رئيس التحرير
عصام كامل

شياطين الإنس في رمضان


تُسلسلُ شياطينُ الجنِّ في شهر رمضان، فيما تبقى شياطينُ الإنس هائمةً على وجوهها، لا يكبحُ جماحها أحدٌ، تنثرُ بذورَ الشرِّ والفتنة والكذب والتضليل وإلهاءِ الناس.


التيارُ العلمانىُّ المُتشددُ ينشطُ في شهر الصوم، من كلِّ عام، ويُضاعفُ جهودَه الخبيثة، التي يمكنُ تلخيصُها في محورين أساسيين هما: الأمرُ بالمنكر والنهىُّ عن المعروف!

نشطاءُ هذا التيار، الذي يفوقُ في قُبحه الإسلاميين المتطرفين، يوظفون برامجهم التليفزيونية، وكتاباتهم، سواء في الصحف والبوابات الإلكترونية أو عبر منصَّات التواصل الاجتماعى، لحشد ما يمكن حشدُه من أفكار ضالة ومُضلة، ليشككوا المسلمين في دينهم وفى جدوى صومِهم، ويجعلوهم يُعرضونَ عن ذكر اللهِ كما فعلوا، وصدقَ اللهُ تعالى عندما وصفَ حالهم بقوله: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى".

هم لا يراهنون على مَنْ تقدمتْ بهم السنون، ومن تجاوزوا مرحلة الشباب، واقتربوا من توديعها، ولكنهم يراهنون دائمًا وأبدًا على الأجيال الجديدة، سعيًا إلى تضليلهم ودفعهم دفعًا إلى طريق الباطل، وتجنيدهم في خدمة سلطانهم الأكبر "أبليس".

منذُ ثبوتِ هلال "رمضان" هذا العام، وحتى كتابة هذه السطور، لم تتوقفْ برامجُهم وكتاباتُهم عن التشكيك في فريضة الصوم، وقد وصل الأمرُ إلى حدِّ السخرية والهزل والعَبث، وهى برامجُ وكتاباتٌ لا تواجهُ حظرًا أو حجبًا أو تحفظًا أو أية صورة من صور التضييق، كما يحدثُ مع غيرها، يُروِّجون للكذب والباطل وهم يعلمون، وكأنَّ قولَ اللهِ تعالى:"وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا".. نزلَ فيهم.

وكما ذكرتُ آنفًا، فإن أيًَّا منهم لا يأتى بجديد، وإنما هي بضاعة فاسدة بائرة رديئة، توارثوها جيلًا بعد جيل، يرددونها في كل زمان ومكان، لا يسأمون من تكرارها في كل عام، وكأنها الرسالة التي كلفهم "إبليسُ" بأن يصدعونا بها أثناء مرحلة "الحظر الرمضانى" و"البلوك الإجبارى" التي يخضعُ لها في مثل هذه الأيام.

أحدُهم كتبَ ورددَ: "لا أجدُ حكمة أو مبررًا أو منطقًا من فريضة الصوم". وآخرُ أفرد عدة مقالاتٍ للغمز واللمز في بعض أحاديث الصيام وثالتٌ كتبَ بضعة منشوراتٍ على حسابه الشخصى على أحد مواقع التواصل الاجتماعى يوضح خلالها خطوات "شقط" الفتيات في نهار رمضان، ولا أعلمُ كيفَ تجاهلته شرطة الآداب حتى الآن!!

ورابعة سجلتْ إعجابَها بالمجاهرين بالإفطار واستحسنتْ سلوكهم وأثنتْ على شجاعتهم، وحرَّضتْ جميعَ المفطرين على تقليدهم، وسخرتْ من احتشام النساء في رمضان. وخامسٌ كتبَ سلسلة مقالات مُستحسنًا التضييق على من يصلون التراويح والتهجد. وسادسة أبدتْ ضيقها من المظاهر الرمضانية التي تجتاحُ مصر في رمضان، وحرَّضتْ على منعها!

وسابعٌ استدعى آراءَ شاذة وشاردة لم تصدر عن فقهاءَ ثقاتٍ، مثل: إباحة التدخين وشرب الحشيش في نهار رمضان، رغم أنه يتباهى منذ أكثر من عشرين عامًا بأنه لا يصلى ولا يصومُ ويجاهرُ بالإفطار. وثامنٌ ادَّعى أنَّ رمضانَّ ليس شهرَ الصوم وأن القرآن الكريم لم ينزلْ فيه بل في شهر شعبان!

ما تقدم غيضٌ من فيضٍ، وقطرة من بحر الأكاذيب والضلالات والأباطيل التي يجرى الترويجُ لها في كل عام، يعلمُ أصحابُها علمَ اليقين أنهم كاذبون ومُخادعون ومُضللونَ، وقد توعدهم اللهُ بسوءِ العاقبة: "وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا".
الجريدة الرسمية