رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

عبد الرحمن الرافعى: مدرسة الحياة

عبد الرحمن الرافعى
عبد الرحمن الرافعى

في مجلة التحرير عام 1953 كتب المؤرخ عبد الرحمن الرافعى مقالا قال فيه: الحياة كلها تجارب وعبر، بل هي مدرسة التجارب والحياة، أو هي كتاب مفتوح يستطيع الإنسان أن يتعلم منها ما لا يمكن أن يعرفه من أي كتاب آخر.

وحياة الإنسان ليست كلها صوابا أو سدادا، ولا يوجد إنسان يخلو من الخطأ والشطط في حياته، إنى معترف إني أخطأت في الحياة أخطاء عدة لكنها لم تخرج والحمد لله عن القواعد المستطاعة.

وأكبر خطأ في حياتى أنى لم أكون لنفسى ثروة ثابتة تدر على دخلا ثابتا، وكان في استطاعتى ذلك لو وجهت نفسي هذه الناحية من الحياة أن أحقق هذا الهدف.. ولكنى أهملت هذه الناحية وهذا خطأ لا شك فيه..لكن الزمن فات.

شعرت بهذا الخطأ في مقتبل شبابي، وكان أهم سبب لاهمالى هذه الناحية قلة خبرتى في المسائل المالية، وربما كان للحظ دخل فيه، وقد جربت أن استثمر ما ادخرت بطريقة رابحة فخسرت كثيرا.

وأنا لا ألوم نفسي كثيرا على عدم توفيقي في المسائل المالية، فالخبرة في هذه المسائل لا يتعلمها الإنسان أينما كان من الكتب، بل هي في الغالب وليدة البيئة والممارسة.

وأعترف أنني لم أوفق في علاج هذا الحياء الغالب على تكوينى، بل سعيت حتى لا يتغلب الحياء عندى إلى ضعف في الإرادة.. وهذا ما نجحت فيه مما استدعى مجهودا باطنيا وعصبيا كبيرا.

أدركت مع التجربة أن الحياء لا يتعارض مع قوة الإرادة، بل إنه يساعد عليها، وهذا ما جعلني أركب العناد أحيانا، والعناد في نظري ليس عيبا في الإنسان إلا إذا انقلب إلى تنطع وسخافة.

من أخطائي أيضا في الحياة أنى أحسن الظن بالناس أكثر ما يجب، ولم تفدني التجارب في هذه الناحية وهذا الجانب، لكنى روضت نفسى على معاملة الناس على علاتهم. 

وأعترف وأقول لعل إساءة الظن بالناس تتعب الإنسان أكثر مما لو أحسن الظن بهم، وحسن الظن مرادف للتفاؤل.. وخير للإنسان أن يحيا متفائلا حسن الظن بمن حوله من البشر.
Advertisements
الجريدة الرسمية