رئيس التحرير
عصام كامل

المعارضة القوية.. شرط الإصلاح السياسي!


يخطئ من يعتقد أن أي إصلاح سياسي يمكن أن يتحقق في غياب معارضة قوية، تتولاها أحزاب سياسية يسعي كل منها للوصول إلى الحكم، من خلال الرؤي التي يقدمها لمواجهة المشكلات المتراكمة، وإقناع الرأي العام بأنه قادر على تحقيق طموحات الجماهير، بما لديه من سياسات قابلة للتطبيق..


ويدخل كل حزب في منافسة مع النظام الحاكم والأحزاب الأخرى لاكتساب ثقة المواطنين والفوز بتأييدهم، مما يترجم بالإقبال على الانضمام للحزب الذي يحقق أكبر قدر من الإقناع، وعندما تغيب تلك الأحزاب أو توضع أمامها العقبات ينفرد الحكام بتقرير مصير الوطن دون أي اعتبار للرأي المخالف الذي يغني المسيرة ولا يعطلها.

وليس من الإنصاف أن نحمل الأحزاب التاريخية في مصر مسئولية ما أصابها من ضعف ووهن، بعدما لاقته طوال السنوات الماضية.. وفي ظل حكم أكثر من رئيس من تضييق على أنشطتها وحرمانها من التحرك وسط الجماهير الذي يمكنها من اكتساب أعضاء جدد، وكذلك تعرض قياداتها لحملات من الإعلام الموجه تستهدف اغتيالهم معنويا، ما يدفع تلك الكوادر إلى التفكير ألف مرة قبل التعامل مع الشارع، الذي قد يجر عليهم متاعب عديدة..

خاصة من الجهاز الإعلامي الذي يعتبر الاختلاف في الآراء مع النظام خيانة لا تغتفر، والإصلاح السياسي لا يمكن أن يتحقق في ظل صحافة الصوت الواحد، وإعلام الرأي الواحد، الذي يستبعد كل صاحب رأي آخر من الظهور على شاشاته، ولا يمكن أن يتحقق الإصلاح السياسي في ظل الترويج لمقولة إن كل المصريين يجب أن يجتمعوا على رأي واحد..

وهو ما يتعارض مع الطبيعة البشرية، واختلاف السياسات التي تحقق مصالح كل طبقة اجتماعية، وهي تتعارض بطبيعة الحال.. وتترجم إلى سياسات محددة تتوافق مع تلك المصالح، فمصالح الطبقة العاملة تختلف عن مصالح الطبقة الرأسمالية، ولكل منها برامج سياسية متباينة، وبينما تجري الآن محاولات تغيير بعض مواد الدستور بالرغم من أن معظم تلك المواد لم تطبق أو الحجة التي تقدم أن الدستور ليس نصا مقدسا لا يصح تعديله، وهذا صحيح فإن الأوفق أن نطبق- قبل التفكير في التعديل- المواد التي لم تجد طريقها بعد للتطبيق.

الإصلاح السياسي لن يتحقق بينما الإعلام الرسمي يشهر بكل صوت مختلف، والاتهامات بالتخوين جاهزة تظهر في الوقت المناسب ما يقدم هدية لأعداء النظام في الخارج، وللمنظمات الحقوقية التي لا تتهاون مع قضية الديمقراطية.
الجريدة الرسمية