رئيس التحرير
عصام كامل

«صفائح الدم».. البحث عن سراب..الحكومة لم تلتزم بوعدها للمرضى.. والأجهزة معطلة.. 3500 جنيه رسم تشغيل الجهاز.. الأطباء للأهالي: «مفيش فصال».. و400 كيلو للحصول على كيس دم في الوادي ال

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

في مصر لا يكفي أن يكون المرض هو مصدر الألم الوحيد، بل يمكن القول إنه لا يتعدى كونه مجرد بداية لـ«رحلة ممتدة من الآلام»، رحلة لا مكان إلا للمعاناة فيها، والبسطاء فقط من يسددون «فاتورة الوجع».


السرطان.. الذي استوحش كثيرًا خلال السنوات الماضية، نهش أجساد المصريين، لم يرحم أحدًا، كان واحدًا من أسباب المعاناة المتجددة التي لم تفرق بين طفل أو امرأة أو رجل، شاب أو عجوز، فالجميع كانوا سواسية أمام جبروته وخسته، فرحلة العلاج تستلزم الحصول على «صفائح دموية»، والأخيرة يجب أن يتوافر جهاز بمواصفات معينة لاستخراجها من الدم، ومن هنا تبدأ المعاناة، فالجهاز لا يتوافر في غالبية مستشفيات مصر، وإن توافر فإن الفاتورة تكون «باهظة» جدا، وتستنزف ما تركه السرطان خلفه.

الحكومة وعدت من قبل بإنشاء مصنع لمشتقات الدم بهدف تخفيف الوجع وتوفير مستلزمات الدم ولكن كالعادة لم تف بوعدها.

كفر الشيخ
«أم جمال».. سيدة من محافظة كفر الشيخ، أم لثلاثة أطفال، الأكبر في الصف الثاني الإعدادي، والأصغر لم يقفز بعد عتبة عامه الرابع، زوجها عامل باليومية، سنوات عمرها كانت تمر عادية، حتى جاءت اللحظة التي قلبت حياتها رأسًا على عقب، بعدما اكتشفت إصابتها بـ«سرطان الغدد الليمفاوية».

أيام حزينة استطاعت «أم جمال» تجاوزها بصبر وإيمان، لتبدأ بعدها رحلة العلاج من المرض اللعين، حيث صدر لها قرار بإحالتها إلى مركز الأورام في مدينة طنطا، التابعة لمحافظة الغربية، لإجراء عملية «على نفقة الدولة»، ثم صدر لها قرار ثانٍ بالتحويل إلى المستشفى العسكري في محافظة كفر الشيخ لعمل «إشعاع»، ثم أجريت لها عملية زراعة نخاع على نفقة الدولة.

إلى هنا كانت رحلة علاج «أم جمال» تسير في طريقها الصحيح، حتى فوجئت بأن العلاج اللاحق للعملية لم يكن ضمن قرار العلاج الصادر لحالتها، فلم تجد أمامها إلا شراءه على نفقتها الخاصة، ولأنها لا تمتلك الأموال اللازمة لتغطية مصروفات العلاج، لم تجد حلًا سوى بيع جزء من أثاث منزلها، لتتمكن من توفير 17 ألفا و100 جنيه تكلفة العلاج.

بصوت لم يخلُ من حزن وإرهاق واضح تابعت: «بعد إجراء العملية أصبت بشلل نصفي، لأن عملية زرع النخاع أثرت على العصب، وبعدها كنت أعاني ضعفا شديدا في المناعة وبحاجة إلى صفائح دموية بشكل مستمر من بنك ناصر ضمن قرار العلاج، لكن المشكلة الكبرى ما زالت في العلاج فتكلفته باهظة للغاية، فعلي سبيل المثال أشتري شريط حبوب كل 5 أيام ثمنه 2000 جنيه، بخلاف 250 جنيها أسبوعيا تكاليف المواصلات من كفر الشيخ لمعهد ناصر بالقاهرة، علاوة على المرور والتنقل بين المستشفيات لعدم توافر الأجهزة الخاصة بفصل الصفائح الدموية، بالإضافة إلى تكلفة كيس الدم الواحد التي تتجاوز الـ250 جنيها وأحتاج في الجلسة الواحدة من 5 لـ6 أكياس.

من جانبه أوضح الدكتور، طارق الشربيني، مدير عام الطب العلاجي بكفر الشيخ، أن «مرضى الأورام يحتاجون لثلاثة أنواع من العلاج، (جراحي أو كيماوي أو إشعاعي) ويوجد نوع آخر من العلاج اسمه العلاج الهرموني، وسبب عدم تواجد أجهزة علاج الأورام في المستشفيات الحكومية يرجع لعدة أسباب أبرزها أن علاج مريض السرطان يفضل أن يكون بمكان مجمع لجميع أجهزة المرض أو على الأقل غالبيتها رحمة بالمريض الذي يخوض سلسلة من المعاناة لا حصر لها، إضافة إلى أنه -وحتى الآن- لا يوجد مكان متخصص متكامل لعلاج الأورام بمحافظة كفر الشيخ، باستثناء وجود علاج كيماوي في العبور خاص بالمرضى الخاضعين لمظلة التأمين الصحي، بينما يوجد علاج إشعاعي بالمستشفى العسكري للمحافظة، ومنذ فترة بسيطة تم التعاقد مع استشاري أورام لإجراء جراحات كل يوم اثنين بالمستشفى العام، حسب الإمكانيات المتاحة، إلا أنه يفضل وجود مركز واحد يجمع الخدمات كافة.

وأضاف: من أبرز الأسباب الرئيسية وراء غياب تلك الخدمة في المستشفيات الحكومية هو عدم استيعاب تلك المستشفيات تقديم الخدمة الطبية الكاملة لمريض السرطان، لعدم وجود كوادر بشرية وأجهزة ومستلزمات طبية، والتركيز بدلا من ذلك على تقديم الخدمات الأبسط، والتي يحتاجها الغالبية من المواطنين، ثم التوسع في تأدية الرعاية الصحية تدريجيا، كما كشف أن «محافظة كفر الشيخ بها مركزان لعلاج الأورام، غير إنهما لا يزالان تحت الإنشاء، الأول مركز الأورام، وكان يتبع جمعية الأورام، وتم ضمه مؤخرًا لوزارة الصحة، وهذا المركز يحتاج إلى ميزانية ضخمة لاستكماله، والمركز الثاني هو الآخر تحت الإنشاء وتابع لمستشفى الجامعة بالمحافظة، ولا أعلم لماذا تبدأ الجامعة من الصفر، ولا تتحد مع وزارة الصحة في استكمال مركز الأورام القديم والذي انتهت أكثر من 90% من إنشاءاته بدلا من الدعوة للتبرع لفتح مركز أورام بالجامعة يؤدي نفس الخدمة العلاجية التي سوف يؤديها المركز الأول.

قنا
«الفلوس مشكلة.. غير إنه حتى وبعد توافرها فإن مشكلات أكبر تحول دون أن يحصل المرضى على العلاج والخدمات اللازمة».. بهذه العبارة يمكن تلخيص معاناة مرضى السرطان بمختلف قرى مراكز محافظة قنا، تلك المحافظة الجنوبية التي تعاني نقص أجهزة فصل الصفائح الدموية بالمستشفيات العامة، وتواجدها بالمستشفى الجامعي علاوة على تكاليف رسوم فتح الجهاز التي تصل لأكثر من 3 آلاف جنيه، بالإضافة إلى جهاز آخر ببنك الدم يستغرق وقتًا طويلًا حتى يستخرج الصفائح المطلوبة، ما يتسبب في معاناة كبيرة للمرضى.

محمود سيد محمد، الذي يعاني في رحلة البحث عن صفائح دموية لوالدته التي تعاني من السرطان بعد جلسة العلاج الكيماوي، بمعهد الأورام بقنا، قال: «اصطحبنا والدتي إلى البيت وفجأة وجدناها تعاني حالة إعياء شديدة، وعند إحضار الطبيب طلب منا إحضار كيس دم وآخر «صفائح دموية»، ظللنا نبحث في العديد من المستشفيات ولم نجده سوى في المستشفى الجامعي، غير إننا فوجئنا بالعاملين هناك يطالبوننا بدفع 3500 جنيه رسوم فتح الجهاز، ولم نكن وقتها نمتلك المبلغ، فما كان منا إلا أن طالبنا بتخفيض المبلغ، غير إنه اصطدمنا برفضهم بحجة أن «الرسوم غير قابلة للنقص».

وقالت لنا طبيبة في المستشفى «مفيش فصال»، فلم يكن أمامنا إلا إحضار المبلغ وكل هذا أخذ وقتًا طويلًا، وبعد الحصول على الصفائح تدهورت حالة والدتي، واستدعت الدخول إلى العناية المركزة، لنبدأ رحلة جديدة في البحث عن غرفة في المستشفى الجامعي الذي تكون الأولوية فيه لأصحاب الواسطة والمعارف، وعندما حاولنا البحث عن غرفة عناية مركزة في المستشفى العام لم ننجح في الحصول على سرير كثيرًا نظرًا لقلة عدد الأسرة، وهو الأمر الذي دفعنا إلى البحث عن مستشفى خارج المحافظة.

ومن داخل «دائرة المعاناة» ذاتها قالت شيرين محمد على، من مركز أبو تشت: شقيقتي كانت تعاني من نزيف حاد بعد الولادة وكانت تحتاج لصفائح دموية، ووالدي وشقيقي سعيا على مدار يوم كامل باحثين عن تلك الصفائح الدموية، وللأسف لم نجد، وهو ما اضطرنا للسفر إلى محافظة أسيوط لإحضار الصفائح، ولكن الطبيب طلب منا نقل شقيقتي إلى أسيوط أفضل من أن تظل وقتًا طويلًا، وعندما استجبنا لنصيحة الطبية تدهورت حالة شقيقتي، وعند وصولها إلى المستشفى تم عمل اللازم لها، وقال لنا الطبيب: «احمدوا ربنا إنه نجاها.. كانت هتموت»، كل هذا بسبب عدم وجود جهاز فصل الصفائح الدموية في محافظة قنا.

وأضافت: لم نكن على دراية أن المستشفى الجامعي في قنا به جهاز الفصل، مع الأخذ في الاعتبار أن شراء وحدة الدم بعد الفصل بــ500 جنيه، لافتة إلى أن بعض المرضى يحتاجون 10 وحدات، مما يعد إرهاقًا ماديًا ونفسيا ومعنويًا، هذا بخلاف تكبد المعاناة في السفر للحصول على الوحدات.

من ناحيته أكد الدكتور محمد الديب، مدير مستشفى قنا العام، أن هذا الجهاز بسيط، ويتم سحب الصفائح مباشرة من المتبرع ووضعها في الكيس المخصص له، ويصل ثمنه إلى نحو مليون جنيه، ونسعى خلال الفترة المقبلة لتوفيره لتخفيف العبء على المرضى وذويهم للحصول على صفائح الدم.

في حين قالت الدكتورة رشا فرغلي، مدير بنك الدم الإقليمي، بمحافظة قنا: الجهاز بدأ العمل به منذ شهرين تقريبًا، بواسطة فريق مدرب على أعلى مستوى، ولا توجد رسوم فتح للجهاز فالدولة هي التي تتكلف بعمل صورة دم كاملة للمتبرع للتأكد من سلامته، وبعدها تبدأ مراحل عمل فصل الصفائح الدموية، وتبلغ تكلفة الوحدة في البنك 150 جنيها، والمتبرع يظل على الجهاز قرابة الـ100 دقيقة، والطاقم يعمل على مدار الـ24 ساعة، لكن المرضى وذويهم لقصر مدة الجهاز في البنك لم تصل إلى المعلومة.

وأكملت: غالبية الحالات التي تحتاج الصفائح من مرضى السرطان بعد جلسات الاشعاع، والنزيف بعد الولادة وفي بعض حالات الأطفال الصغار المولدون ببعض العيوب، والبنك دائما ما يسعى لتوفير كميات احتياطية من وحدات الدم بمختلف بنوك المستشفيات التابعة للمحافظة، وحال عدم وجود متبرع يتم توفير المتبرع من موظفي البنك.

القليوبية
محافظة القليوبية لم تكن أفضل حالًا من محافظة قنا، فالمسافة التي تفصل بينهما، رغم اتساعها، لكن الأزمة كانت واحدة، فالمحافظة الأكثر قربًا من العاصمة، تعاني –هي الأخرى- من نقص أجهزة فصل الصفائح الدموية التي تحتاجها الحالات المرضية من المصابين بأمراض الدم والسرطان ونقص المناعة وحالات الولادة وغيرها.

القليوبية.. منذ سنوات كانت تعتمد على جهاز واحد موجود بمستشفى الأطفال التخصصي بمدينة بنها، لا يكفي احتياجات المحافظة، غير إنه تعطل وأصبحت المحافظة بلا جهاز لفصل الصفائح الدموية، مما ساهم في زيادة معاناة المواطنين.

محمد الدكر، أحد أبناء بنها، ولديه تجربة مريرة فيما يتعلق بـ«الصفائح الدموية» يروي فصولها بحزن واضح: «نجلي مصاب بالسرطان منذ سنوات، والحصول على الصفائح الدموية معاناة متكررة، حيث معظم الوقت أتعامل مع بعض المستشفيات الخاصة خارج المحافظة لتوفير احتياجاتي من الصفائح التي لا تكون متواجدة معظم الأوقات بالمحافظة رغم وجود متبرعين بالدم، لكن تكلفة فتح الجهاز مرتفعة جدًا وفقا لما يخبرنا به مسئولو المستشفيات، خاصة تكلفة الكبسولات (الإرب) التي يتم تركيبها داخل الجهاز، وهو السبب في ندرته بالمحافظة».

من جهته قال الدكتور محمد كليب، مدير مستشفى الأطفال التخصصي للأطفال: مستشفى الأطفال ظل طيلة سنوات يمد المحافظة بالجهاز الوحيد لفصل الصفائح الدموية، لكن الجهاز قديم والكبسولات التي يتم وضعها داخله أصبحت غير موجودة، لذلك تم التوقف عن العمل به، وإيمانا بالدور الاجتماعي والإنساني الهام لهذا الجهاز تم استقدام جهاز متطور جديد، ومن المتوقع تشغيله خلال الفترة المقبلة.

في حين قال الدكتور إبراهيم راجح، رئيس أقسام الباثولوجيا الإكلينيكية وبنوك الدم المركزية ومعمل الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية: تم إعادة تشغيل جهاز الصفائح الدموية بالجامعة منذ أسبوعين «تحت الاختبار»، والجهاز صيني، وهناك جهاز آخر سيتم الدفع به فور انتهاء المناقصة الخاصة به، كما أكد أن «الوحدات المستخدمة لتشغيل الجهاز متاحة من 6 وحدات لـ24 وحدة ويبلغ ثمن الوحدة 150 جنيها، وهي تكلفة إنتاج الصفائح بالضبط دون أن يكون هناك عائد منها أو تغطية لثمن الصيانة»، مشيرا إلى أنه في حالة التزام وتعاون المواطنين سيستمر الجهاز في أداء وظيفته، وما يجعل ثمن الوحدة مرتعا هو تكلفة «الارب» العالية.

وأوضح أن «الاحتياطي الخاص بالدم بالمستشفى الجامعي كاف بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 20% من أسرة المستشفى، وهذه معدلات دولية آمنة، ويوجد 150 كيس دم و200 كيس بلازما معروضة لحركة الدخول والخروج بالمستشفيات الجامعية، إضافة إلى الاحتياطي الإستراتيجي، والجامعة تكلف كيس الدم 400 جنيه، ويتم بيعه نظير 150 جنيها، ويتم السماح بالتبرع خلال الفترة من 3 إلى 6 أشهر، حيث إن مكونات الدم يعاد ضخها مرة أخرى بشكل صحيح، ونسبة حدوث أي أمراض بالدم تكون منعدمة لدى الأفراد الذين يتبرعون بالدم بصفة دورية».

الوادي الجديد
«البعيد عن العين.. بعيد عن الخدمات».. الوصف الأدق للأزمات التي تعاني منها محافظة الوادي الجديد، ويعتبر بنك الدم على رأس هذه المشكلات ويمثل أزمة ومعاناة للمواطنين، خاصة أن المحافظة بها بنك دم وحيد غير مجهز بالأجهزة المتطورة كالتي توجد في المستشفيات الجامعية، فضلا عن أنه يخدم 5 مستشفيات هي: «الخارجة العام، الداخلة المركزي، بلاط المركزي، الفرافرة المركزي، وباريس المركزي».

ويحتاج مستشفى كـ«الفرافرة» إلى إرسال أكياس الدم الخاصة به لأكثر من 500 كم حتى تصل بنك الدم الوحيد بمستشفى الخارجة العام، وذلك لعدم وجود بنك خاص بها، كما يحتاج مستشفى الداخلة وبلاط إلى إرسال أكياس الدم لبنك مستشفى الخارجة لمسافة تتجاوز 400 كم ذهابا وإيابا، ورغم مناشدات ومطالبات المواطنين المستمرة لتدعيم المستشفيات ببنوك الدم والأجهزة اللازمة، فإن هذه المناشدات لم تجد صدى أو حلولا على أرض الواقع حتى الآن، ولا تزال معاناة المواطنين مستمرة.

محمد نور، من أهالي واحة الداخلة، أكد عدم وجود بنوك للدم في المستشفيات المركزية التي تخدم أعدادا كبيرة من المواطنين، مشيرا إلى أنه في حال وجود مريض في حالة حرجة، ويحتاج إلى نقل دم فإنهم يقطعون مسافة كبيرة لمستشفى الخارجة العام لجلب أكياس الدم، أو يتحمل المتبرعون مشقة السفر والذهاب للتبرع بالدم في المستشفى، مضيفا «هذه الرحلة تستغرق أكثر من 7 ساعات كاملة قد لا نستطيع خلالها إنقاذ المريض إن كان في حالة حرجة تحتاج نقل دم سريع كمرضى السرطان».

وأضاف: والدتي الراحلة كانت ضمن ضحايا عدم وجود بنك للدم، وما أزال أتذكر عندما كانت مريضة بمستشفى الداخلة المركزي، وحضر الطبيب وأكد احتياجها لكيس من الدم، ولأن مستشفى الداخلة ليس به بنك دم والإجراءات تستلزم خطابا من المستشفى لمخاطبة مستشفى الخارجة لاستقدام كيس دم يبعد عنه ذهابا وإيابا 400 كم متر، توفيت والدتي قبل أن يتم إنقاذ حياتها.

من جهتها قالت الدكتورة سيدة مشرف وكيل وزارة الصحة بمحافظة الوادي الجديد: الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، وافقت على استثناء مستشفى الداخلة العام من شروط إنشاء بنك دم إقليمي بها والتوجيه بالإنشاء الفوري واستكمال الأجهزة المطلوبة بالبنك حفاظا على صحة وسلامة المواطنين، وهذا البنك سيخدم أهالي كل من واحة الفرافرة والداخلة وبلاط وشرق العوينات، وكانت هناك موافقة سابقة من الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة بإنشاء بنك الدم بمستشفى الداخلة، وبالفعل تم توريد ثلاجة وديب فريزر، لتخزين الدم، لكن لم يجر استكمال عملية التنفيذ، لعدم توافر الشروط المطلوبة لإنشاء بنك دم إقليمي، ما أدى إلى تأخر التنفيذ الفعلي.

المنيا
محمد إبراهيم عويضة، صاحب الـ30 عامًا، من أبناء محافظة المنيا، روي رحلة معاناته مع مرض والدته بسرطان الثدي، قائلًا: منذ نهاية عام 2017 أصيبت والدتي بسرطان الثدي، ومن المعروف أن المرض في بدايته لا يحتاج لنقل دم، لكن مع بداية تلقى والدتي لجلسات العلاج الكيماوي بدأت المعاناة، حيث أصيب جسدها بـ«أنيميا وهشاشة في العظام»، هنا كانت والدتي بحاجة إلى نقل دم بعدما وصلت نسبة الأنيميا في جسدها لـ6، علمًا بأن النسبة الطبيعية ما بين 12 لـ15، وبدأنا رحلة البحث عن «كرات دم مكدسة» وليس دما كاملا، فلجأنا لمستشفى المنيا الجامعي لأنه يمتلك جهاز فصل الدم، لطلب بلازما أو كرات دم مكدسة، خاصة أننا لم نكن من ضمن مرضى المستشفى، ففوجئنا بالتكلفة تتراوح بين 1400 إلى 1600 جنيه، لأن سعر كيس الدم بـ500 جنيه، ناهيك عن رفضهم الدائم للمتبرع بدمه ويحتاج إلى فصل.

وعندما حاولنا الذهاب إلى بنك الدم الإقليمي الكائن في مدينة المنيا لم نجد إلا إجابة واحدة: «معندناش إلا الدم الاحتياطي»، فلم يكن أمامنا إلا التوجه للمستشفيات العامة بالمحافظة، وهناك يتم فصل الدم يدويًا، ورغم قلة الاستفادة من كيس البلازما إلا أننا مجبرون أن نأخذه بأسعار باهظة.

وتابع: «75% من مستشفيات المحافظة تفصل الدم يدويًا، حيث يترك المسئول عن بنك الدم داخل المستشفي كيس الدم في وضع أفقي، وبعد مرور عدة ساعات تتركز كرات الدم الحمراء أسفل الكيس، وتطفو «البلازما» ذات اللون الأصفر، وهو غير صحي وغير آمن ولكن ما باليد حيلة».

من جانبه أكد الدكتور علاء السيد، نائب مدير مستشفى المنيا الجامعي: المستشفى يمتلك جهاز فصل الدم الموجود في بنك الدم الإقليمي فقط، ويتم فصل الدم دون أن يتحمل المريض أية مصروفات، وذلك للمرضى المتواجدين داخل مستشفى المنيا الجامعي، وأجهزة الفصل تعمل بكامل طاقتها، ولكن المبالغ التي تذكر في عملية فصل الدم مبالغ فيها، وما أود تأكيده هو أن سعر كيس الدم فارغ للمرضى الخارجين عن المستشفى 500 جنيه، وهذا مبلغ تم تحديده من قبل وزارة الصحة، بالإضافة إلى البلازما أو كرات الدم الحمراء المكدسة أو صفائح الدم كل نوع له سعره.

الإسكندرية
«معاناة وشقاء» أجواء يعيشها أهالي ومرضى محافظة الإسكندرية، وتحديدًا الحالات التي تحتاج للصفائح الدموية، حيث يضطر المريض إلى تحمل ألفي جنيه في سبيل الحصول على الصفائح المطلوبة، إلى جانب إلزامه بإحضار المتبرع، بسبب عدم وجود الجهاز في غالبية المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة أو التأمين الصحي، حيث لا يوجد إلا داخل المستشفيات الجامعية.

عز الدين إبراهيم، طالب بكلية الزراعة بالإسكندرية، أكد أنه واجه الكثير من الصعوبات للحصول على صفائح دموية وتوفيرها لوالده إثر تعرضه لحادث تصادم سيارته منذ شهرين، بسبب عدم توافر جهاز فصل الصفائح الدموية في المستشفيات العامة، ومن ثم اضطر للجوء إلى بنك الدم والمستشفيات الجامعية والخاصة، لتوفير احتياجات والده من الدم ومشتقاته، كما أشار أيضا إلى أنه لجأ إلى تقديم متبرع من أجل سرعة إنقاذ الحالة وتوفير أكياس الدم لفصل الصفائح الدموية، ودفع مبلغ يتراوح من 2000 لـ3000 جنيه، إلا أن المشهد يعيد تكرار نفسه مرة أخرى، من خلال احتياج أحد أفراد أسرته لأكياس الدم لفصل صفائح دموية ونفس الأمر تكرر معهم بأحد المستشفيات، ووقفوا عاجزين لعدم قدرتهم على الشراء بهذه الأسعار لإنقاذ ذويهم، بالإضافة إلى عدم توفر لبعض الفصائل من الدم، في كثير من المستشفيات وبنك الدم، ما يشكل معاناة كبيرة لأسر المرضى.

في حين أكد محمد محمود طالب بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، أنه سلك نفس رحلة المعاناة مع أحد أطفال عائلته لتوفير أكياس الدم اللازمة لعملية فصل الصفائح، من خلال اللجوء إلى بنك الدم والمستشفيات؛ لسرعة إنقاذ الطفل، إلا أن محاولاتهم لم تأت بالفائدة بسبب عدم وجود الجهاز في المستشفيات العامة، واقتصر وجوده على المستشفى الجامعي وبعض مستشفيات وزارة الصحة، ما دفعهم إلى اللجوء إلى شراء أكياس الدم والذي وصل سعره لـ٣٠٠٠ جنيه، مشيرًا إلى أن الكثير من الأسر تلجأ إلى الوساطة في الحصول على الصفائح الدموية، والبعض الآخر يلجأ إلى شراء المتبرعين الأمر الذي يشكل عبئا على أهالي المرضى.

من جهتها رفضت قيادات مديرية الصحة بالإسكندرية ومدير بنك الدم الإدلاء بأي تصريحات خاصة بنقص جهاز فصل الصفائح الدموية من عدمه والرد على أسئلة أهالي المرضى.

أما إدارة مستشفى رأس التين، فأكدت عدم وجود هذا الجهاز بالمستشفى، والتعامل في كل ما يخص الدم ومشتقاته مع بنك الدم، وفي بعض الأحيان المستشفيات الجامعية، كما أن جهاز فصل الصفائح الدموية قيمته عالية للغاية، وتصل لأكثر من مليون جنيه، ويحتاج متخصصين في مجال الدم ومشتقاته.
الجريدة الرسمية