريون تعليماته للجيش الاسرائيلى بعدم دخول الحرب إلا إذا شارك الجيش الإنجليزي والفرنسى وألا يقاتلوا الجيش المصرى أبدا وجها لوجه وحدهم، وفى 1967 قام الطيران الإسرائيلى بالإغارة على قاعدة جوية مصرية بالأردن أثناء قيادة الفريق عبد المنعم رياض للقيادة المشتركة هناك فقام الدفاع الجوى المصري بإسقاط طائرتين من 8 طائرات إسرائيلية.

والأهم من ذلك أن إسرائيل عندما خططت للقيام بالهجوم على مصر في 5 يونيو 67 طلبت طيارين من خارج إسرائيل فمدتها أمريكا بـ200 طيار من المرتزقة الذين خلفتهم الحروب من الأمريكان والإنجليز لمواجهة القوات الجوية والدفاع الجوى المصرى بأحدث الطائرات الأمريكية وقتها وفى 1973 لولا تدخل أمريكا بعد أن توسلت جولدمائير ومدت الجسر الجوى لانتهت إسرائيل من على الوجود تماما حيث كانت القوات المصرية تحاصر ثلثي القوات الإسرائيلية في الثغرة وقادرة على سحقها تماما بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة في مسرح العمليات بسيناء.
الجريدة الرسمية