رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

القارئ ممدوح عامر: صعيدي رفع البندقية الآلية وضرب نارا بالهواء حتى لا أتوقف عن التلاوة

فيتو



  • مدرسة تلاوة القرآن المصرية أصابها شيء كبير من التراجع
  • مشاري والعجمي وأئمة الحرم أصبحوا الأكثر انتشارا على المستوى العالمي
  • ناس كتير اتعلموا من المدرسة المصرية في التلاوة
  • حينما اقرأ بمدرسة الشيخ المنشاوى أشعر بارتياح نفسي ومتعة
  • شيخ الأزهر استغرب حفظى القرآن في سن صغيرة
  • التقيت الشيخ «الشعراوي» وقال إن الله اصطفاني لحفظ كتابه
  • القارئ يؤدي رسالة وعليه أن يعيد ثقافة الاستماع للجمهور


انتقد الشيخ ممدوح عامر، القارئ بالإذاعة والتليفزيون، نظام التحاق القراء بالإذاعة المصرية، مشيرا إلى أنه عفا عليه الزمن ولا يتماشى مع التطور الكبير وعصر السرعة و«السوشيال ميديا» الذي نعيشه الآن.

وأوضح "عامر" أن مدرسة تلاوة القرآن المصرية أصابها شيء كبير من التراجع نظرا لعوامل كثيرة جدا أبرزها اختفاء ثقافة الاستماع للقرآن، مشيرا إلى أن الشيوخ مشاري والعجمي أو أئمة الحرم أصبحوا الأكثر انتشارا على المستوى العالمي.. وإلى نص الحوار:

بداية نود أن نعرف القارئ بالشيخ ممدوح عامر؟
اسمي ممدوح السيد ممدوح إبراهيم عامر، من مواليد 1987 مركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة، واكتشفت ملكتي في حفظ القرآن الكريم وأنا في سن الثالثة فكنت أحفظ النصوص الموجودة من الشعر والأحاديث وبعض الأغاني إلى أن زارنا خال والدتي في أحد الأيام وهو في الأصل محفظ للقرآن وكان يبلغ من العمر 80 عاما وفتح كُتّاب لتحفيظ القرآن الكريم في القرية وشاءت الأقدار أن ينتقل من قريته إلى منطقة جبلية فأخذني إلى بيته، وأقمت عنده إقامة كاملة ولم يأخذ مني أي مقابل مادي، وأشار لوالدي بضرورة تحفيظي كتاب الله والحمد لله أتممت حفظ القرآن على يديه في مدة سنة و4 شهور، وتم تكريمي من الرئيس حسني مبارك لفوزي بالمركز الأول في مسابقة حفظ القرآن الكريم بليلة القدر وحصلنا على رحلة حج له ووالدي ووالدتي، بالإضافة إلى الجائزة المالية، وبعدها بثلاث سنوات انتقل محفظي ومعلمي إلى مثواه الأخير في ليلة القدر فوقفت على قبره وقلت كما كرم الله سبحانه وتعالى ليلة القدر في الدنيا ستكون تكريم له في الآخرة بفضل القرآن الكريم.

من الشخصيات التي لها دور محوري في حياتك؟
والله كانوا شخصيات كثيرة والدور البارز والأكبر كان للشيخ بسيوني أبو زيد، وهو أول من حفظت على يديه ثم الشيخ محمد صديق المنشاوي رحمة الله عليه الذي تتلمذت على يديه ولم أره؛ لأن الوالد اشترى لي المصحف المرتل كاملا بصوت الشيخ "المنشاوي" وكان الشيخ يحفظني اللوح ثم أسمعه على الشرائط بصوت المنشاوي الذي سكن في قلبي وعقلي ووجداني، وبدأت أطلب من ربنا في صلاتي أن يترك فيَّ شيئا من صوته أو حتى أشوفه في المنام وإلى الآن هو مثلي الأعلى وله قدر كبير وعظيم عندي، وتأثرت أيضا بشخصيته من خلال استماعي للأحاديث الإذاعية والتليفزيونية والصحفية على أساس الاستفادة من هذا الرجل وكنت حريصا عندما أزور قريته أن أسأل الناس عنه وقمت بزيارة منزلة وقبره، وحينما دخلت إلى المكان الموجود فيه الشيخ المنشاوي انتابتني لحظات إيمانية كبيرة جدا، وبدأت أتكلم معه وأدعو له لكن والله كان هذا إحساس داخلي لم أستطع التحكم فيه نظرا لتعلقي وحبي الشديد له ولشخصيته فقد تعلمت منه الكثير، وأرى أن هناك تشابها كبيرا بيني وبينه، ونسأل الله أن يجمعنا وإياه على خير في الجنة.

هل نفهم من ذلك أنك تسير على نهج الشيخ "المنشاوي"؟
"مش بالظبط".. لكن حينما اقرأ بمدرسة الشيخ أشعر بارتياح نفسي ومتعة، وأني أكثر اتصالا وقربا من الله سبحانه وتعالى والملائكة، وأكثر من أي لون آخر من ألوان التلاوة، خاصة أننا في زمننا هذا كثرت فيه الألوان النغمية.

هل تتذكر كيف كان اللقاء الذي جمعك مع شيخ الأزهر؟
صراحة قادتني الظروف له في مكتبه وكنت في سن 6 سنوات وأحفظ القرآن، فكان يرى أن ذلك شيئا مستحيلا واستغرب.. فسألني هل تستطيع أن تسمّع (إذا جاء نصر الله والفتح)؟ فكان تعليقي بدون تكلف وشيء لا إرادي فقلت له: "أنا بقول لحضرتك جاي من البحيرة عشان تقولي سمع (إذا جاء نصر الله والفتح) وأنا بقولك أنا حافظ القرآن كله!"، وبدأ بعض الأساتذة الموجودين في المكتب باختباري، إلى أن تفهم الموضوع وأشار لهم بيديه كفى، وقال ما معناه "القرآن ملائكته حروفهم فيه" وهذا ما قاله الشيخ الشعراوي أيضا بأن الله أجرى أحرف وقراءة القرآن على لسانه، فهذا ليس بشرا بل ملكا اصطفاه الله عز وجل لكي يكون حافظا للقرآن في هذا السن الصغير.

وما أبرز المواقف الطريفة التي لا تنساها أثناء التلاوة؟
المواقف كثيرة فكنا في إحدى المرات في الصعيد وأتجهز للنهاية فجاء أحد الأشخاص بجواري، وقال: والله يا شيخ ما تختم التلاوة ورفع البندقية الآلي وضرب نار في الهواء فتوقفت عن القراءة لفترة محددة إلى أن تمالكت أعصابي، خاصة أنه بيضرب النار من فوق دماغي، وكان منفعلا جدا، فصبرت إلى أن انتهى وقرأت له شوية، عشان الروح غالية، فعلى القارئ أن يكون مؤهلا للتصرف مع كافة النوعيات التي سيقابلها من الجمهور سواء كان ذلك نقدا أو إعجابا أو حركة معينة غير مستساغة.

ما المقومات التي التي يجب أن تتوفر في القارئ؟
دائما ما أقول إن قيمة قارئ القرآن في شيئين أو ثلاثة أولها القرآن الذي في صدره ثانيا حب الله وحب الناس له ثم خلق قارئ القرآن.

ما أبرز الجوائز التي حصلت عليها خلال مسيرتك مع القرآن؟
تكرمت في مناسبات ومحافل كثيرة من داخل وخارج مصر لكن أكثر تكريم أعتز به كثيرا حينما يكون التكريم من بلدك، خاصة تكريم وزارة الأوقاف في المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم في ليلة القدر ممثلة في رئاسة الجمهورية عام 1996، والرئيس ضاعف لي الجائزة، فكان ذلك أول تكريم وأكبر تكريم في حياتي، وكنت سعيد جدا إني بشوف أشياء لم أرها من قبل والناس تصفق لي.

كيف عشت أول يوم لك في ماسبيرو؟
أول مرة دخلت فيها ماسبيرو كان عندي 7 سنين، ودخلته بعد ذلك لعدة مرات إذاعية وتسجيلية.

ما الذي تمثله الإذاعة لك؟
الإذاعة كانت مرحلة ضمن المراحل ونظرا لتعلقي الشديد بها فالمكرفون له قدسية ومحبة خاصة عندي وفي بعض اللقاءات الإذاعية القريبة لما دعُيت لإجراء لقاء معين كان شرطي الدخول إلى ستوديو الهواء وأشوف الدنيا عاملة إزاي سواء كان ذلك خاصا بإذاعة القرآن الكريم أو البرنامج العام.

كيف تم اعتمادك كقارئ رسمي في الإذاعة؟
دخول الإذاعة كمعتمد كان بمحض الصدفة البحتة فكنت تقدمت بطلب من 2009 ولم يبت فيه، وحاولت أن أسأل عليه أكثر من مرة وفي أحد الأيام من عام 2014 تقابلت مع أحد العاملين بماسبيرو، وكان ذلك موافقا لحلف اليمين الرئاسي في الولاية الأولى للرئيس السيسي، وبعدها بيوم وجدت الشخص الذي تعرفت عليه بيكلمني الصبح الساعة 10، وقال لي: أنت ليك امتحان اليوم فحاولت الاعتذار لعدم استعدادي، لكني أرى أن نظام الالتحاق بالإذاعة غير منضبط ونظام قديم من الستينيات، وله انعكاس سلبي على القراء ولا يواكب عصر السرعة والسوشيال ميديا الذي نعيشه الآن ولا يوجد أي مقابل مادي للقارئ وأي قارئ يخرج في الأمسيات أو هواء البدل الخاص به لا يتعدى 150 جنيها.

هل تراجعت مدرسة التلاوة في مصر؟
ناس كتير اتعلموا من المدرسة المصرية في التلاوة والآن صيتهم عالميا أكبر.

هل تعطينا بعض الأسماء؟
لو وضعنا القراء المصريين الشباب الذين لهم جمهور ومتابعون ونضع في مقابلهم الشيخ مشاري راشد، أو الشيخ العجمي أو أئمة الحرم وغيرهم فهؤلاء انتشروا عالميا وهذا الكلام قد يؤخذ عليَّ لكني تعودت أن أقول ما أطمئن إليه، فأنا أتصور أن مدرسة تلاوة القرآن المصرية أصابها شيء كبير من التراجع نظرا لعوامل كثيرة جدا أبرزها اختفاء ثقافة الاستماع للقرآن فأصبح المصحف موجودا فقط للتبرك في العربية أو البيت أو أثناء العزاء.

ما المطلوب من القراء الشباب إزاء تلك التحديات؟
ابدأ بنفسك أولا فانهها عن غيها.. ولا بد أن يكون القراء الشباب جميعهم يدا واحدة وهذا أهم ما في الموضوع، فإذا كان القراء كبارا وصغارا على قلب رجل واحد منزوعا من قلوبنا أي صفة غير محمودة وكان هناك اتحاد فسنغير العالم، فالاتحاد دائما فيه القوة؛ فديننا هو دين الاجتماع والاتحاد وليس دين الفرقة، وهذا يجعلنا نغير على بعضنا، وكل قارئ سيعامل الآخر على أنه أخ يحب له ما يحب لنفسه؛ وسيدفعنا لأن نقوِّم من بعضنا البعض.

كيف تستقبل شهر رمضان؟
شهر رمضان الكريم شهرنا فهو شهر القرآن وهو شهر الروحانيات والنفحات سواء داخل أو خارج مصر، وحقيقة كنت أجد في رمضان زمان متعتي أكثر من الآن لأنني كنت أكثر تحررا وما أحلى أن تنتظر الشهر الكريم من أجل التراويح في المسجد وختم القرآن فهذا إحساس لا يضاهيه جمال، وعلو لا يضاهيه علو أن نأخذ القرآن من أوله إلى آخرة وتحس أنك في نهاية الشهر وأنت في آخر 4 ركعات وتقول للمصلين بإذن الله ستقابلنا سجدة تلاوة في سورة العلق وهي آخر سجدة في القرآن الكريم، وحينما خرجت تلك الكلمة من لساني ضج المسجد كله بالبكاء أثناء التلاوة، وكأن الشيء الطيب خلاص بيودع وماشي، ودائما تلك الأشياء الروحانية هي التي تؤثر فيَّ أكثر من انفعال الجهور، ودائما الأشياء التي تجعلك أكثر اتصالا بالله هي ما تسمو بنفسك إلى الملأ الأعلى.

◄كلمة تقولها لجمهورك؟
أي بيت فيه القرآن فيه البركة، وفيه الخير، وأولادي أحاول تحفيظهم، وأمنية حياتي لما أموت يكون ابن من أبنائي حافظا للقرآن حتى تظل بركة القرآن الكريم في البيت فلا بد أن تظل بركة القرآن موجود في بلدنا فـ"القرآن متمسك بمصر زي ما هو متمسك بمكة" فاليهود حينما قالوا لسيدنا موسى عاوزين أشياء كثيرة قال لهم: {اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ}، وسيدنا يوسف قال لأبيه وإخوته: {ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} فأي شرف وتكريم بعد ذلك، وعلى كل شخص أن يحرص بوجود القرآن في بيته وصدر أولاده وتلاوة القرآن في غرفة النوم حتى تكثر البركةفي المنزل "عشان الأكل نحطه في بيوتنا ميحمضش، وأتذكر أن والدتي كانت تجيب البطيخة وتقسمها نصين النصف الأول نأكله والثاني تضع فيه السكينة تحت السرير أو في الشباك وبعد يومين نأكله، أما اليوم البطيخة نضعها في الثلاجة وتحمض من قلة البركة".

◄رسالة أخيرة للقراء؟
أقول لهم: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} وأقول لهم استوصوا بأنفسكم وببعضكم خيرا، وأذكرهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا"، وعليكم بتقوى الله وحب إخوانكم؛ لأن هذا ما يبقى، وأسأل الله أن يتقبل منا قولنا وعملنا وفعلنا في السر والعلن.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
Advertisements
الجريدة الرسمية