رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصطفى أمين يكتب: كان زمان

 مصطفى أمين
مصطفى أمين

في كتابه (أفكار ممنوعة) كتب مصطفى أمين مقالا بعنوان (كان زمان، وفين راح هذا الزمان ) قال فيها :

إذا أردنا أن نعيش في هذا العالم فيجب أن نكيف أنفسنا للحياة فيه، ونخطئ كثيرا إذا حاولنا أن نغير العالم ليناسب ما تعودنا عليه.


أعرف أصدقاء يتهمون الجيل الحاضر بقلة الأدب، لأنه يفعل أشياء ماكان يقبلها الجيل القديم، مثلا أنا لم أكن أجلس أمام أمى واضعا ساقا على ساق، أو أدخن سيجارة أمامها حتى بعد أن أصبحت عضوا في البرلمان وأحد صاحبى أخبار اليوم، وإذا كنت جالسا ودخلت أمى الغرفة وقفت، واذا خرجت وقفت، وإذا خرجت ودخلت عدة مرات وقفت عدة مرات تحية لها، وإذا تحدثت إليها لم أقل لها "أنت" أبدا، كنت دائما أقول "حضرتك".

وكانت الفتاة المؤدبة في أيامنا هي التي لا تدخن سيجارة ولا تشرب قهوة، أما الآن فقد تغيرت الدنيا وأصبح الأبناء يدخنون أمام الآباء والبنت تضع ساقا على ساق في حضرة أبيها، وقد يقبل أبوها ذلك على مضض، وقد كان الطربوش على رأس الواحد منا كأنه التاج على رأس ملك، نحافظ عليه، ونحرص عليه، وإذا تجرأ أحد وألقى طربوشك على الأرض فمعنى ذلك أنه ألقى شرفك على الأرض وداسه بقدمه.

سوف تستمر الدنيا تتغير وتتبدل، والذين سوف يجيئون بعدنا سيموتون على روحهم من الضحك عندما يحدثهم المؤرخون عن العادات التي كنا نتمسك بها.

ولعلنا سنذهل إذا عرفنا أن أول امرأة في مصر قصت شعرها وضعها أهلها في مستشفى الأمراض العقلية، وأن بعض كبار العلماء أفتوا أن ارتداء المرأة للبنطلون حرام، وكان ذلك منذ ثلاثين عاما، وكان الشيخ أبو العيون يمشى على بلاج الإسكندرية في الثلاثينات فإذا رأى فتاة مصرية ترتدى المايوه جرى وراءها بالعصا.

وأن الدنيا قامت وقعدت عندما دخلت الفتاة المصرية الجامعة وجلست بجوار الطالب في المدرج، وأصدر وزير المعارف وقتها أمرا بأن تجلس الفتاة المصرية في صف وحدها لايجلس فيه أحد من الطلبة الشبان لمنع الاختلاط. يحدث أحيانا أن نتغير نحن دون أن نحس أننا تغيرنا، تماما كما تدور بنا الكرة الأرضية ولا نحس أنها تدور.
Advertisements
الجريدة الرسمية