رئيس التحرير
عصام كامل

بعد انتخابات أوروبا.. هل تصمد حكومة ميركل حتى نهاية ولايتها؟


أظهرت نتائج الانتخابات الأوروبية التي جرت أمس الأحد خسارة ملحوظة لحزب المستشارة ميركل، فيما كانت خسارة حليفها الاشتراكي أكبر، فهل تبقى ميركل في منصبها حتى نهاية الولاية؟ وهل تصمد حكومتها أمام العواصف السياسية القادمة؟ تجد حكومة أنجيلا ميركل نفسها في حالة عدم يقين غير مسبوقة بعد الانتخابات الأوروبية التي شكلت نتائجها صفعة ليس فقط للمحافظين بل أيضًا لحلفاء المستشارة الاشتراكيين الديموقراطيين، ما يزيد من الشكوك بشأن إمكانية بقائها حتى نهاية ولايتها.

وبدأت الإثنين (27 مايو 2019) الأحزاب الثلاثة التي شكّلت الائتلاف الحاكم العام الماضي، وهما الاتحادان المسيحيان الديمقراطي والاجتماعي والحزب الاشتراكي، بتقييم النتائج واستخلاص دروس الاستحقاق الأوروبي، وسط أجواء تنذر بظهور أزمة عميقة وفي ظل تضاعف الخلافات في داخل الائتلاف بقيادة المرأة القوية ميركل التي اقتربت من نهاية مسيرتها السياسية.

وفي صباح الإثنين، اجتمعت قيادات أحزاب الائتلاف بشكل منفصل للوقوف عند نتائج كلّ منها. ومن المقرر وفق وسائل الإعلام الألمانية، أن تجتمع تلك التشكيلات في وقت لاحق مع ميركل.

واعترف رئيس الحزب المحافظ "الاتحاد المسيحي البافاري" ماركوس سودير، حليف ميركل، بأن "الائتلاف الكبير لم يحقق نتيجة جيدة"، وحقق التشكيلان المحافظان معًا نسبة 28،9% من الأصوات، لكن "الاتحاد المسيحي الديموقراطي" وحده تراجع سبعة نقاط بالمقارنة مع الانتخابات الماضية إلى 22،6%.

ويبدو أن إستراتيجية خليفة ميركل، أنجريت كرامب - كارنباور التي ترأست الحزب في ديسمبر الماضي، بدفع "الاتحاد المسيحي الديموقراطي" أكثر نحو اليمين أملًا باستقطاب ناخبين اتجهوا نحو اليمين المتطرف، لم تجدِ نفعًا. غير أن المشكلات الأكثر خطورة يعاني منها الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي قد تطيح أزماته بالائتلاف الحاكم.

ورأت صحيفة "بيلد" الألمانية الواسعة الانتشار الإثنين أن "انهيار الحزب الاشتراكي الديموقراطي يهزّ الائتلاف" الحاكم. ولم يحقق الاشتراكيون الديموقراطيون سوى 15% من الأصوات، متراجعين بأكثر من 11 نقطة، بينما ضاعف الخضر نتيجتهم السابقة لينالوا 20،5%، فارضين أنفسهم كقوة سياسية ثانية في البلاد.

وكتبت صحيفة "دير شبيجل" على موقعها الإلكتروني أن "الائتلاف يترنح بعد الأمسية الانتخابية، وربما هو على وشك الانهيار. هذا الائتلاف بخطر لأن الناخبين عاقبوا الاتحاد المسيحي الديموقراطي والحزب الاشتراكي الديموقراطي، وعدم الاستقرار هذا قد يؤدي في أية لحظة إلى تفكيك الائتلاف".

وأصرت زعيمة الحزب الاشتراكي الديموقراطي أندريا ناليس، التي لا يوجد توافق عليها داخل حزبها، الأحد على البقاء في الائتلاف، و"ضمان سياسة حكومة عادلة اجتماعيًا". لكن البلبلة حول ناليس تتصاعد منذ أشهر، ويرغب البعض في الحزب الاشتراكي الديمقراطي بإعادة التموضع في المعارضة، حتى ولو أدى ذلك إلى تنظيم انتخابات مبكرة.

وطالبت الإثنين ثلاث شخصيات من يسار الحزب، بينهم مسئول الشباب كيفن كونرت، بفرض إصلاحات اجتماعية على الحكومة، مهددين بالانسحاب "إذا لزم الأمر" قبل نهاية الولاية الحالية في سبتمبر 2021. وكتب هؤلاء في طلبهم "لسنا في عقد ملزم مع اليمين" لنحكم معًا.

وتبلور الجدل بين الشريكين الكبيرين في الائتلاف الحاكم في الأسابيع الأخيرة حول إقرار حد أدنى لمعاشات التقاعد، ويريد الحزب الاشتراكي الديموقراطي فرض حد أدنى لتقاعد شرائح واسعة من المواطنين، فيما يرفض المحافظون، نظرًا لتكلفة ذلك في وقت جاءت فيه عائدات الضرائب أدنى من المتوقع. ويبدو أن المناقشات حول هذا الموضوع بالذات ستكون شديدة التعقيد في أعقاب الانتخابات.

وفي وقت لاحق في سبتمبر، وبعد سلسلة انتخابات محلية، من المقرر أن يجري الحزب الاشتراكي الديموقراطي تقييمًا للنصف الأول من الولاية، ويقرر على أساسه البقاء في الائتلاف أو مغادرته التي ينتج عنها انتخابات مبكرة ونهاية مسيرة أنجيلا ميركل السياسية.

وبالنسبة للمسيحيين الديموقراطيين، فقد دفع القلق بالأمين العام للاتحاد المسيحي الديموقراطي بول زمياك إلى حضّ الاشتراكي الديموقراطي على البقاء في الحكومة لكي "يعمّ الاستقرار في البلاد"، ويخشى المسيحيون الديمقراطيون من إخفاقات انتخابية إضافية في أيلول وأكتوبر، حيث من المقرر عقد انتخابات في مناطق ألمانيا الشرقية سابقًا، معاقل حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف.

وعلى المستوى الوطني، حصل اليمين المتطرف الأحد على نحو 11%، وهي أقلّ من نتيجته في الانتخابات التشريعية في عام 2017. لكن في المناطق الشرقية، رسّخ البديل لألمانيا وجوده، حيث حلّ في الطليعة في اثنين من الولايات الثلاث التي ستشهد خلال بضعة أشهر انتخابات برلمانية محلية في ساكسونيا وبراندبورغ.

على صعيد آخر، وإثر نتائج خيالية حققها حزب الخضر، تحول بين ليلة وضحاها إلى "صناع الملوك" في ألمانيا، فهل يصنعون ملكا من بين صفوفهم؟ حول ذلك ذكر رئيس حزب الخضر الألماني، روبرت هابيك، أن السؤال حاليا حول ترشح حزبه للمستشارية رغم المكاسب الكبيرة التي حققها الحزب في انتخابات البرلمان الأوروبي غير ضروري.

وقال هابيك اليوم الإثنين في مؤتمر صحفي ببرلين إن الخضر لم يفوزوا في الانتخابات "ليتمحوروا حول أنفسهم". وذكر هابيك أن حزبه لديه مهمة ذات مضمون، وقال: "ليس لدينا مهمة تخيلية تشتتنا عن مسارنا".

تجدر الإشارة إلى أن حزب الخضر أصبح ثاني أقوى حزب على مستوى ألمانيا عقب حصوله في انتخابات البرلمان الأوروبي على نسبة 20.5% من الأصوات.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية