رئيس التحرير
عصام كامل

إنه بن لادن.. الظواهري وعبد الله عزام


في الحلقة الماضية تحدثنا عن علاقة "أسامة بن لادن" بـ"عمر البشير" و"حسن الترابي"، ولأن شخصية إرهابية كانت حديث الناس لمدة طويلة بتنظيم متشعب أمر لا يخلو من وجود رجال آخرين فإن في حياة "أسامة بن لادن"، عددا من الشخصيات الذين شكلوا شخصيته، وأثروا فيه بل وخططوا لعملياته الإرهابية.


ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن "أسامة بن لادن" هو "عبد الله عزام" الرجل الفلسطيني الأصل الذي التقاه "أسامة" في أفغانستان، وإن كان وجوده في كتاب «إنه بن لادن» جاء هامشيًا على لسان زوجته، التي سافرت مع "أسامة" في ثمانينيات القرن الماضي للولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أن زوجها التقى "عبد الله عزام".

ورغم تلك العلاقة المبكرة فإن ذكر "عبد الله عزام" جاء على لسان "عمر بن لادن" وهو يصف فترة وجودهم في أفغانستان، ويقول: «أثناء إنشاء القاعدة وخلال عملية التسجيل اتضح أن مشروع إنشاء قوة عسكرية حسنة التنظيم على درجة هائلة من التعقيد، إذ لم ينطلق "عبد الله عزام" ووالدي بأكثر من كميات كبيرة من المال، ورغبة شديدة في خوض حرب مقدسة، وتحول أبي إلى طالب متحمس يتعلم الكثير من "عبد الله عزام"»

لكن رغم ندرة المعلومات عن "عبد الله عزام"، فإن الحديث عن "أيمن الظواهري" الذي لم يكنّ له "عمر بن لادن" أي حب، هو اللافت للنظر بل إن "عمر" اتهم "الظواهري" أنه تقرب من والده بسبب الأموال فقط رغم اعترافه أن "الظواهري" أيضًا سبب رئيسي في انتشار القاعدة من خلال التخطيط المنوط به.

وفي فترة السودان الأخصب بالنسبة لـ"أسامة بن لادن" يقول عمر نجله: «كان ضمن المتعاونين مع أبي تنظيم الجهاد برئاسة الدكتور "أيمن الظواهري" الذي ركز على قلب النظام المصري، ولم التقه كثيرا، وأنا مسرور لذلك فقد تركني الرجل منذ اللحظة الأولى التي التقيته فيها وأنا اشعر بالاضطراب، مع أن والدي يحترمه، واعترف بأن الدكتور "الظواهري" رجل ذو فكر متوقد، وأخبرني والدي أنه كانت للظواهري في فترة طفولته، ملكة نادرة في التعلم، وأصبح هو إنسان حالم يهوى الشعر، ويكره القتال وسفك الدماء، وقلة هم من يعتقدون أن مثل هذا الطالب الشاب المسالم سينتهج الإسلام العنفي، وتأثر بعمله من اتباع المذاهب الإسلامية الأكثر جذرية وتعاون مع غيره من الطلاب لإنشاء خلايا»

ويكمل "عمر بن لادن" توصيفه للظواهري: «تحالف وهو في بيشاور مع صديق والدي ومرشده "عبد الله عزام" ، ومن خلاله التقى والدي، واعتقد أن "الظواهري" في هذا الوقت شرع في التخطيط للعيش من مال والدي، وسمعت أنه أصبح منافسا لـ"عزام" في مساهمات والدي المالية من أجل قضية الإسلام، ولما رجع أبي في نهاية الحرب إلى السعودية عاد "الظواهري" إلى مصر، لكنه لم يتمكن من البقاء بعيدا عن المشكلات، فسافر إلى الولايات المتحدة حيث أصبح واحدا من راديكاليين مسلمين كثر، يحاولون في حلقات خطاب شعبية جمع الأموال لتنظيماتهم، ويقال إنه ادعى كذبا أن الأموال المجموعة ستذهب إلى الأطفال الأفغان الجرحى»

ويكمل «تحدث كثير من الراديكاليين المسلمين عن هذه الأموال، وعند ذاك سمع أن والدي هرب من السعودية إلى السودان، وأسفت لأن الظواهري اقتفى أثر أبي إلى الخرطوم، وربط مرة أخرى نفسه ومنظمته بتنظيم القاعدة، وشعرت بأن لا شيء جيد يمكن أن ينتج عن هذه الشراكة، وشكّل اغتيال "عبد الله عزام" 1989 مأساة، لأنه غالبا ما كان يهدئ العنف المختمر في نفوس المؤمنين الراديكاليين، أما الآن وفي ظل وجود "الظواهري" فبات الأمر مستحيلًا»

أما الواقعة الأبرز والمثيرة  فهي ما يرويه "عمر" عن اختطاف صديق له صغير فيقول: «اختطف ذلك الفتى وتناوبت عليه مجموعة من الرجال المجاهدين اغتصابه، وزاد الطين بلة أن المغتصبين التقطوا صورا له أثناء الاغتصاب، وبعده تمكن صديقي المسكين من النجاة بحياته وعاد إلى والده، والمريع في الأمر أن تلك الصور انتهت بين يدي الدكتور "الظواهري" زعيم تنظيم الجهاد، واحتدم غضبا معتقدا لسبب أن الفتى مخطئ..

وفي عالمنا يعاقب من يمارس اللواط بالموت، وهكذا انتظر صديقي رعبا من نوع آخر لما اعتقله قادة التنظيم وحاكموه وحكموا عليه بالإعدام، ولم يتورط أبي في أي شيء له علاقة بتلك الحادثة، لكنه استخدمنا ليذكرنا بأنه لطالما أبقى أولاده تحت الحراسة، وعلى مقربة من المنزل حتى لا تحصل مثل هذه الأمور، وحزنت كثيرًا لأن أبي رفض التحدث مع الدكتور "الظواهري" عن الحادثة وإنقاذ حياة صديقي، لأنني اعتقدت أن بمقدوره إنجاز ما يريد، وقام "الظواهري" بإطلاق النار على الطفل»

رغم تلك الرؤية استمر "الظواهري" ظلًا لـ"بن لادن" وأصبح وريث تنظيمه، ومشاركا في تخطيط كثير من الهجمات، ولا يعني ذلك أن "أسامة" بريء من كل ما حدث أو لم يكن يملك تخطيطا، لكن "أسامة" يملك غضبا أكبر و"الظواهري" يملك عقلا قادرا على ارتكاب أبشع المذابح البشرية.
الجريدة الرسمية