رئيس التحرير
عصام كامل

أمينة رزق.. رائدة مدرسة الأمومة العربية التي علمتنا كيف نحب

فيتو

كانت إطلالتها تكفي لإعطاء الود المفقود بين الكبار والصغار، سيطرتها على كل كلمة تتفوه بها، أبرزت دائما عظمة موهبتها، ودفء مشاعرها، علمتنا الفنانة الكبيرة أمينة رزق الذي يناسب اليوم عيد ميلادها من عام 1910، كيف نحب، ولا زالت حتى بعد رحيلها، أرقى مدرسة للأمومة في الوطن العربي.




مشهد أمينة رزق في المحكمة - أريد حلًا 1975

«أمينة النونو» هكذا عرفت في منزلها، بسبب تشابه اسمها مع خالتها، فاختاروا لها اسما يعبر عن دلال العائلة في بدايات القرن الماضي، لذا كل من يشاهدها يشعر أن قسمات وجهها يفوح منها الحب والمشاعر، ولم يكن هناك من يقدر على استيعابها إلا الفن، الذي يمكنها من التحرك داخل عالم متسع، كانت دائما صادقة في الوصول إليه، وصادقة وهي تحاوره، وصادقة وهي تنقل همومه على الشاشة.

مشاهد لا تنسى.. فيلم الشموع السوداء

ولدت أمينة رزق بمدينة «طنطا» في محافظة الغربية، وانتقلت إلى القاهرة مع خالتها الفنانة أمينة محمد، وشجعتها على العمل بالتمثيل، وكأنها أعطتها سر المعبد، فلم تتزوج وتفرغت تماما للفن، وامتد عطاؤها فيه إلى مايقرب من 80 عامًا، وعرفتها الأجيال المتعاقبة طوال هذه السنوات، في أدوار الأم الطيبة، والريفية، والأرستقراطية، مع العظام حسن الإمام، وهنري بركات، وصلاح أبو سيف وسعيد مرزوق، وغيرهم من علامات الفن المصري والعربي، وفي جميع أعمالها، كانت قادرة على اختراع الحدوتة وتناقضاتها، رغم تمسكها بدور واحد فقط في أغلب حياتها الفنية.


أمينة رزق رفضت الزواج من رجل ظل يحبها 14 عاما | ذكريات الزمن الجميل

لم تكن أمينة رزق تملك أي خبرات في الحياة وهي قادمة للقاهرة، كان مسلكها الوحيد الروايات والأوراق التي تسهر عليها، لتتقن أدوارها، الرجل مثل لها دائما عقدة كبيرة، هو السبب الأول دائما في جميع الفواجع التي عاشتها بالمسرحيات والأفلام والمسلسلات، الطلاق، والمرض، الهزيمة، حتى صديقاتها من الفنانات، مآسيهن كان خلفها أزواجهن وأصدقاؤهن، شعرت أن خلف مواجعهن «ذل» من الرجل للمرأة.


العاطفة إذن ستقودها نحو الذل، هكذا هربت «رزق» من العاطفة، كلما دق الحب بابها، سلطت علقلها بكل ما يحمله من توجس على عواطفها، حتى تبقى بكرامتها، واعتمدت طول حياتها على أن تكون هي الرجل والمرأة والطفل والابن والحبيب، تضحي من أجل نفسها، ويبدو أن إحساسها الكبير بالمسئولية، جعلها تجد نفسها في الدور اللائق لها، هي العائل الوحيد لكل الأدوار التي تحتاجها في حياتها، فاتجهت لأدوار الأمومة في وقت مبكر، لم تكن تجاوز منتصف الثلاثينات من عمرها.

كمال الشناوى : أمينة رزق كانت بتحب تبقى لوحدها

خلقت أمينة رزق علاقة مختلفة وجديدة على السينما المصرية بين الأم الأرستقراطية والمشاعر والبراءة، فهي ليست بقسوة دولت أبيض، التي لا تعرف بابا للمشاعر في أدوارها، ولا هي الأم المغلوبة على أمرها، الساذجة غالبا، مثل فردوس محمد، ولا هي في كوميدية ماري منيب، بل كانت توليفة جديدة من كل هؤلاء، مع إضافة رقة وعذوبة وسحر لأم تستوعب بمشاعرها الجميع.

كانت التركيبة النفسية لأمينة رزق، تجعلها تؤدي جميع الأدوار كما لو كانت في الواقع، عيناها تطارد الخوف دائما، تفضل الأمن والأمان لنفسها ولجميع من حولها على ارتكاب أدنى مخاطرة، فالإنسان بالنسبة لها، لا يمكن أن يؤدي دوره في الحياة، إلا حين يتحلى بالوعي، والعمل بقوة إلى آخر لحظة في العمر.

الجريدة الرسمية