رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

متى تستخدم «القسوة» في حرية الرأي والتعبير؟


حرية الفكر والرأي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو بالكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر في حدود القانون والنقد الذاتي البناء، ووسائل الإعلام على اختلافها وبصفة خاصة الصحافة تؤدي دورًا اجتماعيًا هامًا، فهي السبيل إلى إقامة وحدة اجتماعية بين أفراد المجتمع الذين يعلمون عن طريق هذه الوسائل بالأمور التي تهمهم جميعًا.


عن طريق وسائل الإعلام يستطيع أفراد المجتمع العلم بالقيمة الاجتماعية للأعمال التي تصدر عمن يتصدون لخدمة المجتمع في المجالات المختلفة، فيعرفون إن كانت نافعة من الوجهة الاجتماعية أم ضارة، حتى أصبحت وسائل الإعلام في الوقت الحاضر أحد أساليب الحكم، فعن طريقها تخطر الدولة الأفراد بما يهمها أن يعلموا به كي يتعاونوا معها على خير المجتمع.

وقد ينطوي أداء وسيلة الإعلام على ما يمس شرف أحد الأشخاص في صورة القذف، ويتبين أن أداء هذه الوظيفة لم يكن ممكنًا في الصورة التي تقتضيها مصلحة المجتمع بدون هذا المساس، فإذا ثبت ذلك تعين إباحة هذا المساس ترجيحًا بين حقين، أحدهما أكثر أهمية من الآخر.

كما يعلم الكافة أن الصحافة سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالتها وفقًا للدستور والقانون بمختلف وسائل التعبير، وتعبر عن اتجاهات الرأي العام وتسهم في تكوينه وتوجيهه في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة.

إباحة النشر والنقد تتطلب شروطًا أربعة، فيتعين أن تكون الواقعة موضوع النقد صحيحة في ذاتها أو يعتقد الناقد صحتها على أساس من التحري والتثبت الواجبين، وأن تكون الواقعة ذات أهمية اجتماعية على أن تصاغ هذه الواقعة والتعليق عليها بأسلوب ملائم، وأخيرًا يلزم أن يتوافر لدى الناقد حسن النية.

صحة الواقعة أو الاعتقاد بصحتها تعني إخلاص الناقد للمصلحة العامة، وشرط استهدافه خدمة المجتمع أن يكون نشاطه بعيدا عن تزييف الحقائق وتشويهها، فهو لا يعرض إلا وقائع صحيحة ويعرضها في نطاقها الصحيح وبصفاتها وظروفها الحقيقية ويعلق عليه التعليق الذي يؤمن بصحته وموضوعيته.

والأهمية الاجتماعية للواقعة هي جوهر حق النقد الذي لا يؤدي دوره إلا إذا تناول واقعة تعني المجتمع فيهمه أن يعلم أفراده بها، ويكفي أن تتجه تلك الواقعة بطبيعتها إلى الجمهور وتنعكس آثارها على عدد غير محدود على الناس، ومن ثم يحق لكل شخص أن يعلق عليها وأن يعلم برأي غيره فيها.

لذا يتعين أن يستعمل الناقد العبارة الملائمة، فلا يبيح حق النقد استعمال عبارات أقسى من القدر المحدد الذي يقتضيه عرض الواقعة، وبيان التعليق على النحو الذي يجعله في تقدير كاتبه أو قائله مقنعًا لمن يطلع عليه أو يستمع إليه.

كما أن ضابط ملائمة العبارة هو ثبوت ضرورتها لتعبير المتهم عن رأيه بحيث يتبين أنه لو كان قد استعمل عبارات أقل عنفًا فإن فكرته لم تكن تحظى بالوضوع الذي يريده، أو أن لن يكون له التأثير الذي يهدف إليه.

ومن عناصر الملائمة ثبوت التناسب بين العبارة، من حيث شدتها وبين الواقعة موضوع النقد من حيث أهميتها الاجتماعية.. وقد يقتضي المقام في بعض الحالات استعمال عبارات مريرة فيها عنف وقسوة، فإن ثبت ذلك كان الناقد في حدود حقه.

ويرتبط شرط حسن النية باعتبار النقد المباح تطبيقًا لاستعمال الحق كسبب للإباحة الذي يعد حسن النية أحد شروطه، ويعني هذا الشرط أن يستهدف الناقد تحقيق الغاية التي من أجلها أقر له الشارع هذا الحق، وأن هذه الغاية هي خدمة المصلحة العامة بكشف الوقائع التي تهم المجتمع وتوجيه السلطات الحاكمة إلى ما يحقق المصلحة العامة للمجتمع.. وللـحـديـث بـقـيـة. 
Advertisements
الجريدة الرسمية