رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

كلنا فاسدون


نعم.. أنت فاسد، وأنا، كلنا فاسدون، وإن تفاوتت نسب الفساد واختلفت ألوانه، ندعي النزاهة والحكمة والصدق والشرف والتضحية، وإذا وضعتنا الظروف أمام اختبار حقيقي.. تناسينا ما ندعيه، بل ربما طوعناه لخدمة مصالحنا الضيقة، نتحدث كثيرًا عن الوطن، ونتبارى في الخطابة والمزايدة، نردد الأناشيد، نحييه صباحًا ومساءً، نغني له، ولا ينشد ولا يحيي ولا يغني سوانا، ملنا عليه.. فمال كل ما ندعي، وأصبح لا صلاح له إلا بصلاحنا، ولا صلاح لنا إلا إذا واجه كل منا نفسه بسؤال واحد.. هل أنا فاسد؟


أمس.. أدمت أسر الشهداء قلوبنا، نحبنا، وبكينا، واستمعنا لحكايات الأبطال الذين أحبوا الوطن في صمت، وضحوا من أجله بحياتهم، لم يغنوا، ولم يخطبوا فينا، ولم يتاجروا بدفاعهم عنا، فماذا لو تم تجنيد ابنك في تلك المنطقة الساخنة بالأحداث؟ إذا بحثت له عن (واسطة) لنقله إلى مكان آخر فأنت مدعي الوطنية وفاسد.

وإذا كنت رجل أعمال دائم الحديث عن الشرف والوطنية ودعمك للرئيس.. ثم استغنيت عن عمال في مؤسستك فأنت مدعي الوطنية ومنافق وفاسد، لأن الوطن يمر بظروف إستثنائية.

وإذا كنت من الذين يصفقون للنظام في العلن، وتحمد الله على نعمة الرئيس، ثم تقول عكس ما تعلنه في الغرف المغلقة فأنت فاسد.

وإذا ادعيت أنك قريب من النظام -وهذا ما حاول البعض ترويجه- ثم انكشف زيف ما ادعيت فتم استبعادك لتتحول إلى معارض.. فأنت فاسد.

وإذا استعنت بأهل الثقة والمنافقين لمجرد أنهم ينفذون ما تقوله حتى لو كنت مخطئًا.. فأنت فاسد.

وإذا كان كل همك تشويه الإنجازات وبث الإحباط ونشر الشائعات والفتن.. فأنت فاسد.

وإذا واجهت السلبيات بالصمت أو دافعت عنها.. فأنت فاسد.

وإذا كنت مسئولًا ولا تبصر عينك إلا الرئيس ولا تبالي بالوطن.. فأنت فاسد.

وإذا شعرت بالغيرة من موظف ترأسه فأطحت به خوفًا على منصبك.. فأنت فاسد.

وإذا حصلت لابنك أو ابنتك على وظيفة ليس من حقهما.. فأنت فاسد.

وإذا أهنت جيشك وشرطتك وقضاءك وتطاولت على الشعب.. فأنت فاسد.

وإذا سرقت أراضي الدولة في غفلة منها.. فأنت فاسد.

وإذا تحكمت أهواؤك ونزواتك في عملك.. فأنت فاسد.

وإذا تهاونت في عملك ولم تخلص له.. فأنت فاسد.

وإذا أوشيت بزميل لك.. فأنت فاسد.

وإذا لم تحترم الكبير وتحن على الصغير.. فأنت فاسد.

وإذا كانت أدواتك الفهلوة والنفاق والمجاملة على حساب الوطن.. فأنت فاسد.

وإذا لم تتوجع لوجع الوطن وتتوقف عن المتاجرة به.. فأنت فاسد.

كلنا فاسدون، وإن تفاوتت نسب الفساد وتباينت ألوانه، ولا صلاح للوطن إلا بصلاحنا، ولا صلاح لنا إلا بمواجهة أنفسنا بما فينا، فهيا نعلن التوبة لنتعافى ويتعافى الوطن.
basher_hassan@hotmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية