رئيس التحرير
عصام كامل

أعظم اتفاقية سلام أهملناها


نستقبل خلال أيام عيد الفطر المبارك، وقد أفطر الصائمون بعد أن امتثلوا لأمر ربهم بصيام شهر رمضان الكريم، بينما يفرض الدين الحنيف على كل منا إعادة النظر في تعاملاتنا.. وليس معقولا أن يكون أحدنا طائعا لله، باكيا عند سماع آيات الذكر الحكيم، وأكثر بكاء حينما كان في صلاة التراويح، لكنه على النقيض في تعاملاته مع الناس، فيظلم هذا ويتطاول على ذاك، وربما كان في موقع مسئولية فاستغل كرسيه لتأديب من لا يروق له..


إن الدين عبادة ومعاملة وحب وصدق.. فالتدين باختصار يجمع كل المعاني النبيلة.

ألم يأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالتسامح والعفو والإحسان، فقال في كتابه الكريم: {وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصِّلت 35:34).

إنها أية طالما أبهرت المفسرين والعلماء، فقال ابن كثير بحقها: وقوله: {وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ} أي: فرق عظيم بين هذه وهذه، {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي: من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه.. وقوله: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} وهو الصديق، أي: إذا أحسنتَ إلى من أساء إليك قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك، والحنو عليك، حتى يصير كأنه ولي لك حميم أي: قريب إليك من الشفقة عليك والإحسان إليك.

ثم قال: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} أي: وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا من صبر على ذلك، فإنه يشق على النفوس، {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} أي: ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والأخرى".

نصيب وافر من السعادة في الدنيا والآخرة.. أليست تلك النتائج المترتبة على فضائل الدين الحقيقية؟ هل من العقل أن نتفنن في صناعة الدعاء بيننا وبين أنفسنا وننشر الشر منهجا مطبقين دستور الشيطان وننسى أوامر الدين الحقيقي؛ فلنقل عبارة «كل عام وأنتم بخير»، بحق وبمعناها الحقيقي دون نفاق أو تملق..

فلننشر الحب الحقيقي في البيوت والشوارع.. ولدى المرضى والمساكين والضعفاء وفي أماكن العمل، حتى تكون كلمة «كل عام وأنتم بخير» نابعة من القلب لتترجم أمنية جماعية مفاده كلنا بألف بألف خير.. لنعقد اتفاقية سلام حقيقية مع النفس ومع الناس.

الجريدة الرسمية