رئيس التحرير
عصام كامل

خيرى شلبى يكتب: أظرف ظرفاء العصر

خيرى شلبى
خيرى شلبى

في كتابه (في صحبة العشاق) انتقى الكاتب خيرى شلبى مجموعة من المشاهير ونجوم المجتمع وكتب عنهم، ومن بين هؤلاء المعلق الرياضى الكابتن محمد لطيف (رحل عام 1990) يقول عنه: لو أن قلمى هو ريشة الفنان جمال كامل لرسمت وجه الكابتن لطيف كما ينبغى بكل تفصيلاته.فليس هذا الرأس رأسا بل هو مدينة رياضية كاملة تسكنها عشرات النوادى والملاعب والمدارس، وليست هذه الجبهة جبهة بل هي اطلالة شراع سفينة مقبلة على بعد عشرات الاميال تنهب المحيط نهبا.


ويضيف : ليست هذه العين عينا بل هي عواميد من الخيوط الإشعاعية متصلة بالكرة تلاحقها أينما ذهبت صعودا أو هبوطا أو زحفا، وليس هذا الصوت صوتا بل هو هدير الملاعب كلها يصب في قلوبنا أنباء الحروب والغزوات.

الكابتن لطيف أظرف ظرفاء عصرنا بلا منازع، فظرفه وحده هو المسئول الأول عن نشر الوعى الكروى في بلادنا عبر موجات الأثير، وقد عرف الأثير معلقين كثيرين غيره ولكنه لم يعرف من طرازه أحدا غيره حتى الآن.

أدرك منذ وقت مبكر أن عملية نقل مباراة كرة قدم بين فريقين عملية لاشك سخيفة إلى أبعد الحدود، إنها عمل جاف لا يعطى مجالا للإبداع فالمذيع أمام كرة تتناقلها الأرجل لا أزيد ولا أقل، والمذيع مهما كان أديبا بارعا في الوصف فإن منتهى إبداعه أن يصف حركة الكرة بشئ من الخيال والتعبيرات الجميلة وهى في النهاية تقوم على الفرجة، إذ أن جمال كرة القدم وسحرها يكمن في رؤيتك رؤية العين للأعبين بأجسادهم وحركتهم على أرض الملعب.

أشهد بضمير مستريح أن كابتن لطيف استطاع أن ينقل المباراة كاملة في أذهاننا ونحن نيام في فراشنا نستمع إلى الراديو بذلك المهرجان الاحتفالى الكبير الجميل الذي يضيفه الكابتن لطيف على المباراة بأسلوب عرضه لها، وهذا العرض الاحتفالى ليس مجرد همبكة أو أونطة أو هيصة صناعية يعمد إليها الكابتن لطيف لكى يبث الحماس في أعصاب المشاهدين..لكنه الظرف، تلك الموهبة التي توفرت في إنسان حظى بلقب الظريف وانضم إلى قائمة الفنانين في مهنته فضلا عن كونه أحد علمائها

طاقة الظرف في الكابتن لطيف هي التي وضعته في قائمة فنانى الكرة مع أنه من علمائها الأفذاذ وهى أيضا السر الذي ينقل المباراة بحيوية دافقة فيغلى حماس المشاهدين وتتحول المباراة إلى شئ شديد المهابة..إلى شئ قومى علينا جميعا أن نوليه اهتمامنا.

ما شاهدت مباراة يذيعها كابتن لطيف إلا وقد زادت حيويتها أضعاف أضعاف حجمها الحقيقى، بل إننا وكثيرين أحببنا المباريات من خلاله وأدمنا متابعتها، ولا غرو فإن الكابتن لطيف لم يحظ بهذه المكانة لمجرد ظرفه في نقل المباراة بعباراته وتعليقاته المعروفى،بل لأنه في الأصل لاعب كبير عرفته الملاعب الدولية.

وهو ينقل المباراة ليس باعتباره مذيعا أو معلقا رياضيا بل باعتباره لاعب كرة قدم حريفا، ولذلك فهو لا يذيع المباراة بل يلعبها.
ألسنا نرى بعد كل ذلك أنه ساهم بقدر كبير في نشر التقاليد الرياضية الكروية، ألسنا نرى أنه خلق نوعا من مزاج الفرجة لا يكتمل إلا بصوته مهما كانت سخونة المباراة.

ألسنا نرى بعد هذا كله أنه قد أصبح شخصية كبيرة الحجم في مجتمعنا يعرفه جميع أفراد الشعب المصرى فردا فردا كأنه واحد من العائلة في كل بيت.
الجريدة الرسمية