رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد بهجت يكتب: التعبُّد بالدعاء


في كتابه "مذكرات صائم"، كتب الكاتب الإسلامي أحمد بهجت، مقالًا قال فيه:

قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء شهر رمضان فُتِحت أبوابُ الجنة، وأُغلقت أبوابُ النار، وصُفِّدَت الشياطين"، هذه أول كرامة لشهر رمضان، وهي كرامة لا تعرف لها مثيلًا بين الشهور الأخرى لأنه الشهر الوحيد الذي تفتح فيه أبواب الجنة للتائبين العاكفين الركع السجود، إذا اتقى الإنسان خالقه وخشي غضبه، وسعى لرضائه، وإذا دخلت التوبة القلب وخرجت المعاصي، إذا لزم النفس وعليها الانكسار لله تعالى.. إذا وقع هذا كله صار الإنسان مهيئًا للضيف الكريم؛ شهر رمضان المبارك.


ولما كان مجيء شهر رمضان الكريم سببًا في الشروع في الصيام فقد فتح الله تعالى أبواب الجنة، والجنة هي الستر، فدخل الصوم في عمل مستور لا يعلمه منه إلا الله تعالى؛ لأن الصوم ترك وليس بعمل وجودي، فيظهر للبصر أو يرى بالجوارح.. فهو عمل مستور، وأحيانًا يقع الإنسان في محنة.

والذي يحدث عادة أن الإنسان يحتشد إذا وقع في المحنة.. يحتشد عقله، ويركز فكره حول الوسيلة لرفع الكرب ومحو المحنة.
من هنا جاءت حكمة الدعاء مع هذا الضيف الكريم.. الدعاء إلى الله لرفع المحن، وأهمية الدعاء في شهر رمضان العظيم قال فيه: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ".

وأحيانا يقع الإنسان في محنة، وينظر الإنسان حوله ليرى أصحاب النفوذ والأقوياء ومن بيدهم الأمر فيفكر كيف يتجه إليهم طالبًا عونهم ويتخذ كل الوسائل.. ويشرع الإنسان في دعاء الله تعالى.. لكن المحنة لم تزل باقية.. فماذا يفعل الإنسان ليواجه مثل هذا الموقف؟

يقول الإمام ابن الجوزي: قدم التوبة من الذنوب قبل الدعاء، فإن الزلل يوجب العقوبة، فإذا زال الزلل بالتوبة من الذنوب ارتفع السبب، ولكن ماذا يفعل الإنسان إذا تاب ودعا الله تعالى ولم ير استجابة.. هنا ينصح بعدم اليأس، فلا يجب على المسلم أن ييأس، عليه أن يلح ويكثر الدعاء إلى الله عز وجل، ويتيقن أن المصلحة ربما كانت في تأخر الإجابة، وربما لم تكن المصلحة، أساسًا، في الإجابة.

وهكذا يثاب المسلم رغم أن المحنة لم ترتفع بعد، وربما كان في ارتفاعها ضرر بالغ..

ويحكي الصالحون إحدى القصص الرمزية عن رجل دعا الله عز وجل كثيرا، ولم يجد أثرا من الاجابة.. لكنه استمر في الدعاء، فقال له إبليس: لماذا تدعو الله وهو لا يجيبك، وأدرك الرجل أن إبليس يغويه، فرد على إبليس وقال: "أتعبد بالدعاء وحده، وأنا موقن أن الجواب قد حصل وربما كان في تأخيره مصلحة.

هكذا ينصح العارفون بالله بكثرة الدعاء إلى الله لقوله تعالى في سورة غافر: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)".
الجريدة الرسمية