رئيس التحرير
عصام كامل

الهجرة والدروس المستفادة


عزيزي القارئ لقاء جديد عن الهجرة النبوية المباركة، وكنا قد تحدثنا في مقال السابق عن المعنى الأسمى في الهجرة وهو الحب، ونتحدث في هذا المقال عن بعض الدروس المستفادة من رحلة الهجرة، والتي منها الانتماء وحب الوطن، والذي تجلى عند مرافقة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله لمكة المكرمة..


الموطن والبلد الذي ولد وتربى ونشأ فيه صلى الله عليه وسلم، حيث وقف على مشارفها ونظر إليها ودمعت عيناه وهو يقول: "والله إنك لأحب بقاع الأرض إلى، ولولا أن أهلك أخروجني منكي ما خرجت"..

ثم يأتي الدرس الثاني، وهو المبدأ الثابت وقيمة الأمانة، والذي تجلى من خلال ما فعله النبي الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم وعلى آله تجاه أمانات مشركي قريش المتآمرون على قتله، والتي كانت عنده، فيكلف النبي صلى الله عليه وسلم الإمام على بن أبي طالب كرم الله وجهه بردها وتسليمها لأصحابها..

ثم يأتي الدرس الثالث وهو انتقاء الخل والصاحب والرفيق، وقد تجلى ذلك عندما أمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله الصحابة بالهجرة وجاء سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه يستأذنه في أن يأذن له بالهجرة، فيقول له صلى الله عليه وسلم: "إنتظر لعل الله أن يجعل لك صاحبا".. ولقد كان سيدنا أبي بكر نعم الصديق ونعم الخل والرفيق والصاحب، وكان بحق أهلا لصحبة الحبيب صلى الله عليه وسلم..

ولقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله: "لو اتخذت غير ربي خليلا لاتخذت أبا بكر".. هذا وقد أكد سيدنا أبي بكر من خلال كل مواقفه منذ لحظة إسلامه على أنه الصديق الصدوق والخل الوفي الأمين والمخلص في صحبته والباذل لماله والمضحي بنفسه وبكل ما يملك حبا وإيمانا وإخلاصا ووفاء لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهو القائل: "بأبي وأمي أنت يارسول الله"..

هذا والمقام لا يتسع لسرد مواقفه الصادقة النبيلة.. هذا ولأهمية مسألة انتقاء الصحبة نجد التوجيه والإرشاد النبوي الشريف في حديثه صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".. أي يجب أن ندقق في اختيار وانتقاء الصحبة..

ثم يأتي درس مستفاد آخر وهو دور الشباب في تحمل المسئولية في بناء الدولة والمجتمع، وهو الذي تجلى من خلال دور "عبد الله بن أبي بكر" رضي الله عنهما والمهمة التي كلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وهي نقل الأخبار وأحاديث مشركي قريش فكان يمثل رجل المخابرات.

وكذلك دور السيدة "أسماء بنت أبي بكر" رضي الله عنها، وهي فتاة في ذاك الوقت، في إمداد الرسول وأبيها بالزاد والماء. هذا ومن الدروس المستفادة.. الحكمة في الإدارة واتخاذ القرار.. وقد تجلى ذلك من خلال قرار النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله بالهجرة سرا في الوقت الذي هاجر سيدنا عمر إبن الخطاب رضي الله عنه جهرا..

ومن المعلوم أنه ليس من بين بني آدم من هو أشجع من رسول الله.. في هذا الموقف نجد الحكمة النبوية فالنبي مشرع للأمة بأسرها وبه تقتدى الأمة.. فشرع عليه الصلاة والسلام بما يتناسب مع ضعاف الأمة آخذا بكل أسباب الحيطة والتوخي والحذر.. في حين أن سيدنا "عمر" فرد بذاته مسئولا عن نفسه وعن قراره..

هذا ومن الدروس المستفادة أيضا.. الصبر والتحمل والإصرار على تحقيق الأهداف وخاصة إن كانت أهداف نبيلة.. هذا ومن الدروس المستفادة أيضا.. الصدق في الأخوة في الله والبذل والإيثار وهو ما فعله الأنصار مع إخوانهم في الله المهاجرين في اقتسام الأموال والدور.. هذا والدروس المستخلصة والمستفادة من الهجرة النبوية المباركة أكثر من أن تحصى.. وللحديث بقية..
الجريدة الرسمية