رئيس التحرير
عصام كامل

عميد زراعة القاهرة: الشراكة مع القطاع الخاص طريقنا لتنمية موارد الكلية وتسويق ابتكارات الطلاب

فيتو


  • - الشفافية والتشاركية أساس إدارتي للكلية والقرارات تصدر بعد التشاور في مجلس الكلية
  • - مستعدون لتقديم سر صناعة منتج قيمته 4 أضعاف التغذية المدرسية وتكلفته جنيه واحد

الاستماع لأفكار الدكتور عمرو مصطفى، عميد كلية الزراعة بجامعة القاهرة يترك في نفسك الإحساس أنك أمام عقلية صنعت بعناية على أفكار النجاح الغربي، حيث كل شيء وله حساب، وبمعنى أدق عقلية ترغب في النجاح واستغلال المتاح واكتشاف القدرات وتوظيفها بشكل أفضل، وهو ما سنلاحظه في الحوار التالي حول حركة التغيير التي طالت الكلية ودورها الأكاديمي والعلمي.
وتسلم الدكتور عمرو مصطفى عمادة كلية الزراعة بجامعة القاهرة بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي صدر في شهر ديسمبر عام 2017، ومنذ ذلك اليوم قرر السير في اتجاهين: دراسة الأوضاع الحالية والعمل المباشر أيضا على المشكلات البارزة في الكلية، وفتح الملفات كلها في أول أسبوعين، ولم يترك أي ملف للصدفة، فدرس ملفات خدمات المجتمع وشئون التعليم والطلاب والدراسات العليا والوحدات الإنتاجية، ووضع المزارع التي تملكها الكلية في وادي النطرون وبولاق الدكرور إلى جانب مزرعة جديدة تشرف عليها الكلية الآن.

*ماذا أنجزت في أيامك الأولى بعد توليك عمادة كلية الزراعة؟
وضعت الخطة التي سنسير عليها خلال فترة العمل التالية لتولي العمادة، وخلال أول 3 أشهر كان تم تعيين عدد من الزملاء في عدة إدارات، وأشركت الجميع من أعضاء هيئة تدريس لأعضاء الهيئة المعاونة في إدارة الكلية، وأشركت 70 شخصا جديدا في الإدارة بين هيئة معاونة وأساتذة، وصدر لهم قرار من مجلس الكلية، واتفقنا أن الشفافية هي مبدأ الإدارة الذي أؤمن به، وأن قرارات مجلس الكلية جميعها بالاستشارة، وهذا هو ما يحدث منذ بدأت فترة العمادة، وأنشأت مكتبا فنيا من الهيئة المعاونة ومكتبا لشئون أعضاء هيئة التدريس لتسهيل أي مستندات يحتاجها أي زميل من أعضاء هيئة التدريس لينتهي العمل في نفس اليوم، بدلا من الاستسلام للروتين.

*ما الأفكار التي طبقتها لزيادة دخل الكلية وتطوير الموارد؟
هذا الملف درسنا فيه كل الموارد المتاحة، وبدأنا ببرامج اللغات التي تتيحها الكلية، وبالمناسبة لدينا برنامج للتكنولوجيا الحيوية باللغة الإنجليزي وهو الأول من نوعه في مصر، وفوجئت أن مصاريفه لا تتجاوز الـ6 آلاف جنيه، وبرنامج الزراعة الدولية أيضا بنفس الرقم، وهي برامج ساعات معتمدة، وهذا رقم هزيل جدا، فرفعنا المصاريف بين 11 ألف إلى 12 ألف جنيه لتقديم خدمة أكثر تميزا في تلك البرامج، وأيضا لدعم البرامج التي تدرس باللغة العربية، ويدفع فيها الطالب بين 300 : 400 جنيه، وطالما تطرقنا إلى هذه النقطة، فأحب أن أقول بأننا لدينا برنامج هو الوحيد من نوعه في مصر اسمه برنامج التصنيع الغذائي باللغة الإنجليزية، وقدمناه إلى لجنة اعتماد دولي هي الأكبر في العالم بألمانيا بتكلفة تبلغ 350 ألف جنيه، وسيكون مردود ذلك كبير جدا في تسويق البرنامج في مصر كلها والدول العربية، وبالتالي زيادة الدخل الوارد منه، وهو برنامج مهم جدا لخدمة توجهات الدولة في التصنيع الغذائي؛ لأن الطالب يعمل في العام الثاني من الدراسة، ويشترك القطاع الخاص في الناحية التدريسية، وتقديم التدريب في المصانع. 

*هل تفكر في زيادة دخل الكلية عبر خدمة توجهات الدولة نحو التوسع في الإنتاج الزراعي؟

بالتأكيد، فتوجهات الدولة في هذه الفترة أغلبها ينصب نحو سد الفجوة الغذائية وزيادة الاستثمار الزراعي، وفكرنا بهذا الدافع في مصادر تمويل غير تقليدية من خلال مشروع الـ100 ألف صوبة زراعية، فالصوبة الواحدة تحتاج إلى 3 مهندسين ذي كفاءة عالية، إلى جانب مشروع استصلاح المليون ونصف فدان الذي يحتاج إلى جيش من المهندسين، والمليون رأس ماشية والمزارع السمكية، جميعها مشروعات عملاقة لبناء مصر يجب أن نساهم في تخريج كفاءات عالية لتخدم فيها، وأخذت في هذا الصدد موافقة مجلس الكلية في طرح 14 برنامج ماجستير في كافة المجالات الزراعية والغذائية كالصوب والاستزراع السمكي والتصنيع الغذائي وغيرها، يكون الجانب العملي فيها 60% والنظري 40% حتى أتمكن من تغيير اتجاهات الخريجين بشكل فعلي، ونمنحهم الخبرة الكافية للعمل في تلك المجالات، وسيبدأ تدريس بداية من الترم المقبل، وبالمناسبة هذا الماجستير لا يشترط أن تكن خريج زراعة يكفي أن تتوافر فيك القدرة والرغبة على في التعلم.

*وماذا عن ملف المزارع ؟

فكرنا في الشراكة مع القطاع الخاص، فنحن نملك الأرض والخبرات الكبيرة المتمثلة في الأساتذة، ويمكن أن نشترك مع الشركات الخاصة بأن ننشأ الصوب الزراعية ونوفر مستلزمات الإنتاج مقابل أن نحصل على 100 من الإنتاج، مقابل أن يستفيد القطاع الخاص من الدخول معي في دراسات بحثية تفيده في تطوير عمله، أو يمكن أن نقتسم الإنتاجية، وحتى الآن لدينا 4 رجال أعمال في شراكة بمشروعات المزارع، فلدينا رجل أعمال أنفق قرابة المليون جنيه في إنشاء 6 صوبات وغرف عمال وقاعة تدريب دون أن تتكلف الكلية جنيها واحدا، ويوفر رجل الأعمال العمالة ومستلزمات الإنتاج، ونهدف لتعميم هذا النموذج بشكل عام في مزرعة بولاق ومساحتها 185 فدانا، وادي النطرون 250 فدانا، ومزرعة أخرى تتبع معهد الأورام سنبدأ في الإشراف عليها وتشغيلها ومساحتها 135 فدانا.

حدثنا عن تأسيس أول علامة تجارية بكليات الزراعة في مصر لتسويق منتجاتكم؟

قررنا في هذا الملف أن نغير مسمى الوحدات الإنتاجية، فبدلا من تسميتها مركز تكنولوجيا الخبز أصبحت "أجري هاوس"، فأنشئنا علامة تجارية لمنتجات كلية الزراعة جامعة القاهرة من المخبوزات والخضر والفاكهة ومنتجات الألبان، وأنشئنا منافذ بيع في عدد من كليات الجامعة منها طب بيطري وصيدلة، ومنفذين في حرم جامعة القاهرة، وقريبا في القصر العيني وتربية نوعية وهندسة؛ للترويج المنتجات وزيادة الإنتاج، ونتجه إلى عرض كافة المنتجات من خلال يوم الجمعة الخضراء أو green Friday، الذي سنفتح فيه الكلية للجمهور في الجمعة الثانية من كل شهر بداية من شهر يناير المقبل، وبأسعار أقل من الخارج بجودة أعلى لأننا نجري كافة التحليلات في مجمع المعامل البحثية بالكلية الحاصل على شهادات اعتمادات دولية لتقديم منتج أمن وفقا للمواصفات القياسية المصرية.

*كيف تقدم الكلية لسوق التصنيع الغذائي طالب قادر على الابتكار؟

في هذا الوقت يقدم طلاب برنامج التصنيع الغذائي قبل التخرج منتجا متميزا، ويشترط أن يكون به ابتكار؛ لأن هناك رجال أعمال في مجال الأغذية يأتون إلى الكلية لمشاهدة تلك الابتكارات، ومؤخرا كان هناك 25 منتجا من عدد من الطلاب، وأكثر ما أعجبني فيها هو تحويل طلاب لعصير الطماطم إلى بودرة مما يسهل الاستخدام، وأيضا طالبة أخرى صنعت البسطرمة من لحم الرومي لتبتعد عن مركبات النيتريت التي توضع على البسطرمة المصنعة من اللحوم الحمراء، وهى لها أثر ضار على الصحة، وهذا تفكير خارج الصندوق، إلى جانب عمل طالبة لخبز التوست من الخرشوف إلى جانب تجفيف البطاطس والبطاطا بصورة جيدة جدا، وهذا من ضمن 25 مشروعا، وقلت للطلبة سأوفر لكم المعدات والإمكانيات والتسويق داخل الجامعة، وسأحدد لكم نسبة من الربح لأمنحهم خبرة تأسيس العمل الخاص بهم بقواعد مهنية قبل تخرجهم.

*ماذا تحتاج من الدولة حتى تنطلق الكلية في مجال التصنيع الغذائي؟ 

أتمنى أن تمنح الفرصة لتسويق كل المنتجات التي تخرج من طلاب الكلية، طالما هي تخضع لأعلى درجات الجودة والفحص، لتشجيع المشروعات الصغيرة، واللائحة التنفيذية لقانون الجامعات ستتضمن أن يكون من حق الجامعات إنشاء شركات، وطالما الخريج يعمل تحت إشراف الكلية، فيجب على الدولة أن تساعده لأنه يخدم اتجاهتها في المشروعات الصغيرة وريادة الأعمال.

*كيف وصلتم بالطلاب إلى مرحلة التشارك مع الإدارة في العمل؟

بدأنا ذلك بمبادرة بسيطة أسميناها "همم الشباب لتجميل الكلية" مقابل مبالغ رمزية، ولمعلوماتك فكلية الزراعة بجامعة القاهرة ذات مساحة ضخمة، فبدون المزارع فنحن نتحدث عن 330 فدانا و104 مبانٍ، وشارك في تجميل كل تلك المساحة أكثر من 120 طالبا وطالبة لتجميل الحدائق وزراعتها في إزالة المخلفات الزراعية ودهان المباني، وخلال 24 يوما أزلنا أكثر من 40 طنا مخلفات زراعية، وزراعة 4 آلاف متر مربع نجيلة طبيعية ودهان الأسوار من الداخل والخارج، وهذا كان اللبنة الأولى في كسب الطلاب بالعمل معهم كتف بكتف ومشاركتهم كل التفاصيل، فغيرنا المفاهيم بين الطلاب حول قيم العمل والانتماء بالكلية، وهناك طلاب طلبوا استمرار المبادرة والعمل داخل الكلية في أيام الجمعة والسبت بدون أي مقابل، وذلك لأنهم شاهدوا العميد والأساتذة والإدارة والموظفين يعملون معا في نفس الوقت، ويأكلون معا في نفس الوقت، وصنعنا حالة إيجابية كبيرة جدا داخل الكلية دفعت أعضاء هيئة تدريس وإداريين للتبرع والمشاركة، وغيرت المفاهيم بين الكبير والصغير، وهو ما دفعنى للتفكير في الإدارة المقبلة عمل مبادرة تنظيف وزراعة الأسطح، وسيكون لكل مبنى مشرف و10 طلاب يعملون عليه، ويكون نصف الإنتاج للطلاب والنصف للكلية، وسنعرض تلك النماذج للمجتمع المدني والسوق لتقديم خدمة عمل مشروعات زراعة الأسطح بسعر التكلفة، وسأسوق أيضا الخريج الذي أشرفت عليه ليكون فاعلا في السوق لنشر فكرة زراعة الأسطح على أسس علمية.

*كيف يمكن أن تساهم كلية الزراعة بجماعة القاهرة في تطوير التغذية المدرسية؟
أحب مبدئيا تأكيد أن علينا تغيير الفكر في إنتاج وجبة التغذية المدرسية، خاصة أن القيادة السياسية لديها الاستعداد الكامل للاهتمام بتغذية النشأ الصغير، فيجب أن ننفق في إطار متطور، ونحن في كلية الزراعة لدينا استعداد في قسم الصناعات الغذائية لعمل منتجات حسب الاحتياجات الغذائية لطلاب المدارس، وبها كل النسب من الحديد والفيتامينات من الأغذية المخمرة، وهو توجه عالمي لإنتاح هذا النوع من الأغذية من الأرز مع الزبادي، ولدينا بحث بهذا مع أحد الطلاب، ولديه منحه الآن في الصين والقيمة الغذائية لهذا المنتج تساوى 4 أضعاف المنتجات الأخرى، ولا يكلف 200 جرام منه سوى جنيه واحد فقط، ولدينا استعداد لتقديم ذلك للدولة، وسر التصنيع هدية من الكلية للدولة. 

*كيف ترى دعوة الرئيس لاهتمام المصريين بأوزانهم وكيف نترجم ذلك للواقع ؟

نحن نحتاج شيء واحد، وهو شرح السلوك الغذائي الصحيح من رياض الأطفال، ويجب أن يكون هناك مادة تشرح من الصغر السلوك الغذائي والتغذية السليمة وحتى لا يكتسب الطفل عادات وتقاليد خاطئة، فيجب أن تكون تلك العملية من الصغر، وأن يعي ما يحتاجه الجسم من بروتين ودهون وعناصر معدنية، وأن يركز الإعلام على التغذية السليمة، وأن تعد حصة التدبير المنزلي مرة أخرى للمدارس، وهي مادة مهمة جدا في تشكيل الوعي الغذائي للطلاب، فعلى الصعيد الشخصي مازلت أتذكر ما تعلمته في تلك الحصص منذ أكثر من 40 عاما.
إلى جانب ذلك أرى أن نهتم أكثر بثرواتنا المتاحة لزيادة المواد المفيدة في غذائنا، فمثلا العالم كله يركز على الأوميجا ثري المستخلصة من زيت السمك، ونحن لدينا ما هو الأفضل من ذلك وهو زيت بذر الكتان المعروف بالزيت الحار، والذي يمد الجسم بالدهون المفيدة، ويحمي عضلة القلب، ويطرد الدهون الضارة.

*ماهي أمنياتك لكلية الزراعة خلال العام المقبل؟ 
هذا العام كلية الزراعة جاءت نتيجتها بين 88% إلى 95% نجاح بين الطلاب، والعام المقبل نتمنى أن الدفعة جميعها تكون في المرحلة الأولى، ونحن أيضا مقبلون على منحة أمريكية لإنشاء 3 مراكز تميز علمي الأول في المياه، والثاني في الطاقة، والثالث في الزراعة، وتقدمنا للحصول على مركز الزراعة، ودخلنا تحالفا مع 3 جامعات كبرى في الولايات المتحدة، وهي: كورنيل وهي رقم 10 على مستوى العالم، وجامعة ميتشجين، وجامعة يو سي ديفز، وجامعة بوردو، وشركتين من الهند، وسيتم إعلان النتيجة النهائية شهر فبراير، وهذا مشروع لمدة 5 سنوات بـ 30 مليون دولار، ومن ضمن أهداف المشروع عمل درجات علمية مشتركة في الماجستير والدكتوراه والبكالريوس وبرامج علمية مشتركة، و50 منحة للسفر إلى أمريكا لأعضاء الهيئة التدريس والطلاب.

*ماهو دعم الجامعة للكلية؟
دعني أقول أن لولا دعم رئيس الجامعة الدائم والمستمر للكلية لم تكن لنحقق كل تلك النجاحات، وسيحضر رئيس الجامعة الدكتور محمد عثمان الخشت مجموعة من الافتتاحات كتبرع من رجال الأعمال خريجي الكلية، ووصل التبرع إلى 5 ملايين جنيه، وهم قامات من خريجي الكلية منهم المهندس حامد الشيتي، والمهندس سمير النجار، والمهندس سمير السمان، إلى جانب أن هناك تواصلا مستمرا مع الشيخ سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة، وسنقدم خطة لتطوير كافة معامل الكلية، وسنرسل له كافة الملفات لتطوير معامل الكلية، والرجل ما زال مهتما بالكلية ومستمرا في التواصل معنا، هناك أيضا التواصل مع رجال الأعمال لتطوير لوائح البكالوريوس التي لم تتغير منذ 10 سنوات، ويتم تطويرها كلها، وتم عمل مجلس استشاري يضم 21 رجل أعمال في قطاع الإنتاج الزراعي والتصنيع الزراعي لأخذ رأيهم في عمليات التطوير داخل الكلية.
الجريدة الرسمية