رئيس التحرير
عصام كامل

أهل الإنعام


نقول عند قراءتنا لفاتحة الكتاب.. إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم.. والذين أنعم الله تعالى عليهم بالهداية والإيمان والقرب والدرجات العلا هم الذين نظر تعالى إليهم بعين العناية الإلهية من قبل أن يخلقهم، حيث كانوا في مكنون علمه القديم الأزلي الذي أحاط به سبحانه كل شيء، وهم الذين سبقت لهم منه سبحانه الحسنى وهم أهل الاجتباء والاصطفاء الذين شرفهم عز وجل بمحبته وخصهم بقربه. نظر إليهم بعين عنايته وحينما إذن لهم بالظهور في عالم الشهادة في هذه الحياة رزقهم أنوار هدايته وأتم عليهم الفضل فتولاهم بولايته..


يقول سبحانه: "وهو يتولى الصالحين".. وأهل الإنعام ذكرهم الله تعالى في قرآنه وأشار إلى منازلهم ودرجاتهم في حضرة القرب، فقال عز من قائل: "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا"..

فيأتي في المرتبة الأولى السادة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وفي مقدمتهم أولى العزم من الرسل، وهم سيدنا محمد وهو سيدهم وإمامهم وقائد ركبهم عليه الصلاة والسلام وعلى آله، ثم يليه سيدنا نوح وسيدنا إبراهيم وسيدنا موسى وسيدنا عيسى عليهم الصلاة والسلام.

ثم تأتي المرتبة الثانية من أهل الإنعام وهي مرتبة الصديقين وهم أهل ولاية الله ومحبته عز وجل.. ثم يأتي بعد ذلك الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. هذا ومن المعلوم أن الله تعالى قد جعل لكل واحد من أهل الاصطفاء والاجتباء والإنعام درجة ومنزلة ومكانة خاصة به لا يشاركه فيها أحد، أي متفرد بها وشاء سبحانه وتعالى أن يجعل الفوقية في الدرجات والمنازل قائمة دائمة إلى يوم الدين.

وإلى ذلك أشار سبحانه بقوله: "وفوق كل ذي علم عليم".. ويقول عز وجل: "وتلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض".. الخلاصة أن أهل الاجتباء والاصطفاء الإلهي هم أهل الإنعام الذين أنعم الله عليهم. وهم صفوة البشر وأحب الخلق إلى الله وأقربهم إليه وأكرمهم عليه سبحانه وتعالى..

هذا وإذا نظرنا إلى مقامات أهل الأنعام كما جاء الترتيب في الآية القرآنية الكريمة سنجد أعلاها وأرفعها مقام النبوة فهم على رأس قائمة عباد الله المخلصين المجتبين الصفوة الأخيار، ونجد أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله هو المتربع على عرش هذا المقام فهو الإمام والسيد وهو الخليل الأكرم والحبيب الأعظم وهو المصطفى من بين جميع الخلق.

ونجد أن مقام الصديقين الذي يلي مقام النبوة، وهو كما ذكرنا المقام الجامع لمراتب أهل ولاية الله تعالى نجد أن سيدنا الإمام على بن أبي طالب كرم الله وجهه هو المتربع على عرش هذا المقام، فهو إمام المتقين ووصي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وباب مدينة علمه وهارونه، كما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا على أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام غير أنه لا نبوة بعدي"..

هذا وإذا نظرنا إلى مقام الشهداء وهو المقام التالي بعد مقام الصديقين نجد أن مولانا الإمام الحسين بن على ابن الزهراء البتول سيدة نساء العالمين عليه وعليهم الصلاة والسلام عليه وجده الإمام الحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه هما المتربعان على عرش مقام الشهداء. فهما سيدا الشهداء.

هذا وإذا نظرنا إلى مقام الصالحين سنجد أن أهل بيت النبوة هم المتربعين على هذا العرش بل هم المتربعون على عروش ولاية الله تعالى وأهل الاجتباء والاصطفاء.. ثم يأتي بعد ذلك محبيهم المشار إليهم بقوله تعالى: "وحسن أولئك رفيقا".. من هنا نعرف أن النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وإله بيته هم المتربعين على عروش أهل الاجتباء والاصطفاء الإلهي من أهل الإنعام.. رزقنا الله تعالى محبتهم والأدب معهم وتوقيرهم والحشر معهم في الآخرة.
الجريدة الرسمية