رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

طبول الحرب تدق عاليا


لا يمكن بحال صم الآذان عن طبول الحرب تتصاعد دقاتها كل دقيقة في المنطقة العربية وفي الإقليم من حولها، وهي بطبيعتها أرض صراعات ودماء مسفوكة باسم الرب أجيالا وراء أجيال وأديانا بعد أديان. ولا يمكن بحال غلق العقل عن فكرة أن هذه حرب من أجل قتل الفكرة النووية الإيرانية، سواء دخلت مرحلة التطبيق أو لما تزل في دور التخصيب السري..


فالحقيقة الواضحة أن هذه درجة عالية من درجات الصراع بين قوة حامل في جنين نووى ينمو وبين الدولة الصهيونية. تحركت حاملة الطائرات الهجومية الأمريكية "إبراهام لينكولن" وحولها زفة مدججة بالأسلحة من السفن الحربية، ووصل المنطقة سرب من ٤ قاذفات إستراتيجية طراز B52 ويمكنها حمل رءوس نووية والقنابل والصواريخ..

وجاءت هذه التحركات بناء على معلومات قدمتها الموساد الإسرائيلية إلى الحكومة الأمريكية بنوايا إيران ضرب قواعد ومصالح أمريكية في العراق وسوريا واليمن باستخدام قوات برية نظامية أو قوات ميليشا، أو باستخدام الدرونز.. التعبير الشائع للطائرات بدون طيار.

إسرائيل إذن هي من وجهت حكومة ترامب لتحريك اساطيلها نحو شواطئ إيران. هي قوة لا ترحم كما أسماها "جون بولتون" مستشار الأمن القومي الأمريكي، ومنذ لحظة الاستعراض الرهيب في مياه الخليج، اتخذت كل الدول المتشاطئة وضع الطوارئ القصوى، رغم إعلان أمريكا أنها لا تعتزم الدخول في حرب مع طهران.

في الوقت ذاته ردت حكومة روحاني أمس بتعليق جزئي للاتفاق النووى المبرم عام ٢٠١٥ ووقعت عليه بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين وأمريكا والمعروف ب ٥+١. ألغى ترامب الاتفاق وانسحب لأنه جريمة ارتكبها أوباما ولا يجوز الاستمرار فيها كما قال لأنها ستجعل إيران في نهاية المدة دولة نووية!

بقيت الدول الأوروبية متمسكة بالاتفاق، وضغطت على واشنطن، دون جدوى، ولكنها اتخذت أمس مرقفا مضادا ومهددا بعد إعلان طهران أنها علقت بنودا من الاتفاق، وستعيد النظر في مجمله خلال ٦٠ يوما.

وزيرة الدفاع الفرنسية اعتبرته أسوأ إجراء إيراني، ولندن استنكرت وتهدد بعقوبات وعواقب وبرلين وروسيا والصين طالبت الأطراف كافة باحترام كل بنود الاتفاق.

بالطبع جاء الإجراء الإيراني على هوى إدارة ترامب، ليبرر مزيدا من العقوبات الخانقة. الاقتصاد الإيراني بالفعل يتهاوى. وخنق صادرات البترول مستمر، والضحية التالية قطاع التعدين بعد قطاع صناعة البتروكيماويات الإيرانية.

إزاء كل هذا الضغط العسكري السياسي الاقتصادي. لن يكون بوسع إيران سوى الانفجار داخليا أو خارجيا. الاحتمال الأخير هو الأرجح. ومن ثم فإن مياه الخليج مرشحة للاشتعال في أية لحظة، بينما أعدت إسرائيل خططها وعتادها وقاذفاتها لضربة قاتلة للمشروع النووى الإيراني.

المرافقة أن الوكالة الدولية للأسلحة الذرية أكدت التزام إيران بالتفتيش الدوري على منشآتها. وأن ليس ثمة تغيير في إيقاع البرنامج!

ذهب "مايك بومبيو" وزير خارجية ترامب إلى بغداد في زيارة سرية خاطفة، ليؤكد حرص واشنطن على سيادة العراق وحماية هذه السيادة.. المقصود بالطبع ردع طهران عن التأثير على بغداد بقوة ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية الموالية لإيران.. ذراع عراقية لحزب الله اللبناني!

و"جواد ظريف" وزير خارجية طهران طار إلى موسكو والتقى "لافروف".. الذي برر الإجراء الإيراني بأنه ناجم عن استفزاز أمريكا بالانسحاب وخرق الاتفاق. ساعة الجد ستكون لروسيا مواقف مختلفة. وفي كل الأحوال فإن دائرة النار تقترب من رأس الحكومة الإيرانية.. ولعل الشعور الشديد بحرارتها هو ما دعا "روحاني" إلى التصريح بأن حكومته مستعدة لمفاوضات نووية جديدة!

إسرائيل تعيش أزهى عصور المجد.. ويدفع العرب فاتورة هذا الزهو المجاني على أنقاضهم! الأيام القليلة القادمة حافلة بالألغام.. مالم يلتزم أحد الطرفين بشيء من العقل والحكمة.
Advertisements
الجريدة الرسمية