رئيس التحرير
عصام كامل

الأرشيف السينمائي.. خرج ولم يعد (1)


بعد 132 عاما من دخول السينما إلى مصر، قدمت السينما المصرية خلالها ما يقرب من الأربعة آلاف فيلم، لا تملك منها الآن سوي 250 فيلما، في حين تم بيع بقية الأفلام إلى شركات وقنوات خليجية، ومازالت مصر لا تمتلك أرشيفا للسينما، رغم أن محاولات إنشاء "سينماتيك" للسينما المصرية بدأت عام 1956، خلال تولي الكاتب الكبير الراحل "يحيي حقي" لمصلحة الفنون.


على مدار 64 عاما تعثر المشروع، في حين أن دولا عربية عديدة عرفت السينما بعدنا بسنوات طوال، استطاعت أن يكون لها "سينماتيك" تحفظ فيه أفلامها رغم حداثة عهدها بالسينما.

ورغم أهمية القضية.. فإن كل الجهود التي بذلتها وزارة الثقافة بتعدد من تولوا حقيبتها خلال تلك الفترة، كل هذه المحاولات باءت بالفشل التام، ولم تتعد كل المبادرات والمشروعات التي طرحت منذ سنوات حدود الكلام.

الناقد السينمائى الراحل "على أبوشادى"، كانت لديه فكرة تنفيذ مشروع لحفظ التراث السينمائى من خلال شركة "مصر للصوت والضوء" التي كانت تمتلك أصول السينما قبل أن تعود إلى وزارة الثقافة، على أن يتم المشروع بالتعاون مع مؤسسة "الوليد بن طلال"، التي تمتلك حصة كبيرة من الأفلام المصرية من خلال قنوات روتانا، عن طريق إقامة مركز تجارى بمدينة السينما بالهرم، يضم طابقا كاملا يتم تخصيصه كأرشيف سينمائى، وتوقف المشروع لعدم حماسة أحد، وانضم لغيره من عشرات المشروعات التي تم اقترحها لإنقاذ أرشيف السينما المصرية، ولم يتم تنفيذها.

في 2010 سعي "فاروق حسني" وزير الثقافة وقتها إلى تأسيس أرشيف قومى للسينما المصرية، وتم توقيع بروتوكول فرنسى مصرى بشأن الحفاظ على التراث السينمائى المصرى، وتم توقيع الاتفاقية في مهرجان كان. الاتفاقية كانت تحتوى في أحد بنودها على الاهتمام بمشروع الأرشيف والسينماتك، ومتحف للسينما، وزار مصر يومها وفد فرنسي ليطلع على بعض المواقع المهمة لتنفيذ المشروع، وفى نهاية الأمر استقر الجانب الفرنسى على قصر الأمير "عمر طوسون" في شبرا.

وقال يومها "فاروق حسنى": "إن التعاون المصرى الفرنسى في هذا المجال سيتضمن بحث أوجه التنسيق المشترك بشأن التراث السينمائى النادر، والمقتنيات السينمائية الموجودة في كلا البلدين، وكيفية الاستفادة منه في المشروع، الذي يتم تنفيذه في إطار اتفاقية التعاون السينمائى بين الجانبين المصرى ممثلا في المركز القومى للسينما، والفرنسى ممثلا في المركز الوطنى للسينما الفرنسى، وبالتعاون مع السفارة الفرنسية والمركز الثقافى الفرنسى بالقاهرة"، ولكن لم يتم تنفيذ أي بنود هذه الاتفاقية وتوقفت مثل كل المشروعات السابقة، بل واللاحقة أيضا.

كانت الخطة أن يتم الانتهاء من المشروع في خلال عام ونصف العام، ورغم أن المشروع ما زال في ذاكرة الدولة، فالقصر تم تخصيصه لهذا المشروع، على أن يتم تنفيذه، ورغم محاولات إحياء المشروع ودراسة ذلك مع أكثر من رئيس وزراء وأكثر من وزير من الوزراء المعنيين إلا أن قيام ثورة الـ25 من يناير حال دون استكمال المشروع بسبب الظروف التي شهدتها البلاد.

ساهم الإخوان أيضا في تلك الكارثة، فعندما تولوا الحكم، قررت الحكومة فصل وزارة الآثار عن وزارة الثقافة، وأخذت وزارة الآثار 60 مليون جنيه كانت مخصصة لترميم قصر الأمير "عمر طوسون" بشبرا، بينما كان من بين هذا المبلغ جزء مخصص لترميم الأرشيف التسجيلى لمخرجين أمثال "صلاح أبوسيف"، و"عبد القادر التلمسانى"، و"سعد نديم"، و"توفيق صالح".

وأخيرا جاء قرار الدكتورة "إيناس عبد الدايم" بإنشاء أول سجل لتوثيق تاريخ السينما، ليكون لدينا توثيق حي لتراثنا السينمائي، وهي خطوة يجب أن تتلوها خطوات من أجل إنشاء الأرشيف السينمائي، ولكن كيف بدأت المحاولات المصرية لإنشاء السينماتيك أو الأرشيف السينمائي، هذا ماسوف نعرفه في الحلقات القادمة.

الجريدة الرسمية