رئيس التحرير
عصام كامل

«التدين الزائد» بداية العنف والتطرف.. يعكس اضطرابات نفسية.. البعض ينفعل بشدة خلال العبادة أو جلسات الذكر الجماعي.. وباحث: انتشار "التدين العشوائي" أصل الأزمة في التمسك بالمظهر دون الجوهر

فيتو

لا يمكن فهم ظاهرة التطرف والعنف من جانب واحد فقط، والمعالجات الدينية لها من أزهريين وغيرهم، ولكن العلم يجب أن يكون حكما من البداية، ليس فقط على بنية العنف والتطرف، ولكن حتى على ظاهرة «التدين الزائد» وخاصة تلك المعروفة بـ«التدين الشكلي».


التدين الزائد.. ما هو
يؤثر التدين الزائد في رؤية صاحبة، بالعديد من المفاهيم الثقافية والمثل الأخلاقية المختلفة، كما يؤثر في التفكير والسلوك الإنساني، حيث يقدم إجابات مختلفة عن معنى الوجود الإنساني، وهناك فارق كبير بين التدين الجوهري عمومًا، والتدين الظاهري، الأول ينطوي على استيعاب تعاليم الديانات وإيجاد دوافع شخصية رئيسية في الدين، في حين أن التدين الخارجي يعكس اضطرابات نفسية، بحسب «فرويد» الطبيب النمساوي الشهير، والمفكر ومؤسس علم التحليل النفسي، القلق يمكن أن ينشأ من خلال النزاعات الدينية السلبية.

يوضح فرويد أن هناك علاقة إيجابية بين أعراض القلق والتدين الظاهري، وبعض الدراسات الحديثة تؤكد هذا الاتجاه، فالاضطراب الوجداني مرض نفسي، يدخل المريض في نوبات دورية من الاكتئاب والهوس، بحسب الدكتور عمرو أبو خليل، الأخصائي النفسي والمدون.

«نوبة الهوس» قد تأخذ صورة دينية، بزيادة مفرطة في العبادات، حيث يمكث المريض يصلّي طوال الليل، أو يقرأ القرآن لساعات طويلة، وقد تلبس المريضة أثناء النوبة النقاب، وقد يطلق المريض لحيته ويلبس القميص القصير، ويتحدث كثيرا بالقرآن والأحاديث مع شعور بالعظمة؛ فيتحدث عن كرامات تحدث له دائما.

ويتابع أبو خليل: البعض يصعد للمواصلات حتى يدعو الناس إلى الدين وفق تصوراته، أو ينخرط في جلسات للذكر الجماعي، وخلالها يدخل في حالة من الانفعال الشديد بسبب إحساسه أنه صاحب رسالة، ومطلوب منه تبليغها، لافتا إلى أن حالة الهوس الخفيف، تجعل المريض يتفاعل مع الناس بطريقة لا تجعله مكشوفا رغم إصابته بالمرض.

ويعتبر الإخصائي النفسي، أنه انتشار ما يسمى بالتدين العشوائي، القائم على التمسك بالمظهر دون الجوهر، وبالطقوس دون الآثار الحقيقية للتدين على سلوك البشر؛ يجعل هناك صعوبة شديدة في التفرقة بين الحالة المرضية العقلية، والحالة المرضية الاجتماعية، خاصة الذي يتخذ مواقف عدائية من أصحاب الديانات الأخرى، فيعتدي على الكنائس وكل مظهر يدل على تدين مختلف عنه.

اضطراب الشخصية مع التدين
من أخطر أنواع الاضطرابات النفسية، تلك التي تحتمي بالدين وتستغله، يقول أبو خليل ويكمل: الشخص الوسواسي المتدين، دائما لا يرى إلا لونين أبيض أو أسود، الحلال والحرام، والحق أو الباطل، وتتحول كل خلافاته الفكرية حتى في الفروع إلى خلافات عقائدية لا تحتمل إلا الكفر أو الإيمان.

هناك نوع آخر من المرضى بالسيكوباتية، وهؤلاء لديهم هوس بإباحة كل شيء لأنفسهم من القرآن والسنة، وقد يستحل المريض بهذا الداء، دماء معارضيه، ويتظاهر بالتقرب للسماء من خلال سفكها، وينتهز كل فرصة ممكنة، لقتل جميع الخيارات أمام شركائه في الوطن، أو الذين يقفون على مسافة بعيدة عن خيارات الفكرية والسياسية والدينية، فهؤلاء لا يرضون بغير منهجهم طريقا آخر.
الجريدة الرسمية