رئيس التحرير
عصام كامل

إنه بن لادن.. زوجة "أسامة" بين نارين


في الحلقة الماضية تحدثنا عن علاقة "نجوى غانم" بزوجها "أسامة بن لادن"، كيف تحملته خلال تلك الرحلة الطويلة من جدة حتى جبال تورا بورا في أفغانستان، وقلنا إن الثقة التي أعطتها «نجوى» لزوجها هي كلمة السر في ذلك، فنحن أمام سيدة وثقت في رجلها ولم يعد هناك مجال للتراجع لذلك حتى في أحلك الظروف لم تصدر منها أي شكوى، لكن إن كان هذا اختيارها انطلاقًا من حبها له، فإن هناك حبا آخر أوثق وأعمق وهو حبها لأطفالها، ولن نبالغ إن قلنا إنها وقعت في صراع بين حبها لزوجها وحبها لأبنائها وسط عيش صعب ومُنهك في كل الأحوال.


وبغريزة الأمومة وكأي امرأة اختارت "نجوى بن لادن" أن تضحى بنفسها بدلًا من التضحية بأولادها، وإن تم ذلك بطريقة تحفظ للزوج هيبته أمام أطفاله حتى لا يكون هناك أي غضاضة من الأطفال، ولعل البداية من حديث ابنها "عمر" حين تحدث عن الحياة الصعبة التي فُرضت عليهم ومنها منعهم حتى من شرب زجاجة مياه غازية بجانب عدم توفر أموال في أيديهم فكل شيء منوط به الحراس الشخصيين..

لكن رغم ذلك فإن "عمر" وإخوته كانوا يذهبون لحجرة امهم ويسرقون الأموال ليشتروا ما يحلو لهم، ويقول «عمر» لقد لاحظت أمي ذلك ولكن مع الوقت بدأت تضع لنا أموال أكبر لنسرقها ونشتري ما نريد على أن يكون هذا بدون علمها.

وأنا أقرأ تلك الكلمات أستطيع تخيل مشهد "نجوى بن لادن" حزينة وهي ترى أولادها ينشئون محرومين من كل شيء وأستطيع أيضًا أن أسمع صوت ضحكاتها وهي تعرف أنهم يسرقون أموالها فقط من أجل التنزه والعيش بحالة طبيعية.

تلك الطريقة التي اتبعتها "نجوى بن لادن" هي التي استمرت حتى أصبح الأطفال رجالًا، فحين أقدم ابنها الأكبر "عبد الله" على شراء دواء للربو في معارضة واضحة لأبيه الذي رفض الأدوية الحديثة لصالح الأعشاب، تغاضت الأم عن هذا ايضًا، وظلت هكذا تتغاضى عن كل المعارضات التي يرتكبها الأولاد ضد أبيهم، صحيح أنها لم تتدخل ولم تتفوه بكلمة لـ"أسامة بن لادن" كي يخفف من عناء أولاده لكنها أيضًا لم تمنعهم من أن ينولوا حظهم قليلًا من الحياة.

وفي جبال تورا بورا حيث الحياة المستحيلة وحين كبر الأطفال وصاروا رجالًا وقعت الأزمة فهم يريدون الحديث مع والدهم الذين لا يروه إلا بين رجاله ولا يتمتعون بأي لافتة حانية تجاههم، هنا تدخلت لأول مرة "نجوى بن لادن" لصالح أولاده فأخبرتهم أنها ستتحدث مع أبيهم لكي يجتمعوا ويجلسوا، ورغم بساطة الطلب لكن حديث «نجوى» لنفسها يشير إلى أن الأمور لم تكن على هذا النحو فتروي «لا أعرف كيف أواجهه، تلك هي المرة الأولى التي أطلب منه شيئا يتعلق بأولادنا، لكنهم كبروا وأرى ملامح الغضب على وجوههم، يجب أن أفعلها» وبهذا التحدي الكبير لهذا الطلب التافه طلبت نجوى بن لادن من زوجها الاجتماع بأولاده وبالفعل جلسوا.

وحتى حين جلسوا وطلبوا أن يوليهم أبيهم بعض الاهتمام لم تكن الإجابة مُرضية كعادة "أسامة بن لادن" ورغم ذلك فإن أولاده رضوا إلا "نجوى" التي تابعت هذا الحوار وقالت في نهاية وصفها «ليس هناك فائدة، لن يتغير شيء وسيزيد الغضب».

أما ذروة الأحداث فجاءت حين قرر "عمر بن لادن" مغادرة أفغانستان والخروج من جحيم أبيه، وبعد معارك كلامية ونفسية استطاع الابن أن يحصل على تصريح أبيه له بالخروج كما أصر الابن أن يأخذ أمه التي كانت على وشك الولادة في هذا الوقت، ورغم مرارة الطلب وصعوبته فقد وافق «بن لادن» ربما نظرًا لحالة زوجته الصحية وقلة الإمكانيات في أفغانستان، ولكن في الوقت الذي قرر فيه «عمر» أن تلك الرحلة هي القطيعة بينه وبين والده رفضت "نجوى بن لادن" أن تقاطعه فسافرت فقط من أجل الولادة وعادت مرة أخرى وإن كان جزء من عودتها يعود لاشتراط "أسامة" أن تكون طفلته الصغيرة في أفغانستان ليضمن عودة زوجته.
الجريدة الرسمية