رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

استجاب الجيش الجزائري وأنهى عهد «بوتفليقة»


أشرت في المقال الفائت إلى أن "ثنائية الجيش والشعب في كلمة رئيس الأركان الجزائري الفريق "أحمد قايد صالح" والتزام الجيش بإيجاد الحل قريبا، ينبئ عن تنازلات جديدة، وربما يقنع الجيش الرئيس "بوتفليقة" بالتنحي، على أن يكون أعد خطة بديلة لإدارة البلد بأمان لحين إجراء انتخابات رئاسية جديدة".


يبدو أن الرئيس "بوتفليقة" رفض التنحي، ومع تلاحق التطورات في الشارع توالى قفز بعض القيادات الحاكمة والحلفاء من قارب نظام الحكم ودعم احتجاجات الشارع، في مواجهة إصرار الحكومة والمحيطين بالرئيس على تطبيق خطته الرامية "لتشكيل حكومة تكنوقراط وعقد ندوة وطنية جامعة تنتهي بصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية لا يترشح لها "بوتفليقة".

فضلا عن تحذيرات عالمية من أن احتجاجات الشارع السلمية شارفت على ثورة شاملة ضد النظام.. كل هذا جعل الجيش يدرك أنه لم يعد بالإمكان إيقاف الشارع أو إقناع المحتجين بقبول تنازلات جديدة من السلطة، وأن الحل في "خطة بديلة" يبدو أنه كان أعدها تحسبا للظروف.

فقد أطل الفريق "صالح" فجأة أمس مطالبا "تطبيق المادة 102 من الدستور، المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية"، ما يعني رسميا عزل الرئيس "بوتفليقة" وإنهاء حكمه، استجابة لضغط الشارع.

وقال "قايد صالح"، خلال كلمة أمام عدد من الضباط الجزائريين، "يجب تبني حل يكفل الخروج من الأزمة ويضمن احترام الدستور، فالدستور ضمانة وحيدة للحفاظ على الوضع السياسي المستقر".

وحذر رئيس الأركان من أن الوضع الذي تشهده الجزائر الآن ربما تستغله قوى معادية "المسيرات تنظم عبر كامل التراب الوطني وتطالب بتغييرات سياسية، ورغم أنها اتسمت، إلى غاية الآن، بطابعها السلمي والحضاري مؤكدة المستوى الرفيع للشعب الجزائري ووعيه ونضجه، فقد وجب التنبيه إلى أن هذه المسيرات ربما تستغل من قبل أطراف معادية في الداخل والخارج، ذات النوايا السيئة، التي تلجأ إلى القيام بمناورات مشبوهة بهدف زعزعة استقرار البلاد، لكن الشعب الواعي واليقظ سيعرف كيف يفشل كافة مخططاتها الدنيئة".

بعد قليل من دعوة "قايد صالح" إعلان خلو رئاسة الجمهورية، ذكرت تلفزة جزائرية "إن المجلس الدستوري الجزائري يعقد اجتماعا خاصا، بعدما دعا قائد الجيش إلى عزل الرئيس "بوتفليقة" عبر تفعيل المادة 102 من الدستور لإعلان المنصب شاغرا".

وتنص المادة 102 "على أنه إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع ويتولّى رئيس مجلس الأمّة مهام رئيس الدّولة لمدّة أقصاها تسعون يوما، تنظّم خلالها ‬انتخابات رئاسيّة".‬

لم تنته أزمة الجزائر عند هذا الحد، بل الجميع يترقب، لا سيما مع رفض بعض أنصار "بوتفليقة" والمستفيدين من حكمه ورجال الأعمال وكثيرين من الحزب الحاكم، خطة الجيش لعزله، ما قد يؤدي إلى مواجهة من نوع آخر في ظل سعي الكثيرين إلى السلطة، وكان لافتا تزامن اجتماع المجلس الدستوري لإعلان شغور منصب الرئيس، مع دخول تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي على الخط، ودعوته المسلمين للتوحد ضمانا لأسلمة حكم الجزائر ورفضا أي هويات أخرى.

ويبقى أن الإعلام الجزائري الرسمي، أبدى شجاعة وجرأة في نقل وتغطية أمينة لإحتجاجات الشارع سواء من الصحف أو التلفزة الحكومية، ما دعا الرئيس بوتفليقة، قبل يومين، إلى إقالة المدير العام للتليفزيون "توفيق خلادي" من منصبه، وتعيين "لطفي شريط"، المدير العام الأسبق للأخبار، خلفا له، بعد أن نظم جهاز التليفزيون وقفة احتجاجية، تنديدا بـمحاولات "التضييق على الإعلام" في تغطية تظاهرات الشارع الرامية لتغيير النظام.

أخيرا فإن الأنظار صوبت منذ بدء حراك الشارع ضد "بوتفليقة" تجاه رئيس الأركان "قايد صالح" لتلمس موقفه، خصوصا مع تأكيده الدائم على دور الجيش في حماية الشعب والحفاظ على مكتسبات الجمهورية والتحذير من العودة إلى "العشرية السوداء"، ومع انحيازه إلى مطالب الشعب بتفعيل المادة 102 من الدستور لعزل الرئيس، يأمل كثر في تكرار السيناريو المصري، وأن يتخلى رئيس الأركان ‬عن منصبه العسكري ويترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
Advertisements
الجريدة الرسمية