رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«فقيدة ماسورة الصرف».. أحد أهالي القرية عرض إنزال ابنه لإنقاذ «سارة» (فيديو وصور)

فيتو

يمضي العمر بالإنسان سنوات وشهور ما بين لحظة الميلاد للوفاة، ولكن أن تنتهي مسيرة حياة طفلة في «ماسورة صرف صحي»، فهذا ملخص الفاجعة الكبرى التي شهدتها قرية بركة بمركز نجع حمادي في محافظة قنا.. مأساة الطفلة سارة إيهاب ذات العامين ونصف العام، التي فقدت حياتها بعد أن ابتلعتها ماسورة صرف صحي مكشوفة قطرها 10 بوصات، بطول 36 مترا تحت الأرض.


لم تضع "سارة إيهاب" الطفلة ذات العامين ونصف في حسبانها أن خروجها في عصر ذلك اليوم، والقبلة التي طبعتها على خد والدتها ستكون بمثابة قبلة الوداع قبل الغوص في ماسورة مياه لـ 10 ساعات لفظت خلالها أنفاسها الأخيرة خلال الـ 4 ساعات الأولى من سقوطها في «ماسورة الموت».

عصر كل يوم، اعتاد أطفال قرية "بركة" بمركز نجع حمادي بمحافظة قنا التجمع للهو خارج منازلهم، هناك الخوف على الأبناء لم يعرف طريقه إلى قلوب الأمهات وأهالي القرية، الجميع يعرف بعضهم البعض، يلهو الأطفال في الشوارع والأزقة والغيطان، ويعودون قبل حلول المساء، ليجمتعوا مع أسرهم حول "الطبلية" وتناول الغداء، روتينا عاديا لم يغيره سوى صرخات بعض الأطفال مجتمعين حول ماسورة مياه.

روى شهود عيان لـ"فيتو" تفاصيل 10 ساعات في انتظار إنقاذ الطفلة سارة.

خرجت "سارة" مرتدية فستانها الأحمر تتحرك كعروس ليلة زفافها وسط أقرانها، ساقتها أقدامها لسوء حظها إلى منطقة يوجد بها عدد من مواسير المياه التي تسحب المياه من بئر ارتوازي ضمن واحد من مشاريع شركة المياه التي لم تكتمل وجار العمل عليها.

في حدود الساعة الخامسة عصرا شعرت الأم بغياب نجلتها، بدأت في البحث عنها لدى جيرانها وفي الشوارع المحيطة، إلا أن الغياب طال ولم تعتاد الأم أن تمكث ابنتها ذات العامين ونصف خارج المنزل لفترات طويلة، بدأ تتغير نبرتها والخوف عرف طريقه إليها، صوتها يعلوا ويتجمع أهالي القرية وشبابها حولها: "مش لاقية سارة، خرجت تلعب مع العيال ومش لقياها".

الكل انطلق للبحث عن "سارة"، أحد المارين أثناء عملية البحث بالقرب من منقطة عمل وجد بعض الأطفال يبكون ويشيرون بأيديهم إلى ماسورة المياه ليقترب من تلك الماسورة ويسمع صرخات الطفلة سارة، لوهلة لم يعرف كيف يتصرف، لكنه جرى إلى الأهالي يخبرهم أنه وجد سارة.

لحظات من الخوف والقلق انتابت والدة سارة، وجدت نفسها وحيدة، زوجها في القاهرة يتابع أعماله، إذا عليها أن تستجمع قواها، وأن تخبر والد سارة بالفاجعة، أمسكت هاتفها وألقت بالمفاجأة على مسامع زوجها: "سارة بتموت يا إيهاب"، وأطلقت صرخة مدوية، وألقت بالهاتف بعيدا عنها، التقطه أحد أهالي القرية، وبدأ في شرح الواقعة للزوج.

600 كيلو متر تفصل الأب عن لقاء ابنتها قبل أن تلفظ أنفاسها، خلال الرحلة التي تمتد لـ 8 ساعات لم يهدأ تليفون الوالد، يتصل بكل أهالي القرية يسألهم عن حالة ابنته وماذا ينتظرها.

عرض أحد أهالي القرية أن يربط نجله صاحب الخمسة أعوام والجسد النحيف بحبل ويقومون بإنزاله إلى داخل الماسورة حتى يتمكن من سحب الطفلة، إلا أن اقتراحه قوبل بالرفض من قبل الأجهزة التنفيذية التي حضرت إلى موقع الحادثة.

10 ساعات قضتها "سارة" داخل ماسورة مياه قطرها 10 بوصات وعمقها يقترب من 36 مترا تحت الأرض، في الساعات الأولى من الرابعة كان صوتها يصل صداه إلى مسامع والدتها، كانت تصرخ عليها باسمها وتجيب سارة بصرخة أكثر قوة، إلى أن صمت تمامًا في قرابة الثامنة مساءً.

بدأ رجال الإنقاذ في البحث عن سبيل لإنقاذ الطفلة، وبالفعل عمدوا إلى إنزال كاميرا داخل الماسورة ليستطيعوا رؤية سارة وتحركاتها والاطمئنان على حالتها الصحية، فضلا عن دعمها بالأكسجين.

جلست الأم المكلومة في مواجهة جهاز المونيتور تشاهد طفلتها تلفظ أنفاسها الأخيرة، عندما شعرت الأجهزة التنفيذية بانتهاء الأمر ووفاة الطفلة بدأت في حجب المونيتور عن الأم بحجة أن الظلام يحجب عنهم الرؤية، بدأ صوت سارة يخفت رويدا رويدا، فلم تعد تطلق صرخاتها، وبدأ صوت أنفاسها يخبو، حينها أدرك رجال الإنقاذ أن مهمتهم باءت بالفشل.

في تمام الساعة الثانية فجرًا تمكنت قوات الإنقاذ من انتشال جثة "سارة" من داخل ماسورة المياه.
Advertisements
الجريدة الرسمية