رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية مخطوطة.. قصة أندر وثيقة تبيح "الغناء والسماع" في الإسلام

 المكتبة الأزهرية
المكتبة الأزهرية

"إذا أردت أن تعرف مكانة أمة من الرقي والتحضر؛ فانظر إلى الغناء فإنه ذائقة الأمة.. لأنه من أدق الخصائص البشرية، وهو سليقة فطرية ترتبط بوجود الإنسان على ظهر الأرض".. ابن خلدون.


وتعتبر مخطوطة "السماع" لابن القيسراني من أوائل المخطوطات التي تتحدث في أحكام الغناء والسماع والموسيقى، وهي نسخة وحيدة من مقتنيات المكتبة الأزهرية، وليس لها نظير في مكتبات العالم أجمع، وتقع في خمس وأربعين ورقة من القطع الصغير، وفي الصفحة ثلاثة عشر سطرًا وفي السطر نحو إحدى عشرة كلمة.

بعد كشفها بأسبوع.. أول مخطوطة مسيحية في تاريخ مصر تغير نظريات دينية

وابن القيسراني هو أحد أئمة الحديث من القرن السادس الهجري، وجاءت مخطوطته كأندر المخطوطات في هذا الباب، ومن أوائل الكتب المؤلفة في حكم الغناء والموسيقى والمعازف، حيث أورد فيها آراء جمهور العلماء من الفقهاء والمفسرين والمحدثين، المجيزين منهم والمانعين، وبين أن الأصل في هذه القضية هي الإباحة والإجازة، طالما أنه لا يصاحبها فحش ولا إسفاف أو ابتذال.

ويؤكد محقق المخطوطة "أبو الوفا المراغي"، بحسب ما ذكره الكاتب صلاح حسن، في كتابه "المخطوطات نفائس وحكايات"، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب: "إنه صحَّ أن بعض الصحابة والتابعين سمعوا الغناء، وحضروا مجالسه، بل صح أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دخل بيت عائشة وعندها جاريتان تغنيان، ثم دخل أبو بكر فانتهرهما؛ فقال الرسول: "دعهما يا أبا بكر".

ويذكر الكتاب على لسان القشيري – صاحب الرسالة القشيرية في علم التصوف - أنه: "ضرب بين يدي النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم دخل المدينة، فهمَّ أبو بكر بالزجر، فقال النبي: دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن في ديننا فسحة.. وقد كانت النساء يغنين آنذاك، ويقلن: "نحن بنات النجار.. حبذا محمد من جار".

ومن الخلفاء الأمويين من اشتهر بحب الموسيقى والغناء، وعقدت مجالسها بحضرته، إضافة إلى مجالس هارون الرشيد التي كانت عامرة بالغناء والطرب والسماع.. فقد ازدهر الغناء في الدولة العباسية ضمن ما ازدهر فيها من فنون الترف والنعيم، كذلك شهدت الحضارة الأندلسية أعلى درجات التقدم الفني والغنائي، فقد أمها جهابذة هذا الفن في العالم الإسلامي، وشجع خلفاؤها الناس على التفنن والبراعة في السماع والشعر الغنائي في قرطبة وطليطلة وبلنسية.
الجريدة الرسمية