رئيس التحرير
عصام كامل

بلماضي ومحرز.. "عيب"


أؤكد أن العلاقات المصرية الجزائرية أكبر من أن تهتز نتيجة للتصريح الذي أدلي به "جمال بلماضي" المدير الفني للمنتخب الوطني الجزائري، عقب الفوز ببطولة كأس الأمم الأفريقية، والذي استفز به مشاعر كل المصريين، أو من التصرف الذي أقدم عليه نجم الفريق "رياض محرز" بتعمده تجاهل مصافحة رئيس الوزراء المصري، خلال مراسم التتويج.


للأسف، لقد غاب عن "بلماضي ومحرز" أن الرياضة أخلاق في المقام الأول، وأنها وسيلة للتقارب بين الشعوب، ومنافسة شريفة "للإمتاع" وليس "للعداء" وانهما ك"نجمين" كان يتحتم عليهما أن يكونا "قدوة" في تصريحاتهما أو تصرفاتهما.

ولكن للأسف، فقد غاب عنهما، أنه منذ اللحظات الأولى لانطلاق البطولة، والجماهير المصرية تساند وبقوة كل الفرق العربية، وتتفاعل مع انتصاراتها، ولاسيما بعد صعود كل من "تونس والجزائر" إلى الدور قبل النهائي، والذي رأت الجماهير المصرية فيهما، العوض الأكبر عن خروج المنتخب المصري من البطولة مبكرا، لدرجة أن الفضائيات المصرية وضعت العلم الجزائري "لوجو" لها عقب صعود المنتخب الجزائري إلى المباراة النهائية.

ناهيك عن توفير كل سبل الراحة للمنتخب الشقيق، وصيحات الجماهير التي تعالت في كل أنحاء مصر لمساندته خلال كل المباريات، والاستقبال الحافل الذي قوبلت به الجماهير الجزائرية قبل انطلاق المباراة النهائية، وتلاحم المصريين معهم ومشاركتهم الاحتفالات وسط القاهرة حتى الصباح، دون حدوث تصرف واحد يعكر صفو تلك الاحتفالات، والأعلام الجزائرية التي حملتها كل الجماهير المصرية التي توافدت بالآلاف على إستاد القاهرة لمؤازرة الأشقاء الجزائريين.

وهي الصور التي ملأت كل مواقع التواصل الاجتماعي، وراها العالم أجمع من داخل ملعب المباراة، وعلى شاشات التليفزيون، وأؤكد أن "بلماضي ومحرز" يجهلان التاريخ، وان إقامتهما خارج الجزائر قد أبعدتهما عن معرفة حقيقة العلاقات التاريخية التي تربط بين مصر والجزائر.

فلا أعتقد أن هناك جزائريا يستطيع أن يجهل ما قام به الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" من أجل الثورة الجزائرية، بدءا من احتضانه لزعماء الثورة، وإمدادها بالمال والسلاح، والدخول في عداء مباشر مع كثير من القوى الكبرى خاصة "فرنسا والاتحاد السوفيتي" من أجل استقلال الجزائر.

فقد كان الرئيس عبدالناصر أول من استضاف “أحمد بن بلة” عام 1954، وكان أول من وضع معه الخطوات الأولى لاندلاع الثورة، وما أعقبها من إمداد مصر للثوار بالمال والسلاح، وتجنيد إذاعة “صوت العرب” لشن حملة للتعرف بالثورة الجزائرية، وصل مداها إلى العالم أجمع.

ولم يكتف "عبد الناصر" بذلك، بل تحرك دبلوماسيا من أجل نصرة الجزائر، وبشكل أزعج "فرنسا" التي اتخذت قرارا بالمشاركة في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 من أجل القضاء على نظام "عبد الناصر" الذي يأوي ويحتضن الثوار الجزائريين، ورغم ذلك واصل عبد الناصر مساندته للثورة الجزائرية حتى الاستقلال.

كما أنه لا يستطيع مصري، أن ينكر الوقفة المشرفة للجزائر مع مصر خلال حرب أكتوبر 1973، حينما قام الرئيس الراحل "هواري بومدين" بوقف إمداد أمريكا وأوروبا بالبترول، والسفر إلى الاتحاد السوفيتي، وتقديم "شيك على بياض" من أجل مد مصر بالسلاح المطلوب.

ولم يكتف الرئيس "بومدين" بذلك، بل أرسل قوات جزائرية شاركت جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة المصرية في المعركة، ودعم القوات المصرية بـ"96 دبابة، و32 آلية مجنزرة، و12 مدفعا، و16 مدفعا مضادا للطائرات، و50 طائرة حديثة من طراز ميج 21 وميج 17 وسوخوي 7".

للأسف "بلماضي ومحرز" يجهلان أن أول زيارة قام بها الرئيس السيسي للخارج بعد ثورة 30 يونيو كانت للجزائر الشقيق، والتي لم يتردد خلالها الرئيس "عبدالعزيز بوتفليقة" في إمداد مصر بالغاز والبترول خلال تلك الفترة الحرجة التي كانت تمر بها مصر.

أؤكد أن العقل يتطلب من المسئولين عن كرة القدم في الجزائر ضرورة الاعتذار عما بدر من نجمي منتخبهما الوطني، والتي تسببت في آلام  نفسية كبيرة لكل المصريين، ولاسيما وأن العلاقات المصرية الجزائرية أكبر من "كرة القدم" ومن جهل "بلماضي ومحرز" بالتاريخ، ولن تهتز لمجرد تصريح "جاهل" أو تصرف "أحمق".. ومبارك لأشقائنا من القلب الفوز بالبطولة.
الجريدة الرسمية