رئيس التحرير
عصام كامل

ومتى كانت نوال السعداوى.."نبيَّة"؟!


في "وصلة ردح نسائية مُعتبرة"..عبَّرتْ ابنة "نوال السعداوى" عن استيائها مما وصفته بعدم الاهتمام "الرسمى" الكافى برعاية والدتها التي تعانى من "أمراض الشيخوخة"؛ بحُكم سنها المتقدمة. وبسبب علاقاتها المتشابكة مع عدد من مسؤولى الصحف، فإن هذه "الوصلة" تم تعميمها ونشرها في أكثر من صحيفة، وأحيانًا في الصفحة الأولى، باعتبار مرض أمها "حدثًا جللًا وتاريخيًا".


ولم تنسَ الابنة البارة بوالدتها أن تُذيلَ تلك "الوصلة" بعبارة: "لا كرامة لنبي في وطنه"، في إشارة واضحة وصريحة إلى أن والدتها بلغت درجة الأنبياء والمرسلين، إن لم تكن قد صارت واحدة منهم!

بادئ ذى بدء، لا أعلم متى ولا كيف تمَّ تكليف "نوال" بالرسالة أو النبوة، ومن الذي كلفها بها، وهل هي من أنبياء الأرض، أم من أنبياء السماء، ولا هي مُرسلة للمصريين فقط، أم للعالم كافة، ولكن ما أعلمه حقًا هو أن المذكورة اختارت منذ البداية أن تخاصم أديان السماء، خاصة الإسلام، وتتخذها سخريًا. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل تجاوزه إلى السخرية من الذات الإلهية، تعالى الله عما يصفون!

"نوال" – التي تكمل في الشهر المقبل عامها التاسع والثمانين- دأبت في جميع مؤلفاتها وحواراتها ومقابلاتها التليفزيونية، على هدم كل ما هو راسخ، وتدنيس كل ما هو مقدس، ومساعدة الشيطان في إغواء البشر، وهو ما جعلها مرغوبة خارجيًا، فتم تكريمها ماديًا ومعنويًا، شأن كل من يحتشدون في خندق خصومة الإسلام!

البضاعة الأساسية والمهمة عند "نوال" بشأن الإسلام تتمثل في إنكار فرضية الحجاب والترويج للعُرى والانفلات الأخلاقى في أحطِّ صوره، ووصم فريضة الحج بأنها "وثنية"، وإنكار كل ما هو معلومٌ من الدين بالضرورة، وهو ما ينعكس في مُجمل أعمالها، على غرار: رواية "سقوط الإمام"، "المرأة والجنس"، "الأنثى هي الأصل"، و"الإله يقدم استقالته من اجتماع القمة"، والأخير تم منعه من النشر في مصر.

الباحث "أحمد أبو زيد" يُشخص حالة "نوال" قائلًا: "أرادت أن تحقق لنفسها شهرة واسعة، فلم تجد لذلك وسيلة إلا الطعن في الدين، وهو نفس الطريق الذي سلكه قبلها: "سلمان رشدى" و"نسرين" تسليمة" و"علاء حامد"، فكلهم دخلوا خندقا واحدا، بعد أن أصبح الطعن في الدين الوسيلة الأسرع للشهرة في هذا العصر الذي كثر فيه المرجفون الذين يحملون أسماء إسلامية ويعيشون بيننا ويحاربون ديننا وعقيدتنا".

أما الكاتب "رونى فلحوط"، فانتهى بعد قراءة دقيقة لأعمالها إلى أن "الإرث القمعي الطويل في المجتمعات العربية، وانتكاسات مشروعات النهضة عبر التاريخ الحديث، رغم التضحيات التي قادتها النخبة على اختلاف توجهاتها، دفع مفكرين ومثقفين إلى مصير مؤلم تراوح بين الانسحاب، أو مغازلة الأنظمة الاستبدادية ذاتها، أو الارتماء في حضن المؤسسات الغربية التي تقدم وصفة سحرية للديمقراطية" واصفًا تلك النتيجة بأنها "ليست سوى خطاب استعمارى مُستتر بآليات عمل جديدة".

يعتبر "فلحوط" الكاتبة العجوز بأنها "واحدة من ضحايا هذه الحرية المزعومة؛ فهى بدلًا من مقاومة سيف «الجلاد»، تحولت إلى جلاد من نوع آخر يلهب ظهر الإنسان العربى، داعية إياه إلى التحرر الآن وحالًا وفورًا، عبر "خطاب مراهق واستعلائي يصل إلى حد الشتم والتسفيه"!

«أحيانا أستخسر نفسى أن أكون في مثل هذه المجتمعات»، هكذا تقول "نوال" في خطاب لها يمثل أعلى حالات المرض وعبادة الذات، ولا يختلف كثيرًا عن أعراض مراهَقة فكرية واضحة تمثلت في كتابها الذي يحمل توقيعها باسم والدتها، بدلًا من اسم أبيها، لتصبح: "نوال زينب"، بدلًا من "نوال السعداوى"، تحت وهم رد الاعتبار للنساء "المحرومات" من أن يحمل الأبناء أسماءهن أسوة بالرجال!

آراء وأفكار "نوال"، تسير على "طريق الرضا الغربى"؛ حيث إن أبرز معاركها هي: الحجاب وختان الإناث وتعدد الزوجات وتحميل الإسلام مسئولية تخلف المجتمعات العربية وتدهور الحياة المدنية. وخلاصة قراءة مؤلفاتها لا تمنح القارئ جدلًا فكريًا عميقًا يدفعه إلى مراجعة أفكاره حول مُسلّمات عتيقة، ولا تمارس حفرًا في جذور الاستعباد العربى عبر قرون طويلة، إنها مجرد مناوشات سطحية إعلامية تنفّر، ولا تُحرر، وتدل على مأزق شخصى تعانى صاحبته من عقدة اضطهاد مزمنة، كان ينبغى عليها أن تحاول علاجها قبل أن تصف «روشتة» العلاج للآخرين.

"مهيب الأرناؤوطى"، أحد مَن اهتموا بالحالة "النوالية"، فكتب عنها قائلًا: إنها تعتبر أن الحجَّ وثنية، وأنها لا تعرف هل الله ذكر أم أنثى، بعد أن أعلنت حبها لإبليس؛ لأنه متمرد وليس خانعًا، وهاجمت الذات الإلهية في روايتها "سقوط الإمام".

فهل بعد ذلك كله، وغيره كثير جدًا، ترى ابنة "نوال السعداوى" أمها نبيَّة، وتستنكر عدم توفير أقصى درجات الرعاية الطبية لها، رغم أن الأخيرة تملك من المال ما يعفيها من ذل السؤال وتسوُّل العلاج عبر وسائل الإعلام، ولكنها آفة الميسورين المصريين الذين يريدون الاستئثار بكل شيء في هذا الوطن، ناسين أن هناك فقراء ومُعدمين لا يجدون علاجًا أو طعامًا أو كساءً، ولا يعلم أحد عنهم شيئاَ، وهم أوْلى منها بالعلاج والرعاية والاهتمام، ثم إن الإنبياء والمرسلين –يا سيدتى- يُعانون في حياتهم كثيرًا، ويضربون المثل في الصبر وتحمُّل البلاء، فهل سمعتِ يومًا أن نبيًَّا أو رسولًا يتلقى العلاج في المستشفيات الفاخرة؟!
الجريدة الرسمية