رئيس التحرير
عصام كامل

القوالب النمطية وفقدان الاتصال بين الناس


أي اتصال بين الناس هو رسالة من مرسل إلى مستقبل، وله وسيلة اتصال، ولا شك أنه مع زيادة تبادل الرسائل عبر وسائل الاتصال الحديثة والمعروفة بمواقع التواصل الاجتماعي وصلت إلى تقدم رهيب جعل الكرة الأرضية كلها كيانا واحدا، حيث يمكن لأى فرد في أي مكان أن يتصل وقتيا بآخرين دون أدنى مشكلات تذكر في عالم افتراضى مفتوح.


لكن هذا العالم للأسف كان سببا في انخفاض التواصل الاجتماعي إلى أدنى مستوياته، مما جعل أكبر المشكلات التي تواجه الجيل القادم هي انخفاض القدرة على التفاعل مع الناس.

أصبحت الأفراد منعزلة عن بعضها البعض إلى حد أن يفضّل بعضهم التعامل من وراء الشاشات عن التعامل الحقيقي بالمواجهة والمناقشة، واصبح الهروب من المواقف في الواقع عبر فتح العالم الافتراضى سريعا والعيش فيه بالساعات وهو ما ادى إلى شيوع العديد من الأمراض وخاصة لدى صغار السن.

ونظرًا لضيق الوقت وسرعة تتابع الأحداث لم يعد هناك مساحة كافية لمعرفة الناس والتواصل الحقيقي الذي ينتهى بشىء إيجابى بينهم، بل أصبح تصنيف الناس في قوالب نمطية هو الأكثر شيوعا ومن بعيد عبر شاشات المحمول.

القوالب النمطية هي قوالب من نتاج الذاكرة، حيث يقوم الفرد بتسكين من يراه في قالب يشبه أحدا التقى به في الماضى، ويفترض أنه يشبهه في الصفات والسلوك وردود الأفعال، وعليه يقرر الفرد طريقة معاملة كانت تناسب الشخص الذي عاش في الماضى، ولكنها للأسف لا تناسب الشخص الذي يعيش في الحاضر.

ينتج عن ذلك اصطدامات كثيرة في تلاقى الأفكار والمعانى وافتراضات وتوقعات وهمية لا تصل إلى حيز الحقيقة. ولعل أكثر ما يواجه الجيل القادم الذي سيقضى أكثر وقته خلف الشاشات هو تنميط الناس على حسب الإدراك الشخصى لقوالب معينة، والوصول إلى قناعات يبنى عليها مستقبل العلاقات بينهم، ولهذا فان الخوف من المواجهة والسلبية والهروب من الواقع سيكون اتجاه أكبر للبعض الذين سيفضلون التعامل في العالم الافتراضى أكثر من التواصل في العالم الواقعى.

إننا أمام إنذار من تنامى اللامسئولية وعدم الالتزام نتيجة وجود ضعف التواصل بين الناس، ومشكلات تزداد بناء على عدم وجود مناقشات، بل الاكتفاء برسائل نصية ولن تجد النتيجة التي تحدث مع الاتصال الواقعى.. لذا علينا إحداث التوازن وتدريب أبنائنا على مهارات التواصل الواقعى قبل الافتراضى، الذي سيكون له أثر سلبى في المستقبل على العلاقات بين الناس.
الجريدة الرسمية