رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

منظومة «التموين» الصحي الشامل


بدأت وزارة التموين والتجارة الداخلية برئاسة وزيرها الدكتور على المصيلحي في إجراءات "عكننة" المواطنين والتضييق على حياتهم، بما يسمى تطبيق المرحلة الثانية من حذف الفئات القادرة من منظومة الدعم، والتي تتضمن عددًا من المعايير، وهي من تتخطى فاتورة استهلاك الكهرباء لشقته ٦٥٠ كيلو وات، وكذلك من يتخطى فاتورة استهلاك المحمول ٨٠٠ جنيه شهريًا، بالإضافة إلى ضم أصحاب الحيازات الزراعية التي تزيد على ١٠ أفدنة خلال المراحل المقبلة.


وهذا الأمر فتح أبواب "العكننة" على ملايين المصريين، حيث تظهر سياسة الوزير من خلال محاولته الدائمة توفير الدعم للدولة دون النظر الحقيقي لمصالح المواطنين، فالنظر فقط لكرسي الوزارة الذي يكون الجلوس عليه شريطة أن تستطيع توفير أكبر قدر ممكن من ميزانية وزارتك..

فتجد وزير التموين يطمح إلى ذلك فيحذف آلاف الأسماء من البطاقات التموينية، ومن صرف الخبز بحجج واهية، مثل التحديث أو الأخطاء الخ، وفي الحقيقة أنه بهذا الحذف يوفر ملايين الجنيهات لميزانية الدولة على حساب الفقراء والمستحقين، وبعد أن يتم إعادة المحذوفين يكون قد انقضى شهور طويلة لم يصرف هؤلاء السلع التموينية فيكون التوفير ظاهرا، ويظن الوزير أنه بذلك يقدم يخدم الدولة وينفذ سياسة قد تعجب رئيس الجمهورية، رغم أن ذلك الأمر أبعد ما يكون عن رضاء رئيس الجمهورية الذي يرغب في أن يكون الوزير مبدعا في وزارته، يفكر بصورة مغايرة عن المعتاد، فيحقق رضاء المواطن كما يحقق إيصال الدعم لمستحقيه.

لكن وزير التموين تفتقت عقليته عن وضع معايير لتقليص وإنهاء الدعم، حيث إن سيادته يريد أن يصل إلى أنه لا يحصل على التموين أو الخبز سوى فئة واحدة فقط هي من تحصل على معاش تكافل وكرامة، وقد صرح هو بذلك في أكثر من مناسبة، ونسق مع وزيرة التضامن من أجل ذلك الهدف؛ ولذا تجده يفكر في وسائل يخرج بها متوسطي الحال بل ضعاف الحال في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها هؤلاء..

فتجده يضع معايير عجيبة مثل حرمان من تزيد فاتورة استهلاكه الكهرباء على ٦٥٠ كيلو وات، ومن يمتلك سيارة موديل ٢٠١٤ والأحدث. فهنا طبعا تأتي الفكرة الجهنمية، فتجد كثيرا من المواطنين يفاجأ بأنه لن يصرف التموين لأن فاتورة الكهرباء مرتفعة عن 650 كيلو وات، وآلاف من هؤلاء لم ترتفع فاتورة كهربائهم مطلقا لكنه مضطر لتقديم تظلم، وحتى يُبت فيه يكون قد تم إيقاف صرف تموينه فيتوفر للوزارة فترة طويلة إلى أن يتم إعادة المواطن مرة ثانية، فيتم حذف غيره بالحجة نفسها وهكذا.

كما أن بعض المواطنين متوسطي الحال الذي هم في حاجة للعون يأتي عليهم فصل الصيف بحرارة شديدة فيتجهون للمراوح أو تكيف بسيط حتى لا تزهق أرواحهم وأولادهم، فيؤدي هذا الأمر إلى رفع استهلاك الكهرباء لهذه النسبة، وهم في الحقيقة فقراء فتنتهز وزارة التموين الفرصة لحرمانهم من التموين. وتجد مواطنا قد اشترى سيارة فيات مثلا موديل 2014 مستعملة فيدخل ضمن المحرومين من الدعم دون مبرر قوي.

وأرى أن وزارة التموين تحتاج لوزير بعقلية الوزير السابق خالد حنفي الذي تكالبت عليه مافيا الفساد وتكتلت لتتهمه باتهامات باطلة؛ نظرا لتقنينه حصص الدقيق التي كانت تنهب من أصحاب المخابز ومافيا الدقيق، فاستطاعت هذه المافيا بمساعدة بعض من الإعلاميين المتحولين أن تزيح ذلك الوزير من منصبه، وقد ثبت براءته من كل التهم، وتم تعيينه في منصب عالمي وليس محليا.

فقد فكر خالد حنفي خارج الصندوق واستطاع أن يحقق معادلة صعبة جدا، حيث تم إيصال التموين بسلع متنوعة وجديدة للمواطنين بدون ثمن تقريبا، وقضى على طوابير الخبز، وحققت الدولة مكاسب كذلك، فقد وجه قيمة دعم التموين بحيث إن الوزارة صارت هي التي تتعاقد مباشرة مع المصانع والمستوردين، وتوزع ذلك للبقالين التموين مباشرة، فوفرت ملايين الجنيهات التي كانت تدخل في دائرة الفساد، كما استحدث الوزير نظام نقاط الخبز بحيث كلما وفر المواطن رغيف خبز أخذ مكانه نقاط يصرفها تموينا، فوفر بذلك ملايين الجنيهات التي كانت تذهب لدعم الرغيف؛ مما وفر الدولار الذي به يتم استيراد الدقيق والقمح.

فإذا افترضنا وزيرا للتموين يعمل بتلك العقلية فسوف يكون نِعم العون لتحقيق أهداف الدولة في إشعار المواطن بالنماء بعد الشقاء، ويستطيع ذلك الوزير أن يتعاقد مباشرة مع المصانع لبيع السلعة في التموين بأرخص الأسعار، وهنا يكون التموين لكل المصريين، بمعنى أن تكون هناك الفئة التي معها الدعم وهي فئة تكافل وكرامة ولها بطاقتها المميزة، أما باقي المصريين فيجب أن يكون لهم بطاقة تموينية بلون مخالف مهما كان عددهم ودخلهم، بحيث إن الدولة توفر لهم السلع بأرخص الأسعار..

وبذلك تنجح الدولة في زيادة قدرة مصانع الدولة وإنشاء مصانع أخرى، فتساهم في القضاء على البطالة وتعظيم موارد المصانع والشركات الحكومية والقطاع العام، وتقدم سلعا بأسعار معتدلة لكل مواطني مصر، فتصبح منظومة التموين مثل منظومة التأمين الصحي الشامل لكل المصريين، ولا تتركهم لافتراس التجار والمستوردين.
Advertisements
الجريدة الرسمية