رئيس التحرير
عصام كامل

«غضب البابا».. تأديب المخالفين لنظام الكنيسة بالحرمان من الرواتب والتسريح وتعليق التجليس

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني

«باب السماء هيتقفل في وش المعارضين»، تحذير صارم جاء على لسان البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، للمعارضين داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، رغم أنه لا يفوت فرصة إلا ويقول «مكتبي مفتوح للكل بلا استثناء»، وذلك قبل أن يعود ويؤكد أن المعارضة بمعناها المتعارف عليه غير موجودة في الكنيسة، كما أن عددهم ليس كبيرا.


تعامل البابا مع المعارضة داخل الكنيسة يمكن وصفه بـ«الجزء الغامض» في طريقة إدارة «تواضروس» للشأن الكنسي، فمرات يرحب بالمعارضين ويجتمع معهم، ومرات أخرى نجده يتوعد.
حوار البابا تواضروس مع معارضيه من الشباب كانت نقطة مضيئة، حيث دعا للقاء عشرة من معارضيه في المقر الباباوى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، للاستماع لآرائهم.

في المقابل، استقبل النشطاء الأقباط دعوة البابا بسعادة شديدة، ووصفوها بأنها تكشف رغبته الحقيقية في الحوار مع شباب الكنيسة، والاستماع لوجهات النظر المعارضة له.
«تواضروس» كان حريصا على سماع أسباب المعارضة، والتعرف عن قرب على تفاصيل موقفهم من قرارته، والتعامل معهم من من خلال الحوار، وتقريب وجهات النظر.

يذكر هنا أن البابا تواضروس كان يتابع تدوينات شباب الكنيسة سواء المعارضين أو المؤيدين على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»،-حسب ما أعلن في حوار تليفزيوني، قبل أن يُغلق حساباته تنفيذا لقرار لجنة الأديرة، على خلفية حادث مقتل الأنبا أبيفانيوس أسقف ورئيس دير الأنبا مقار.

من «الحوار إلى العقاب» انتقل البابا تواضروس، أو هكذا يتصور البعض، خاصة في تعامله مع الكهنة والأساقفة الذين يتسببون له في حرج سواء مع الشعب القبطي، أو أجهزة الدولة، حتى وصل الأمر إلى الحرمان من الحقوق المادية التي هي الدخل الوحيد للكاهن، خاصة أنه لن يكون باستطاعته ممارسة أي مهنة أخرى بعد أن يرتدي الزي الكهنوتي.

القس مكاريوس فهيم قليني، أحد كهنة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فتح باب الحديث عن «عصا البابا» التي يؤدب بها المخالفين، أو من يستشعر فيهم التمرد، والتي اعتبرها كثيرون قاسية للغاية، وصرح القس مكاريوس فهيم أن «البابا يعاقبه عن طريق وقف راتبه، وحرمانه من تخصيص كنيسة للخدمة فيها، دون إبداء أسباب واضحة، رغم محاولاته الكثيرة لقاء البابا للتعرف على خلفية تعليقه هكذا»، وأكد القس مكاريوس أن راتبه الكنسي موقوف منذ ثمانية أشهر، وتحديدًا منذ أغسطس 2018، كما أن البطريرك يرفض تثبيته للخدمة بكنيسة محددة، ويتركه يصلي في أي كنيسة، وهو ما يخالف القانون الكنسي.

البطريرك زاد في عقاب القس مكاريوس فهيم برفضه تجديد بطاقته الشخصية منذ أكثر من عام، وبالتحديد منذ يناير ٢٠١٨، كما أوقف مناقشة رسالته للدكتوراه رغم موافقة معهد الرعاية وإجازتها من المشرفين بعد 4 سنوات عمل مستمر وتحديد موعد المناقشة وتشكيل اللجنة.

البعض أرجع قرارات البابا السابقة إلى الانتقادات التي يوجهها القس مكاريوس فهيم إلى بعض الممارسات في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عبر سلسلة مقالات على صفحات الجرائد المتنوعة، إلا أن الكاهن نفى ذلك، مشيرا إلى أن «هذه الإجراءات اتخذها البطريرك قبل كتابة المقالات».

«غضب البابا» طال أساقفة في المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية أيضا، حيث لا يزال البطريرك يعلق تجليس الأنبا مايكل أسقف الكنيسة في الولايات المتحدة الأمريكية، ما دفع الأخير إلى التهديد باللجوء إلى المحاكم الأمريكية.
ورفض الأنبا مايكل فكرة تجليس الأنبا كاراس كأسقف على كنائس ولايات بنسلفانيا ومريلاند وديلاوير باعتبارها تابعة له، وأرسل الأنبا مايكل رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى البابا تواضروس والأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس آنذاك، هدد فيها باللجوء للقانون الأمريكي إذا ما تم تجليس الأنبا كاراس أسقفا على الكنائس التابعة له.

وقال في رسالته إن «إيبارشية" Mid- South Atlantic Diocese " مسجلة طبقًا للقانون الأمريكي حسب الخطاب الصادر من البابا شنودة الثالث الذي حرره في ٢٠ أغسطس ٢٠٠٩م، والمحدد فيه الحدود الجغرافية بثماني ولايات، وهي: ڤيرچينيا ودلوار وميريلاند وبنسلڤانيا وكارولاينا الشمالية والجنوبية وڤيرچينا الغربية وكنتاكي بالولايات المتحدة الأمريكية، وهذا التسجيل تم في سبتمبر ٢٠٠٩م».

وأضاف الأنبا مايكل: «بناء على ذلك أريد أن أخطركم بعدم المساس بالإيبارشية أو حدودها الجغرافية القانونية حتى لا يتم الزج بالكنيسة في أمور قانونية لا داعي لها»، فيما ردت الكنيسة على تهديد الأنبا مايكل بنشر الكنائس التابعة له وفقا لما أقره البابا الراحل شنودة الثالث.

الأنبا مايكل وجد دعما من الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعدوة، والذي أعلن تضامنه الكامل مع الأنبا مايكل، وأرسل خطابات إلى المجمع المقدس تفيد ذلك، وحتى اليوم لا يعرف الأنبا مايكل مصيره.

تأجيل رسامة الأنبا مكاريوس على إيبارشية المنيا وأبو قرقاص اعتبره البعض عقابا من البابا تواضروس للأسقف المحبوب، باعتبار أن الأنبا مكاريوس تسبب في إحراج للبطريرك مع الدولة، رغم أن هناك توافقًا بين الكهنة والشعب على تجليس الأنبا مكاريوس، وقدموا بيانا للبابا يؤكد رغبتهم تلك، كما عمقت الأحداث الأخيرة التي تشهدها المنيا شكوك المحبين للأنبا مكاريوس، خاصة بعد أن اجتمع البطريرك بكهنة إيبارشية المنيا وأبو قرقاص وتعرف على رغبتهم، والتي جاءت جميعها في صف الأنبا مكاريوس.

«فيتو» طرحت هذه الأسئلة جميعها على القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ولم تتلق منه إجابة صريحة على أي من الأزمات التي تم ذكرها سلفًا.

"نقلا عن العدد الورقي".
الجريدة الرسمية