رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لك الله يا سوريا


مخطئ من يتصور أن هناك استقرارا قد يحل على الأراضي السورية في القريب العاجل، في ظل الصراعات المتأججة بين كل من تركيا والأكراد من جهة، وإيران وحزب الله وإسرائيل من جهة أخرى، وروسيا وأمريكا من جهة ثالثة، في محاولة من الجميع لفرض نفوذه على البلاد.


فعلى الرغم من نجاح الجيش الوطني السوري في فرض سيطرته على نحو 60 في المائة من الأراضي السورية، وفرض «قوات سوريا الديمقراطية» على نحو 30 في المائة من الأراضي في منطقة شمال وشرق سوريا، بعد القضاء على ميليشيات «داعش»، إلا أن هناك الصراعات الدولية ما زالت تعوق عودة الاستقرار إلى سوريا حتى بعد تحرير كامل التراب السوري من الميليشيات المتطرفة.

فما زالت تركيا تسعى إلى فرض نفوذها على طول الشريط الحدودي مع سوريا، والاستعداد للدخول في مواجهات مع «قوات سوريا الديمقراطية» التي تعتبرها أنقرة «إرهابية» وتمثل ذراعا عسكرية لحزب العمال الكردستاني، في منطقة شمال وشرق سوريا، وهي القضية التي يسلط عليها الإعلام العالمي الضوء بشكل كبير في الوقت الحالي.

في الوقت الذي يغفل فيه عن معركة أكثر شراسة تدور رحاها داخل العمق السوري، بين إيران وحزب الله من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، تحقيقا لمصالحهما وكسب نفوذ سياسي وعسكري واقتصادي في سوريا؛ حيث تتخذ إسرائيل من الوجود الإيراني ذريعة لتوجيه ضربات بين الحين والآخر لمواقع تصنيع وتجميع الأسلحة والطائرات من دون طيار على الأراضي السورية، في محاولة لكسر النفوذ العسكري والاقتصادي الضخم لطهران في سوريا.

وعلى الرغم من توقف الضربات الإسرائيلية لسوريا لفترة، بعد دخول الروس كوسطاء بين الطرفين، وانسحاب إيران إلى مسافة أكثر من 150 كلم عن منطقة الجنوب السوري، إلا أن إسرائيل عادت خلال الأيام الأخيرة لضرب سوريا من جديد؛ حيث اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي «جادي إيزنكوت» منذ أيام ولأول مرة، أن إسرائيل نفذت آلاف الضربات لمواقع تابعة لإيران وحزب الله داخل الأراضي السورية خلال السنوات الماضية «دون إعلان المسئولية عنها».

للأسف إن الشعب السوري يدفع ضريبة صراعات دولية لا دخل له بها؛ حيث يريد «نتنياهو» كسب الرأي العام الإسرائيلي قبل الانتخابات الإسرائيلية القادم، وهو ما يجعله يقدم على توجيه ضربات متتالية لإيران وحزب الله على الأراضي السورية.

في الوقت الذي يصمم فيه الإيرانيون وحزب الله على عدم تغير سياستهما، والتصميم على التصعيد ضد «إسرائيل» التي تسعى بشكل دائم إلى الإبقاء على قوات الحرس الثوري وحزب الله على مسافة لا تقل عن 150 كم من الجنوب السوري، وجعلها تستهدف بشكل دائم كل مخازن الأسلحة والقوافل والدوريات الإيرانية، والميليشيات التابعة لها، كلما اقتربت من مسافة آل 70 كم من الجنوب السوري.

في الوقت الذي لا ترغب فيه «الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا» عن رفع أيديهما عن الصراع، حتى لا يترك أي منهما المجال للآخر لينفرد بالنفوذ على الأراضي السورية.

في حين ما زالت العشرات من الميليشيات المتطرفة، التي منيت بخسائر فادحة خلال السنوات الأخيرة في سوريا، تقف عن كثب من تلك الصراعات، ترقبا للعودة والسيطرة مرة أخرى.

ليظل «الشعب السوري» المسكين الخاسر الأكبر والوحيد، من تلك الصراعات الدولية، والضربات العسكرية، التي لا تدور أي منها في «واشنطن أو موسكو أو طهران أو أنقرة أو تل أبيب» بل على كامل الأراضي السورية.
ولك الله يا سوريا
Advertisements
الجريدة الرسمية