رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

نحن والجزيرة


نلوم المشاهد المصري عندما يجعل قناة الجزيرة مرجعية لأخباره، ونحذره من متابعتها بسبب تربصها بمصر، ونطالب "بي بي سي" و"فرانس 24" بأن تنقل الحقائق دون تزييف أو تحريف، ونؤكد دائما على أن أغلب ما تتداوله مواقع التواصل مجرد شائعات، ونلح على المواطن بألا ينصرف عن إعلامنا ليعرف منه الحقائق دون تزييف.


نلوم ونحذر وننصح ونلح دون أن نقدم ما يشبع نهم المواطن.

ليلة أمس.. تساءل بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن انفجار سمعوا دويه في أماكن عدة بالقاهرة، زادت التكهنات والتخمينات إلى أن حسم البعض الأمر، وأكدوا أن انفجارا حدث أمام معهد الأورام، هرول الجميع إلى الشاشات المصرية فلم يجدوا شيئا، فذهبوا إلى ما سبق وحذرناهم منه، ذهبوا إلى الجزيرة فوجدوها في انتظارهم ببث مباشر للانفجار وتغطية استمرت ثلاث ساعات، فهل نلوم المشاهد المصري على ذهابه لقناة حذرناه من متابعتها؟

إعلامنا تعامل مع الحادث على أنه سر مرفوض تداوله، ونسي أن كل أسبابه وارد حدوثها في أي دولة، سواء كانت الأسباب إرهابا أو أخطاء بشرية أو إهمالا، كما تناسى إعلاما بديلا تغول حتى صار مرجعية للكثيرين والمتمثل في مواقع التواصل الاجتماعى، وضرب إعلامنا بالمحطات العالمية عرض الحائط، وتجاهل تربص الجزيرة وانتظارها لأي خبر عن مصر لتنسج حوله الحكايات.

على مدار ثلاث ساعات.. استمرت تغطية الجزيرة، حاول مذيعها جرجرة محدثيه من القاهرة إلى حيث يريد من استنتاجات، وحرصا من القناة على جذب المشاهد وعدم الذهاب لغيرها.. كانت سباقة ببث صور حية من خلال مخبريها في القاهرة.

كنت أتمنى أن تكون قنواتنا سباقة بالنقل لتكسب ثقة المواطن، ولم يكن يضير أي قناة أن ترسل كاميرا لمرافقة وزيرة الصحة التي تحركت على الفور لنقل بعض نزلاء معهد الأورام إلى مستشفيات أخرى كإجراء احترازي، فتنقل تصريحاتها وترصد تحركاتها، وتحدث بياناتها كلما حصلت على جديد منها، وكاميرا أخرى لنقل جهود وزارة الداخلية في إخلاء المكان وإخماد الانفجار، لكن كل هذا لم يحدث، اللهم إلا أخبارا متناثرة ومقتضبة دفعت المشاهد للفرار إلى الجزيرة وغيرها من القنوات.

من يديرون دفة الإعلام يدفعون المواطن المصري دفعا إلى قناة الجزيرة، ليس هذا فقط.. بل استفزازه أيضا، ففي الوقت الذي تنقل فيه الجزيرة تفاصيل الحادث على الهواء.. كانت قنواتنا تبث برامج منوعات معادة وأفلام ومسلسلات وبرامج طبية مباعة، وكأن الجميع اتفق على أن ينهي بثه مع انتهاء برامج التوك شو المسائية ولا يعود للعمل إلا في اليوم التالي حتى لو انقلبت الدنيا رأسا على عقب، لذلك لم يجد المشاهد المصري أمامه سوى الجزيرة التي تبث من قطر ليعرف منها ما يدور بجواره في مصر، بعد أن أخرج إعلامه له لسانه.

لا تلوموا المواطن الذي مل تراخي إعلامه وذهب إلى الجزيرة، لوموا أنفسكم لأنكم أفقدتموه ثقته فيكم وفي كل ما تقدمونه وهذا هو الخطر الحقيقي.

besheerhassan7@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية