رئيس التحرير
عصام كامل

هل سلطة نائب وزير التعليم استبدادية تحكمية مطلقة؟


الندب إجراء مؤقت بطبعه ولا يكسب العامل حقًا بالبقاء في الوظيفة المنتدب اليها، وأنه يجوز إنهاء هذا الندب في أي وقت لأنه إجراء تنفرد به السلطة المختصة بالندب لما تمليه عليها ظروف ودواعي العمل في الوظيفة المنتدب منها والمنتدب إليها.


وصدور القرار من جهة غير منوط بها إصداره قانونًا أو غير مفوضة في إصداره يصمه بعيب عدم الاختصاص لما في ذلك من اعتداء سلطة على سلطة أخرى، وهذا العيب من النظام العام، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

الاعتراف بالسلطة التقديرية للإدارة لا يعني الاعتراف لها بسلطة استبدادية تحكمية مطلقة لا تخضع لأي رقابة من أي نوع كان، فإن هذه السلطة لا وجود لها في الواقع ولا يمكن الاعتراف بها لأي جهة ولا حتى للمشرع ذاته.

ومثل هذا الخضوع لا ينال شيئًا من السلطة التقديرية، بل على العكس يبرز بوضوح مدى التوافق الكامل بين اكتساب جهة ما سلطة تقديرية في مباشرة نشاطها وبين ضرورة أن يتم هذا النشاط في حدود الشرعية ومبدأ سيادة القانون.

جاءت تلك العبارات في تقرير قضائي حديث صادر عن هيئة مفوضي الدولة بمجلس الدولة في دعوى أقامتها مديرة إحدى المدارس ضد وزير التربية والتعليم وآخرين، ونوه مفوض الدولة إلى أنه وفقًا للتكييف القانوني السليم لطلبات مديرة المدرسة وقف تنفيذ ثم إلغاء قرار أصدره محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم فيما تضمنه من إنهاء ندبها من شغل وظيفة مديرة المدرسة.

وقال مفوض الدولة عبر تقريره المعروض أمام محكمة القضاء الإداري إن المدعية تهدف من دعواها إلغاء قرار جهة الإدارة الصادر عن نائب وزير التربية والتعليم لشئون المعلمين فيما تضمنه من استبعادها من شغل وظيفة مدير مدرسة.

كما أن الثابت من الأوراق سيما المقدمة من وزارة التربية والتعليم وبها خطاب مدير المديرية التعليمية موجه إلى نائب الوزير فيما يخص المدعية وما أثير بشأنها على مواقع التواصل الاجتماعي، والثابت بالخطاب تأشيرة نائب وزير التربية والتعليم باستبعاد المدعية بسبب "رسالة إلكترونية" مع تكليف غيرها.

والمدعية تشغل وظيفة مديرة مدرسة ندبًا، وأن قرار جهة الإدارة باستبعادها وإنهاء ندبها استند إلى ما صدر منها من "رسالة إلكترونية" الأمر الذي يكون معه القرار استهدف معاقبتها عن واقعة محددة، مما تكون معه الجهة الإدارية قد انحرفت بإنهاء ندب المدعية عن ابتغاء المصلحة العامة متخذة قرارها ستارًا لجزاء جاء مقنعًا.

وشدد مفوض الدولة على أن المشرع حدد الجزاءات الجائز توقيعها على العامل حصرًا ولم يدخل الندب ضمنها، بل منح الجهة الجهة سلطة ندب الموظف لتحقيق أفضل أداء للمرفق العام، الأمر الذي تكون معه الجهة الإدارية ممثلة في نائب وزير التعليم قد خالفت صحيح حكم القانون.

والتقرير القضائي شدد على أن القرار صدر من نائب وزير التربية والتعليم، وليس من الوزير، وخلت ديباجة القرار والأوراق من ثمة تفويض من وزير التربية والتعليم "السلطة المختصة بالندب" في اختصاصاته لنائبه مصدر القرار، والذي لم يمنحه القانون سلطات السلطة المختصة "الوزير".

وانتهى مفوض الدولة إلى أن الندب من الأمور الموكلة للسلطة المختصة وحدها والتي عرفها قانون الخدمة المدنية بالوزير في نطاق الوزارة، ورئيس مجلس الإدارة في الهيئات الأمر الذي يكون معه القرار صدر من غير مختص مما يتعين التقرير بإلغائه.. وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية