رئيس التحرير
عصام كامل

تفاصيل الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري للمبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة

الدكتور محمد شاكر
الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء

ألقى الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة كلمــة في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري الأول لمجلس إدارة المبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة (AREI) رحب فيها نيابة عن حكومة جمهورية مصر العربية وبالأصالة عن نفسه، بالحضور في موطنهم الثاني مصر لعقد الاجتماع الوزاري الأول للمبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة (AREI)،


وأشار الدكتور شاكر في كلمته إلى الاجتماع الذي تم عقده في 9 نوفمبر 2018 بجوهانسبرج مع ألفا كوندي، رئيس جمهورية غينيا ومنسق موضوعات الطاقة المتجددة في أفريقيا، حيث تم تذكير وزراء الطاقة بالدور القيادي الذي يجب أن يؤدوه حتى يمكن التنفيذ الناجح لمبادرة الـ AREI.

كما تم اقتراح عقد اجتماع وزراء الطاقة بالدول أعضاء مجلس مبادرة الـ AREI لتسهيل تبادل وجهات النظر والخبرات ووضع آليات أفضل لمراقبة الأنشطة المتعلقة بالطاقة المتجددة في البلدان والمناطق المختلفة، بالإضافة إلى مناقشة التحديات التي تواجه المشاركة الفعالة في تنفيذ المبادرة، وسيتم تقديم نتائج الاجتماع الوزاري إلى مجلس إدارة مبادرة الـ AREI المقبل والمقرر عقده على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في فبراير 2019.

وأوضح شاكر أهمية الاجتماع المنعقد اليوم حيث إن نتائج هذا الاجتماع الوزاري ستوجه رسالة قوية إلى شركائنا الدوليين لإظهار مدى جديتنا في تنفيذ مبادرة الـ AREI، ونحن نعلم جيدًا أن هناك العديد من المبادرات والبرامج لتعزيز الطاقة المتجددة في أفريقيا، لكن مبادرة الـ AREI مختلفة لأنها مملوكة للقارة الأفريقية وتعتمد على مجهوداتنا وسواعدنا لتسريع وتوسيع استخدام الإمكانات الضخمة من الطاقات المتجددة المتوفرة بالقارة الأفريقية، حيث أطلقها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي - رئيس جمهورية مصر العربية خلال اجتماع مؤتمر الأطراف (COP21) بباريس في 2015 بصفة مصر - في حينها - رئيس اللجنة الأفريقية لرؤساء الدول والحكومات الأفريقية المعنية بتغير المناخ.

كما أوضح أن هذه المبادرة تأتي في وقت نعمل فيه جميعًا على تطوير البنية التحتية للطاقة في أفريقيا على جميع المستويات سواءً القارية أو الإقليمية أوالوطنية، كما أن الطاقة المتجددة سوف تلعب دورًا رئيسيًا بأجندة الاتحاد الأفريقي حتى عام 2063 لتحقيق التنمية المستدامة بالقارة.

وأشار إلى التحديات تواجهها أفريقيا في تحسين رفاهية الشعوب الأفريقية والتي من بينها عدم إمكانية الوصول إلى خدمات الطاقة الحديثة حيث هناك أكثر من 600 مليون شخص في أفريقيا لا يحصلون على الكهرباء وخدمات الطاقة الحديثة، ومعظمهم في جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية Sub Saharan.

وذلك بالرغم من أن أفريقيا تمتلك موارد وفيرة من الطاقات المتجددة، فوفقًا للتقرير الصادر عن المنظمة العالمية للربط الكهربائي (GEIDCO) تعتبر القارة الأفريقية من أكبر مصادر الطاقة النظيفة في العالم حيث تصل نسبة إمكانات الطاقة الشمسية في أفريقيا إلى نحو 40٪ من الإجمالي العالمي (665 ألف تيراوات ساعة سنويًا)، و32٪ من إجمالي العالمي لطاقة الرياح (67 ألف تيراوات ساعة سنويًا) بالإضافة إلى 12٪ من إجمالي قدرات الطاقة المائية العالمية (330 جيجاوات).

وأضاف شاكر أنه هناك العديد من التغيرات العالمية التي من شأنها أن تؤدي بنا إلى التحول في الطاقة والتي سوف تتطلب تغييرا في شكل إنتاج واستهلاك الكهرباء، وتعتبر هذه التغييرات بمثابة تحديات نواجهها مثل نضوب الوقود الأحفوري - محددات تغير المناخ وخاصة بعد اتفاق باريس في مؤتمر الأطراف (COP21) بالإضافة إلى الطموحات الكبيرة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري - وتفعيل الأهداف الأممية الـ 17 للتنمية المستدامة، ومن أهم هذه التغييرات التحول من استخدام الشبكات التقليدية إلى الشبكات الذكية والتحول من الربط الكهربائي الإقليمى إلى الربط العالمى ومن السيارات التقليدية إلى استخدام السيارات الكهربائية ومن توليد الطاقة الكهربائية باستخدام الوقود الإحفورى إلى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.

وفي ضوء تسارع الاهتمام العالمي بالطاقات المتجددة خاصة مع الانخفاض المستمر في أسعارها وتطور التقنيات المستخدمة في إنتاج الكهرباء منها والذي جاء متزامنًا مع تزايد الاهتمام العالمي بقضايا التغير المناخي وارتفاع أسعار الوقود الإحفوري، واستنادًا إلى تقرير REN21 لعام 2018 فقد ساهمت مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 2،18% في استهلاك الطاقة العالمي عام 2016 وبنسبة 5،26% من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة عام 2017 حيث بلغت القدرات الكهربائية المركبة من مشروعات الطاقات المتجددة نحو 2،2 تيراوات، وبلغت الاستثمارات العالمية في مجال تكنولوجيا الطاقات المتجددة ما يقرب من 280 مليار دولار أمريكي في عام 2017، وهناك ما يقدر بنحو 3،10 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة وفرتها مشروعات الطاقة المتجددة، وتعتبر مشروعات توليد الكهرباء بتكنولوجيا الخلايا الفوتوفلطية أكبر مصدر للوظائف.

وأكد شاكر أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يحتاج إلى بيئة مناسبة، وهنا تأتي أهمية وضع أطر تنظيمية لقطاع الطاقة في أفريقيا لتشجيع استثمارات القطاع الخاص ومعالجة مختلف التحديات والمخاطر التي تواجه مشاريع الطاقة المتجددة. كما أن زيادة مشاركة القطاع الخاص الأفريقي في نشر الطاقة المتجددة بالقارة وهو أحد المبادئ الرئيسية لمبادرة الـ AREI.

وفي هذا الإطار، أشار الدكتور شاكر إلى للإجراءات التي قامت بها مصر على مدى السنوات الأربع الماضية للتعامل مع التحديات التي واجهها القطاع وتهيئة البيئة المناسبة لتشجيع مشاركة القطاع الخاص، فبالرغم من التحديات الكبيرة التي واجهتها مصر في توفير الطاقة خلال الفترة السابقة، فقد استطعنا على خلفية الاستقرار السياسي اتخاذ عدد من الإجراءات والمبادرات والسياسات الإصلاحية للتحول في الطاقة من أجل تأمينَ الإمداداتِ بالطاقة الكهربائية واستدامتها وتحسين كفاءة استخدامها وفتح الأسواق أمام استثمارات القطاع الخاص في مجال الطاقة التقليدية والمتجددة، والشبكات الذكية والربط الكهربائى، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية وتطبيق نظام الحوكمة.

وكان من أهم ثمار هذه السياسات نجاح قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر إضافة نحو 25 ألف ميجاوات خلال الأربع سنوات الماضية مما ساهم في القضاء نهائيًا على أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى وتحقيق احتياطي آمن من الطاقة الكهربائية.

وأشار إلى أن قطاع الكهرباء يعمل حاليًا على رفع كفاءة شبكات الكهرباء من خلال خطة متكاملة لتحسين وتطوير شبكات نقل الكهرباء بما في ذلك محطات المحولات ذات الجهد الفائق ومراكز التحكم وكذلك شبكات التوزيع والعدادات الذكية وذلك بتكلفة إجمالية نحو 4 مليارات دولار بهدف تقوية الشبكة القومية لاستيعاب القدرات المولدة من الطاقات المتجددة وتقليل الفقد بالشبكة، وتعزيز الربط الكهربائي مع دول الجوار.

وفي إطار الاستفادة من ثروات مصر الطبيعية وبخاصة مصادر الطاقة المتجددة فقد تم في عام 2016 اعتماد إستراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة في مصر حتى عام 2035 والتي تتضمن تعظيم مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لتصل نسبتها إلى نحو 46% عام 2035، هذا وقد اتسقت إستراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة في مصر مع إستراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030) والأهداف الأممية الـ 17 للتنمية المستدامة، مؤكدا أنه في هذا الصدد، نحن على استعداد تام لمشاركة هذه التجربة مع جميع البلدان الأفريقية.

في ضوء ما تتمتع به مصر من ثراء واضح في مصادر الطاقات المتجددة المستدامة من الرياح والشمس حيث يتوفر في مصر إمكانيات من سرعات رياح تُعد من أعلى المعدلات في العالم وكذلك ارتفاع متوسط الإشعاع الشمسى المباشر لوقوعنا في الحزام الشمسى، حيث تم تخصيص أراضي تقدر بنحو 7650 كم2 لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة تستوعب قدرات تصل إلى 35 جيجاوات من طاقة الرياح و55 جيجاوات من الطاقة الشمسية.

وخطت مصر خطوات مهمة للاستفادة من الإمكانيات الهائلة من الطاقة المتجددة وفقًا لعدد من الآليات أهمها المشروعات الحكومية ومنتج الطاقة المستقل وطرح المناقصات التنافسية بالإضافة إلى نظام تعريفة التغذية للطاقات المتجددة، حيث تم بالفعل توقيع عدد 32 اتفاقية لشراء الطاقة من الطاقة الشمسية بإجمالي قدرة 1465 ميجاوات يتم تنفيذها حاليًا كأكبر محطة طاقة شمسية في العالم في مكان واحد في منطقة بنبان جنوب مدينة أسوان، وقد تم توصيل أول مشروع بقدرة 50 ميجاوات بالشبكة الكهربائية في مارس 2018، وسيتم توصيل باقي القدرات بالكامل تدريجيًا إلى الشبكة حتى نهاية العام الجاري 2019.

ونتيجة لما سبق، أصبح عدد كبير من المستثمرين على ثقة في قطاع الطاقة المصري، وتقدم العديد من المستثمرين الأجانب والمحليين للاستثمار في مشاريع القطاع، ونجح القطاع في الحصول على عروض بسعر تنافسي بلغت 75،2 سنت دولار للكيلوات ساعة للطاقة المنتجة من محطات الطاقة الشمسية و12،3 سنت دولار للكيلوات ساعة للطاقة المنتجة من مزارع الرياح، وسيقوم القطاع مستقبلًا بطرح جميع المشروعات بنظام (Auction) والذي يحقق أعلي فائدة من خلال الحصول على أقل الأسعار.

إن الربط الكهربائي يلعب دورًا هامًا في تعزيز أمن الطاقة. لذلك، تشارك مصر بفاعلية كبيرة في جميع مشاريع الربط الكهربائي الإقليمي، مثل الربط القائم حاليًا مع دول المشرق العربي، ودول المغرب العربي، والربط الجاري تنفيذه مع المملكة العربية السعودية، ومن خلاله سيتم ربط مصر بدول الخليج وآسيا. كما تم الانتهاء من إعداد دراسة الجدوى المبدئية للربط الكهربائي بين مصر وقبرص واليونان حيث ستكون مصر جسرًا للطاقة بين أفريقيا وأوروبا. هذا ويجري العمل حاليًا في مشروع الربط الكهربائي مع السودان ومن المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من المشروع خلال الشهرين المقبلين، هذا بالإضافة إلى توقيع مصر لمذكرة تفاهم مع المنظمة العالمية للربط الكهربائي Global Energy Interconnection Development and Cooperation Organization (GEIDCO) بهدف تعزيز مفهوم الربط الكهربائي العالمي للطاقة حتى عام 2050.

وباستكمال مشروعات الربط المشار إليها سوف تصبح مصر مركزًا محوريًا للربط الكهربائي بين أوروبا وآسيا والدول الأفريقية.

وأوضح أن مبادرة الـ AREI قد انتقلت الآن إلى مرحلة التنفيذ، لذا يجب أن يركز اجتماعنا اليوم على الإجراءات العملية. وأؤكد على أننا كقادة لقطاعات الطاقة يجب أن نتوصل إلى توصيات ملموسة وخطة عمل واضحة حول كيفية المضي قدمًا للبدء فورًا في مجالات العمل الرئيسية لمبادرة الطاقة المتجددة في أفريقيا الـ AREI، وبصفة خاصة ما يلى:

- تحديد الخبرات والأنشطة اللازمة لتعزيز التنسيق وخلق تضافر بين المبادرات الحالية والمستقبلية، بما يساعدنا في التعرف على أفضل الأنشطة الحالية والمعوقات، والتنسيق بصورة أفضل بين المبادرات.

- تعزيز السياسات والأطر التنظيمية والحوافز.
- حشد وبناء القدرات والشراكة التي تراعي أصحاب المصلحة على جميع المستويات.

وتابع: أود الإشارة إلى أن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر تنفذ مشروعًا طموحًا للتدريب وبناء القدرات بالدول الأفريقية، حيث تم حتى الآن تنفيذ 107 برامج تدريبية وعدد من ورش العمل خلال السنوات العشر الماضية بمشاركة 1793 متدرب من الدول الأفريقية، ويوجد في مصر أكثر من 20 مركز تدريب تم اعتماد اثنتين منهما من قبل جمعية مرافق الطاقة الأفريقية (Association of Power Utilities of Africa “APUA”)، كما قمنا منذ ثلاثة أشهر بتوقيع مذكرة تفاهم مع الكوميسا بشأن التدريب وبناء القدرات لمنطقة الكوميسا.
الجريدة الرسمية