رئيس التحرير
عصام كامل

بديل البشير.. تفاصيل «صفقة فبراير» مع مرشح أمريكا لحكم السودان

صلاح قوش
صلاح قوش

كشف مصدر عسكري سوداني أن رئيس المخابرات السودانية السابق صلاح قوش التقى عملاء من الموساد الإسرائيلي في ألمانيا شهر فبراير الماضي، من أجل مناقشة أمر تعيينه رئيسا للسودان بعد إقالة الرئيس السوداني المعزول عمر البشير.


وذكر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن قوش التقى يوسي كوهين على هامش مؤتمر ميونيخ الأمني الذي عقد منتصف فبراير الماضي، في اجتماع هدف إلى التحدث عن من سيقود السودان خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف الموقع، أنه كان هناك إجماع عن تنحى البشير قريبا، مشيرا إلى أن الصراعات بالحكومة السودانية كانت تتمحور حول من سيتولى رئاسة البلاد في المستقبل.

وذكرت مصادر دبلوماسية تفاصيل الاجتماع الذي ضم أيضا رؤساء المخابرات الأوروبية ورئيس المركز الإعلامي المشترك المقرب من الحكومة السودانية، للحديث عن مرحلة ما بعد عهد البشير.

وأكدت المصادر، أن البشير لم يكن على علم بالاجتماع غير المسبوق بين جوش وكوهين في ميونخ، موضحة أن الهدف من الاجتماع هو ضمان الدعم الأمريكي قوس من أجل توليه الرئاسة ومشاركة إسرائيل في الخطة بسبب العلاقة المقربة بينها وبين واشنطن.

وأوضح الموقع أن رئيس الاستخبارات السودانية، يتمتع بشعبية كبيرة في واشنطن وزار الولايات المتحدة عدة مرات، ولذلك لم تضعه الحكومة الأمريكية على قوائم الإرهاب.

وأضاف نقلا عن موقع الاستخبارات الأفريقية، أن المخابرات الأمريكية وضعت جوش كبديل للبشير إذا لم يتم الحفاظ على منصب الرئيس السوداني.

وعقب رحيل البشير عن السلطة، رحبت القوى المدنية والشارع السوداني بإقالة رئيس جهاز الأمن والمخابرات صلاح عبد الله، المعروف باسم «قوش»، باعتباره كان رأس الجهاز سيئ الصيت الذي يعتبره السودانيون مسئولًا عن غالبية الجرائم التي تمت في حقهم.

لكن استقالة قوش، التي قبلها رئيس المجلس العسكري الجديد الفريق عبد الفتاح البرهان، جاءت بضغط الشارع الذي رفض التعامل معه وطالب بإبعاده فورًا باعتباره كان من أبشع رموز نظام عمر البشير، فضلًا عن القمع العنيف الذي مارسه ضد الحراك الشعبي الأخير الذي بدأ في 19 ديسمبر الماضي، واتهام جهازه بقتل العشرات خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، ويرى الكثيرون أن لقوش طموحات جعلته يتطلع إلى كرسي الرئاسة، ربما لاعتقاده أن أصدقاءه في المخابرات الأمريكية «سي آي إيه» سيساعدونه في الوصول إلى القصر.

ولد قوش عام 1957 في بلدة «البلل»، شمال السودان، ثم انتقلت أسرته إلى مدينة بورتسودان الساحلية، وتخرج في كلية الهندسة في جامعة الخرطوم، حيث كان له نشاط سياسي ضمن جماعة «الإخوان المسلمين» ودخل اتحاد الطلاب في الجامعة، وعمل في المكتب الأمني التابع لتنظيم الإخوان في جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها لقيادته.

وبعد تخرجه، واصل عمله الاستخباراتي ضمن «الجبهة الإسلامية القومية» بزعامة حسن الترابي، وبعد استيلاء التنظيم على السلطة عبر الانقلاب العسكري في 30 يونيو 1989 التحق قوش بجهاز الأمن والمخابرات برتبة رائد، وتدرج في الرتب حتى وصل إلى منصب نائب مدير العمليات، وهو القسم الذي يقوم بعمليات خاصة توصف بالخطيرة، لكن بعد سنوات تم إبعاده من الجهاز بعد اتهامه بالمشاركة في التخطيط لمحاولة اغتيال الرئيس الأسبق، حسني مبارك، وتم تعيينه مديرًا لمصنع اليرموك الذي قصفته إسرائيل لاعتقادها أن المصنع تابع إلى إيران.

كما يُعتقد أن قوش كان مقربًا من زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن الذي استضافته الخرطوم في منتصف التسعينات حتى عام 1998. وتردد أن قوش كان مسؤولًا عن تحركات بن لادن، كما يُعتقد أنه هو الذي اعتقل الإرهابي الفنزويلي كارلوس في الخرطوم في أغسطس 1994 رغم أن النظام السابق هو الذي كان استضافه لفترة من الزمن قبل أن يسلمه للحكومة الفرنسية.

وفي تطور مفاجئ أقال البشير مدير استخباراته 2009 وعينه مستشارًا أمنيًا له، ثم أبعده لدخوله البرلمان نائبًا عن دائرة «مروي»، وفي 2012 تم القبض عليه واتهامه بالمشاركة في محاولة لقلب نظام البشير مع 13 ضابطًا من الجيش وجهاز الأمن، الذي عُرف بانقلاب «ود إبراهيم»، قائد الحرس الرئاسي وقتها، العميد محمد إبراهيم. ومكث قوش في المعتقل نحو عام ثم أُطلق سراحه في 2013 وعاد إلى البرلمان مرة أخرى في 2015.

وكان قوش قد لعب دورًا محوريًا في الخلاف الذي وقع بين البشير والترابي في عام 1999 حين انحاز إلى البشير وسعى إلى القضاء على مجموعة الترابي، وضيّق عليها الخناق واعتقل كوادر كثيرة مقربة من الترابي.

واشتهر قوش بالبطش ضد القوى السياسية المعارضة، ويعتقد أنه أحد الذين أنشئوا البيوت السرية التي اشتهرت باسم «بيوت الأشباح»، والتي مورست فيها أبشع أنواع التعذيب، كما أنه حوّل جهاز الأمن إلى دولة داخل الدولة من حيث التسليح والميزانية الضخمة التي لا تُعرض على البرلمان، فضلًا عن الشركات التي يملكها الجهاز والتي خلقت له قاعدة اقتصادية كبيرة تعمل في كل المجالات، بما فيها المواد الغذائية.

وبرز اسم قوش عالميًا خلال تعاونه الوثيق مع جهاز المخابرات الأمريكية «سي آي إيه» بعد أحداث سبتمبر 2001 حين سلم ملفات ومعلومات مهمة إلى الولايات المتحدة عن تنظيم القاعدة.
الجريدة الرسمية